الإثنين 1 سبتمبر 2025
spot_img

قابلة للتعديل في الميدان.. شراكة “بريطانية أسترالية” لتطوير صواريخ موجهة منخفضة التكلفة

spot_img

شراكة دفاعية جديدة بين أستراليا وبريطانيا

أعلنت بريطانيا وأستراليا عن إطلاق شراكة دفاعية جديدة تهدف إلى تطوير الجيل القادم من الأسلحة الموجهة منخفضة التكلفة، في خطوة وُصفت بأنها نقلة نوعية في الابتكار العسكري.

ووفقًا لمعلومات نشرتها الحكومة الأسترالية منذ أيام، فإن هذه المبادرة التي تحمل اسم “اتفاقية مشروع Copperhead” تم توقيعها رسميًا في فبراير الماضي بين مجموعة العلوم والتكنولوجيا الدفاعية الأسترالية (DSTG) ومختبر العلوم والتكنولوجيا الدفاعي البريطاني (Dstl).

وتهدف الاتفاقية إلى تسريع وتيرة الابتكار في تطوير الأسلحة عبر اعتماد تقنية معيارية تعرف بـ “التوصيل والإطلاق” (Plug and Launch)، بما يقلص من كلفة التصنيع والوقت اللازم للانتقال من مرحلة الفكرة إلى مرحلة الاستخدام الفعلي في الميدان.

دمج التقنيات بين البلدين

يعتمد برنامج Copperhead على دمج تكنولوجيا الصواريخ الموجهة Sharktooth التي تطورها أستراليا مع منصة الاختبارات المعيارية البريطانية Modular Weapons Testbed. ويتيح هذا الدمج إنشاء منصة تعاونية يمكن من خلالها تبديل ودمج أنظمة فرعية مثل الباحثات، ووحدات الدفع، والرؤوس الحربية، وأنظمة التوجيه بسرعة ومرونة.

ويُعد مشروع Sharktooth، الجاري تطويره حاليًا داخل DSTG، حجر الأساس لهذا التوجه المعياري، إذ يمنح القدرة على إعادة تهيئة السلاح ليتناسب مع مهام مختلفة، وهو ما يُعتبر ميزة حاسمة في الحروب الحديثة حيث تتطور التهديدات بوتيرة أسرع من دورات التسلح التقليدية.

ثورة في استجابة القوات المسلحة

قال الدكتور مايكل شارب، رئيس الأبحاث في DSTG، إن مفهوم “التوصيل والتشغيل” قد يُحدث تحولًا جذريًا في طريقة استجابة الجيوش للتحديات العملياتية. وأوضح أن تمكين الجنود من إعادة ضبط أنظمة الصواريخ ميدانيًا يغيّر نموذج تصنيع الأسلحة التقليدي، ويفتح الباب أمام حلول أكثر مرونة وأقل تكلفة تمنح ميزة غير متكافئة على أرض المعركة.

وتتوافق هذه الرؤية مع خطة الأسلحة الموجهة والذخائر المتفجرة (GWEO) التي تعد ركيزة أساسية في استراتيجية أستراليا لتعزيز صناعاتها الدفاعية المحلية، والمدعومة باستثمار حكومي يقارب 60 مليون دولار.

دعم القدرات الصناعية الأسترالية

إلى جانب الابتكار التقني، يسعى البرنامج إلى تعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية لأستراليا عبر بناء قدرات محلية جديدة في مجالات إنتاج محركات الصواريخ، وتطوير الرؤوس الحربية المعيارية والصواعق، إضافة إلى تكنولوجيا الباحثات وأنظمة التوجيه والتحكم المتقدمة.

ومن خلال التعاون مع بريطانيا في تطوير هذه التقنيات، تأمل أستراليا في أن تصبح مُصنّعًا موثوقًا للأنظمة الفرعية الحرجة، التي كانت تُستورد تقليديًا من الخارج، مما يقلل من هشاشة سلاسل الإمداد في بيئات النزاع.

أهمية استراتيجية مشتركة

أكدت البروفيسورة تانيا مونرو، كبيرة علماء الدفاع في أستراليا، أن مشروع Copperhead لا يُمثل مجرد اتفاقية لتبادل التكنولوجيا، بل هو جهد استراتيجي متعمد لتأمين “ميزة غير متكافئة” عبر العلم والابتكار، بما يضمن للقوات المسلحة الأسترالية الحفاظ على التفوق في ظل بيئة أمنية عالمية متدهورة.

أما بالنسبة لبريطانيا، فيوفر البرنامج منصة لاختبار وتأكيد صلاحية هياكل صاروخية متقدمة قد تؤثر على برامجها المستقبلية، فيما يمثل بالنسبة لأستراليا قفزة نوعية نحو تعزيز قدرتها الإنتاجية الذاتية ضمن مبادرة “صُنع في أستراليا المستقبلية”.

في السياق العالمي

يأتي مشروع Copperhead ضمن سياق عالمي يشهد تحولات في تصميم الأسلحة المعيارية. فقد طورت الولايات المتحدة برنامج الصاروخ جو-أرض المشترك (JAGM) الذي يعتمد على مكونات مشتركة لتشكيل عائلة من الأسلحة الدقيقة، فيما كانت أوروبا عبر شركة MBDA رائدة في هذا المجال بأنظمة مثل صواريخ الدفاع الجوي CAMM وأسلحة الضربات SPEAR.

لكن هذه الجهود الأميركية والأوروبية ما تزال مرتبطة بشركات دفاعية كبرى ودورات تطوير طويلة وتكاليف مرتفعة. وعلى العكس، يتميز Copperhead بتركيزه على المرونة وسرعة التكامل والتكلفة المعقولة، مع إعطاء الأولوية لإعادة التهيئة السريعة في الميدان بدلًا من الاقتصار على وفورات التصنيع واسعة النطاق.

أبعاد استراتيجية في المحيطين الهندي والهادئ

ترى أستراليا وبريطانيا أن هذه المرونة قد تشكل عامل تفوق حاسم في بيئة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تزداد أنظمة منع الوصول ومنطقة الحرمان (A2/AD) التي ينشرها الخصوم تنوعًا وتعقيدًا. وفي مثل هذه الظروف، يمكن للقدرة على تعديل الباحث أو الرأس الحربي أو وحدة الدفع بسرعة أن تمنح القوات ميزة عملياتية فارقة.

وإذا حقق البرنامج أهدافه، فقد يشكل نموذجًا لجيل جديد من الأسلحة الدقيقة المعيارية التي تستطيع الدول الحليفة الأصغر تطويرها وإنتاجها بشكل مشترك دون الاعتماد الكامل على عمالقة الصناعات الدفاعية التقليدية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك