تكثف الحكومة اليمنية جهودها للتفاوض مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على تمويل طارئ لتجاوز الأزمة المالية الراهنة. الأزمة التي تعثرت بها الحكومة أدت إلى عجزها عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان في المناطق المحررة، فضلاً عن صعوبات في صرف رواتب الموظفين العموميين بشكل منتظم. توقف تصدير النفط بسبب هجمات الحوثيين على الموانئ، المستمر منذ أكثر من عامين، زاد من تفاقم هذه التحديات.
محادثات مثمرة
وأفادت مصادر حكومية يمنية لصحيفة «الشرق الأوسط» أن الوفد المشارك في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في العاصمة الأمريكية واشنطن، ينجز محادثات مكثفة مع مسؤولي الصندوق. الهدف هو الحصول على تحويلات مالية طارئة على غرار تلك المقدمة لدول تواجه ظروفاً مماثلة.
وأشارت المصادر إلى أن هناك دعماً من دول مؤثرة داخل الصندوق لتلبية هذا الطلب، إلا أن الموافقة ستتطلب مزيداً من المباحثات.
تواجه الحكومة اليمنية أزمة خانقة نتيجة فقدان أبرز مصادر النقد الأجنبي، وتضررت إيرادات الموانئ بشكل ملحوظ منذ سريان الهدنة تحت رعاية الأمم المتحدة، والتي أعادت فتح خطوط الملاحة إلى الموانئ التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي. هذه الظروف جعلت جهود الحكومة أكثر إلحاحاً للحصول على الدعم المالي.
لقاءات حاسمة
في هذا الإطار، التقى محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي ووزير المالية سالم بن بريك، مع المدير التنفيذي لـ”المجموعة العربية والمالديف في صندوق النقد الدولي» محمد معيط. وتمت مناقشة آخر التطورات الاقتصادية في اليمن وأثر الأزمات الإقليمية والدولية على الأسواق المالية.
وأكّد الموقع الرسمي للبنك المركزي اليمني أن اللقاء اتسم بأهمية خاصة عبر التأكيد على ضرورة تسهيل صندوق النقد للإجراءات المتعلقة ببرامج التمويل الطارئة، حيث أبدت الحكومة استعدادها لتزويد الصندوق بكل البيانات المطلوبة.
كما اجتمع المسؤولان اليمنيان أيضاً مع جهاد أزعور، رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي. وتمت مناقشة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المستمرة في اليمن، بجانب دور الهيئات المالية في تقديم الدعم خلال هذه الفترات الصعبة.
تمويل مستدام
تهدف اللقاءات الحالية مع بعثة صندوق النقد إلى الاستعداد لاستئناف مشاورات المادة الرابعة، مما سيمكن اليمن من الاستفادة من برامج الدعم المالي والفني التي يقدمها الصندوق.
تحدد المادة الرابعة من اللوائح الخاصة بالصندوق التزامات الدول الأعضاء وواجباتها من أجل تحقيق استقرار النظام النقدي عبر توجيه السياسات الاقتصادية نحو النمو المستدام، مع ضرورة التعاون مع باقي الدول لتحقيق الأمن المالي.
يُمارس الصندوق رقابة منتظمة على السياسات النقدية للدول الأعضاء، ومن المعتاد إجراء مشاورات سنوية لمراجعة الأوضاع الاقتصادية والمالية، وتقديم التوصيات اللازمة.
وفي إطار هذه المناقشات، بحث محافظ البنك المركزي ووزير المالية مع الإدارة القانونية والصندوق أوجه الدعم الفني الذي يمكن أن يُقدمه الصندوق. وقد تمت الإشارة إلى احتياجات اليمن لتحديث التشريعات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث أبدى الصندوق استعداده لتقديم الدعم في هذا الصدد.