تشهد اليمن تحديات متزايدة في الأمن الغذائي، في ظل توقعات بتقليص الدعم المقدم من برنامج الغذاء العالمي خلال العام المقبل، وسط تحذيرات من منظمات دولية بشأن أزمة إنسانية غير مسبوقة وتصاعد معدلات الجوع وسوء التغذية.
تخفيض دعم الغذاء
أفاد ممثلو برنامج الغذاء العالمي خلال اجتماع مع مسؤولين يمنيين في العاصمة المؤقتة عدن، بأن حجم الدعم المخصص لليمن سيشهد انخفاضاً تجاوز النصف مقارنة بالعام الماضي.
وشدد ممثلو البرنامج على أهمية إطلاع الاتحاد الأوروبي والجهات المانحة الدولية على آخر التطورات المتعلقة بالوضع الإنساني في اليمن، بهدف ضمان استمرار تدفق الدعم الكافي لتلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية.
تعاون أممي يواجه تحديات
في سياق متصل، أكد مصدر حكومي يمني أن العلاقة بين الحكومة والوكالات الأممية لم ترتقِ إلى مستوى التعاون الفعال، مشيراً إلى أن الجهات الرسمية لم تستفد من “التحول الإداري” نحو عدن، وأن أنشطة الوكالات لا تزال مرتبطة بمكاتبها في صنعاء، حيث تواجه صعوبات من قبل الحوثيين.
ناقش الجانبان آليات تعزيز الشراكة في مجالات الأمن الغذائي، واستقرار الأسواق، وتقييم الوضع الغذائي، وتأثير المتغيرات الاقتصادية وتحسن قيمة العملة المحلية على أسعار السلع الغذائية، مقارنة بالاضطرابات التي تؤثر على سلاسل الإمداد.
تنسيق لضبط الأسواق
أعلنت وزارة الصناعة والتجارة اليمنية عن اتفاق مع برنامج الغذاء العالمي لتعزيز التنسيق المشترك وتبادل المعلومات الاقتصادية والفنية، بهدف ضبط الأسواق وضمان استقرارها.
يشمل التعاون بناء القدرات، وتبادل الخبرات لتطوير نظام المخزون الاستراتيجي، ودراسة سلاسل الإمداد، وحصر تكلفة السلع لضمان وصولها إلى المستهلك بأسعار عادلة.
مخزون استراتيجي محدث
استعرض مسؤولون حكوميون آلية عمل برنامج المخزون الاستراتيجي والأمن الغذائي، الذي يتم تحديث بياناته تلقائياً عند وصول المواد الغذائية الأساسية إلى المنافذ الجمركية، بهدف بناء مخزون وطني استراتيجي وتفعيل نظام الإنذار المبكر لرصد أي تأثير على توفر السلع واستقرار أسعارها.
أشاد الوفد الأممي بإسهامات البرنامج في تخفيف الضغوط على السوق المحلية وتحسين الوضع الاقتصادي من خلال المساعدات الغذائية، مثنياً على دور الفرق الرقابية التابعة للوزارة في ضبط السوق ومنع الاختلالات السعرية.
تفاقم الوضع الإنساني
حذر جمال بلفقيه، المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، من تدهور الوضع الإنساني والإغاثي في اليمن، مشيراً إلى أن تركز أنشطة المنظمات والوكالات الأممية في صنعاء أدى إلى خلل كبير في إدارة الأموال وتنظيم العمل الإنساني.
أكد بلفقيه أن نشاط المنظمات الدولية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية يعاني من نقص التمويل، وأن تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية يسعى لتغطية هذا العجز، مشيراً إلى أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى عدن سيسهم في تحسين الاستجابة.
أزمة غذاء متصاعدة
أصدرت أكثر من 30 منظمة دولية ومحلية تحذيراً بشأن تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، مؤكدة أن البلاد تشهد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه نصف السكان الجوع، ويعاني نصف الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية المزمن.
أوضحت المنظمات أن محافظتي الحديدة وتعز تواجهان مستويات حرجة من سوء التغذية، مما ينذر بارتفاع نسب سوء التغذية الحاد بنسبة تتراوح بين 15 و30 في المائة بحلول العام المقبل، محذرة من تقويض التقدم الذي تحقق في هذا المجال خلال السنوات الماضية.
تحرك دولي عاجل
دعت المنظمات إلى تحرك دولي عاجل لمواجهة أزمة الجوع المتفاقمة في اليمن، مطالبة المانحين بتكثيف جهودهم، مشيرة إلى أن واحدة من كل ثلاث عائلات تواجه مستويات متوسطة إلى حادة من انعدام الأمن الغذائي.
حذرت المنظمات من أن الوضع يتدهور بوتيرة متسارعة، حيث سيعاني أكثر من 18 مليون يمني مستويات متأزمة من الجوع مطلع العام المقبل، بينهم نحو 41 ألفاً معرضون لخطر المجاعة.
قيود على المساعدات
أشارت المنظمات إلى أن القيود المفروضة على العمل الإنساني في مناطق سيطرة الحوثيين تحد من حصول السكان على المساعدات، وتشمل هذه القيود تقييد حركة النساء العاملات في المجال الإنساني ومنعهن من السفر دون مرافقين ذكور.
دعت المنظمات إلى إنهاء النزاع وتحقيق السلام، وتعزيز جهود التعافي الاقتصادي، وتمكين الزراعة وسبل العيش القادرة على التكيف مع التغير المناخي.
تواجه الوكالات الأممية وموظفوها إجراءات تعسفية من قبل الحوثيين، بما في ذلك اقتحام المقار واختطاف الموظفين واتهامهم بالتجسس.