تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن يلوح في الأفق، إذ كشف تقرير أممي حديث عن ارتفاع حاد في أعمال العنف السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية، ما ينذر بعواقب وخيمة على السكان الذين يعانون بالفعل من نقص حاد في الغذاء وتدهور مستمر في الظروف المعيشية.
تصاعد العنف السياسي
التقرير الأممي، الصادر عن برنامج الأغذية العالمي، أشار إلى زيادة بنسبة 8% في أحداث العنف السياسي خلال الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بالربع السابق، وارتفاعاً سنوياً يصل إلى 60%.
وأفاد بأن الوفيات المرتبطة بالعنف السياسي قد تضاعفت مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مع تضرر محافظات الحديدة وتعز وصنعاء وصعدة بشكل خاص، وهي مناطق تخضع بمعظمها لسيطرة الحوثيين.
تراجع واردات الوقود
يشير التقرير إلى انخفاض حاد في واردات الوقود عبر الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، لتسجل أدنى مستوى لها منذ بدء الهدنة الأممية قبل أربع سنوات.
في سياق متصل، رصد موقع بيانات النزاع المسلح تنفيذ 279 غارة جوية أمريكية على اليمن خلال شهر أبريل الماضي، وهو أعلى رقم شهري للقوات الأمريكية في أي دولة بالشرق الأوسط منذ عام 2017.
أزمة النزوح تتفاقم
وثّقت المنظمة الدولية للهجرة نزوح نحو 6391 نازحاً داخلياً جديداً خلال الربع الثاني من العام الجاري، بزيادة قدرها 80% مقارنة بالربع السابق، و 25% على أساس سنوي، مما يفاقم الضغط على الموارد المحدودة.
تدهور اقتصادي حاد
يعزو التقرير الأممي التدهور الاقتصادي إلى توقف تصدير النفط الخام من قبل الحكومة اليمنية منذ أواخر عام 2022، مما أدى إلى انخفاض حاد في عائدات النقد الأجنبي واحتياطات العملة، إضافة إلى تراجع التحويلات والاستثمارات الخارجية والمساعدات.
هذا الوضع دفع بقيمة الريال اليمني إلى الانهيار أمام الدولار، ودفع الاقتصاد إلى حافة الركود، مما يزيد من معاناة المواطنين.
صورة قاتمة للاقتصاد
يرسم تقرير برنامج الأغذية العالمي صورة قاتمة للأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرة الحوثيين، مشيراً إلى عوامل تزيد من الضغوط، بما في ذلك العقوبات الأمريكية، والنقص الحاد في الدولار، وقيود السيولة، وتعطل سلاسل التوريد، ومحدودية التحويلات، واضطرابات النظام المصرفي، وتدمير موانئ البحر الأحمر.
ويتوقع البنك الدولي أن يعيش ما لا يقل عن 74% من سكان اليمن في فقر مدقع، بناءً على خط الفقر الوطني.
مخاوف بشأن الوقود والغذاء
يشير التقرير إلى أن واردات الوقود عبر موانئ البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة الحوثيين كانت في شهر يونيو الماضي أقل بنحو 47% عن متوسطها المتحرك لمدة 12 شهراً، لتصل إلى أدنى مستوى شهري منذ بدء الهدنة الأممية في أبريل 2022.
كما انخفضت الكميات المتراكمة من الوقود في مناطق الحوثيين خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 18% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
تأثير التصعيد البحري
يرجح التقرير أن يكون انخفاض واردات الوقود مرتبطاً بتراجع سعة التخزين والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للموانئ، ويؤكد أن التصعيد الأخير في البحر الأحمر أدى إلى ارتفاع تكاليف التأمين على الشحن إلى أكثر من ضعف المعدل السابق.
توقعات غذائية مقلقة
يظهر من بيانات البرنامج الأممي أن واردات الوقود عبر موانئ عدن والمكلا الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية ظلت خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام عند مستويات متقاربة مع الفترة نفسها من العام السابق، بزيادة طفيفة قدرها 2%.
ومع ذلك، لا تزال التوقعات تثير القلق على الصعيد الوطني، حيث يؤدي تدهور البنية التحتية لموانئ البحر الأحمر في مناطق الحوثيين، وانخفاض قيمة العملة في مناطق سيطرة الحكومة، إلى زيادة مخاطر ارتفاع أسعار الوقود ونقصه.
نقص حاد في الغذاء
يرجح التقرير أن تغطي احتياطات الغذاء الحالية في اليمن الاحتياجات لنحو شهرين فقط، ويشير إلى أن واردات الأغذية عبر موانئ البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون سجلت انخفاضاً بنسبة 19% على أساس سنوي.
ويتوقع التقرير أن يظل توافر الغذاء أقل من المعدل الطبيعي حتى شهر فبراير 2026، بسبب تلف البنية التحتية للموانئ، وانخفاض سعة تفريغ البضائع، وقلة هطول الأمطار.
تحذيرات من ارتفاع الأسعار
يوضح برنامج الأغذية العالمي أن الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية شهدت ارتفاعاً في واردات الوقود بنسبة 84% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ومع ذلك، لا يزال خطر ارتفاع أسعار المواد الغذائية مرتفعاً في مناطق الحوثيين، مدفوعاً بانقطاعات الاستيراد، ونقص الوقود المحتمل، والقيود المتعلقة بتصنيفهم “منظمة إرهابية أجنبية”.