مع اقتراب موعد الانتخابات المباشرة في الصومال عام 2026، تشهد الساحة السياسية تحولات مفاجئة، حيث انضم مؤيدون جدد إلى المسار الانتخابي بعد أن كانوا منتقدين له في السابق، ويأتي هذا التطور عقب انسحاب قادة بارزين من “منتدى الإنقاذ” المعارض لتشكيل أحزاب جديدة والمشاركة في هذا الاقتراع التاريخي.
خلافات تعزز فرص الاقتراع المباشر
تتزامن هذه التحولات مع خلافات عميقة بين الحكومة الفيدرالية الصومالية و”منتدى الإنقاذ”، الذي يرأسه الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد، حول قضايا جوهرية، أبرزها الانتخابات. يرى خبراء أن هذه الخلافات قد تعزز فرص نجاح الاقتراع المباشر وتقليل المعارضة التي كانت ظاهرة منذ بداية العام.
الانتخابات المباشرة.. جدل متصاعد
يتصاعد الجدل في الصومال حول الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، والتي تأتي بعد 57 عامًا من آخر اقتراع عام 1968. تمثل هذه الانتخابات بديلاً عن الانتخابات غير المباشرة التي اعتمدت على المحاصصة القبلية في الولايات الخمس، والتي تم العمل بها بعد “انقلابات وحروب أهلية”.
انسحابات من “منتدى الإنقاذ”
أعلن رئيس الوزراء الصومالي السابق، عمر عبد الرشيد، ورئيسا البرلمان السابقان شريف حسن شيخ آدم ومحمد مرسل شيخ عبد الرحمن، ووزير الإعلام السابق طاهر محمود جيلي، انسحابهم من “منتدى إنقاذ الصومال” المعارض الذي كانوا من مؤسسيه، وذلك استعدادًا لتأسيس أحزاب سياسية جديدة.
تحولات سياسية عميقة
أشار هؤلاء السياسيون إلى أنهم يعتزمون تأسيس أحزاب سياسية استعدادًا للمشاركة في الانتخابات المرتقبة العام المقبل. الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، يرى أن هذه الانشقاقات تشير إلى تطورات لافتة وتحولات داخلية عميقة قد تعيد رسم خريطة التحالفات السياسية في البلاد.
غياب الرؤية الموحدة
أكد كلني أن هذا الانفصال كان متوقعًا في ظل غياب مبادئ مكتوبة أو رؤية موحدة تجمع أعضاء المنتدى، إلا أن سرعة التطورات واتساع نطاقها فاجأت الجميع. “منتدى الإنقاذ” يتكون من شخصيات سياسية سابقة ذات نفوذ، لكن غياب إطار تنظيمي واضح أو أجندة سياسية مشتركة ساهم في خلق بيئة غير مستقرة داخليًا.
أسباب الانقسامات
لا تتوفر حتى الآن معطيات قاطعة حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الانقسامات، لكنها قد تكون نتيجة لمناقشات سياسية تقودها الحكومة بهدف إعادة هيكلة المشهد السياسي. بالإضافة إلى تصريحات وزير الدفاع الصومالي، أحمد معلم فقي، أو ممارسات ترهيب أمني.
تحذيرات حكومية
وجه وزير الدفاع الصومالي تحذيرًا لقادته من محاولة تشكيل قوة عسكرية أو حمل أسلحة، مؤكدًا أن الحكومة لن تتردد في اتخاذ إجراءات صارمة ضدهم إذا فعلوا ذلك. وقبل هذا التحذير، صرح الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بأن المعارضة، خصوصًا “منتدى إنقاذ الصومال”، منقسمة على نفسها.
نظام “صوت واحد لشخص واحد”
أكد الرئيس الصومالي تمسكه بإيصال البلاد إلى انتخابات “صوت واحد لشخص واحد” المقررة العام المقبل. وتشير المعطيات إلى احتمال اتجاه الأعضاء المنشقين نحو تشكيل برنامج سياسي جديد، أو الالتحاق بحزب الرئيس حسن شيخ محمود، مما سيضيف زخمًا سياسيًا جديدًا إلى الحزب الحاكم.
تأسيس حزب العدالة والتضامن
ازدادت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيس حسن شيخ محمود “حزب العدالة والتضامن” في مايو الماضي، وتسميته مرشحًا له في الانتخابات المباشرة المقبلة، وتلاها إصدار 15 شخصية سياسية بارزة بيانًا يدعو إلى عقد مشاورات عاجلة لإنقاذ البلاد.
منتدى المشاورات الوطنية
بالمقابل، بدأ الرئيس الصومالي جولات للحوار، عبر عقد منتدى المشاورات الوطنية في العاصمة مقديشو في يونيو الماضي، لمناقشة قضايا تعزيز وحدة البلاد واستكمال الدستور والعملية الانتخابية ومكافحة الإرهاب. وقد أكد حسن شيخ محمود على الانخراط في حوار مع المعارضة.
تأخر الحوار والخلافات
بعد نحو أسبوع على انطلاق منتدى المشاورات، عقد حسن شيخ محمود اجتماعًا تشاوريًا مع قيادة المنتدى الصومالي للإنقاذ، انتهى بالاتفاق على فتح حوار شامل بشأن تلك القضايا. لكن تأخر موعد الحوار، وعقد الرئيس الصومالي جولة أخرى من المحادثات، قبل أن تحدث خلافات وانشقاقات بالمنتدى.
تضعيف دور المعارضة
في حال استمرار انقسامات المعارضة وتزايد الشكوك بين مكوناتها، فإن ذلك سيضعف من قدرتها على لعب دور فعال في العملية السياسية، مما سيمنح الحكومة الحالية مزيدًا من الشرعية والدفع باتجاه تنفيذ رؤيتها الإصلاحية، بحسب تقدير علي محمود كلني.
إعادة تقييم وضع المعارضة
أمام هذه التطورات السياسية والأمنية، يخلص الخبير في الشؤون الأفريقية إلى أن المعارضة الصومالية بحاجة إلى إعادة تقييم وضعها الداخلي، وتنظيم صفوفها من جديد، مع ضرورة البحث عن قيادات جديدة تمتلك الكفاءة والثقل السياسي والاجتماعي اللازم، والالتزام بقضايا الأمن الوطني وتعزيز بناء الدولة.