أجرت قوات مشاة البحرية الأميركية (المارينز) من الفرقة البحرية الثالثة أول مناورة تدريبية متكاملة على الأراضي اليابانية، مستخدمة نظام اعتراض السفن الاستكشافي البحري (NMESIS)، في خطوة تمثّل “محطة حاسمة” نحو تبني استراتيجية ردع موزعة عبر الجزر في غرب المحيط الهادئ.
مناورة بحرية كبرى
المناورة جرت في منطقة التدريب المركزي قرب معسكر هانسن، حيث اختبر خلاله القوات جدوى نشر النظام في ظروف واقعية، مما يسهم في تعزيز قدرات منع الوصول البحري، التي تعتبر جوهر العقيدة العملياتية الجديدة لـ”المارينز”، بحسب موقع Army Recognition.
يعتبر نظام NMESIS من الأنظمة الحديثة للصواريخ المضادة للسفن، حيث يتيح لمشاة البحرية الأميركية القدرة على ضرب السفن المعادية من اليابسة، ما يمتدح بسلاسة التكيف مع التغيرات السريعة في ساحة المعركة.
يجمع النظام بين صاروخ الضربة البحرية بعيدة المدى (Naval Strike Missile) ومنصة الإطلاق غير المأهولة ROGUE-Fires، المثبتة على مركبة تكتيكية خفيفة مشتركة (JLTV)، ما يضمن سرعة الانتشار وسهولة المخفية في البيئات الجزرية المتنوعة.
دلالات استراتيجية
يعكس نشر نظام NMESIS في اليابان الأهمية الاستراتيجية المتزايدة للقوات الأميركية في المحيط الهادئ، في ضوء التوسع البحري السريع للصين ونشاطها المتزايد في بحر الصين الشرقي والجنوبي.
توفر جغرافيا اليابان، وبالأخص أوكيناوا، موقعاً ملائماً لوحدات مشاة البحرية الأميركية، حيث تتيح الوصول الفوري إلى المضائق وسلاسل الجزر الحيوية، مما يعزز من إمكانية الرد السريع والردع متعدد الطبقات.
وصل النظام إلى اليابان عبر السفينة USNS Guam في 10 يوليو، وتم دمجه فوراً في تدريبات نفذتها وحدات مشاة البحرية الساحلية.
تدريبات عدة
شملت التدريبات محاكاة لإجراءات إطلاق صواريخ من قبل بطارية الصواريخ متوسطة المدى الثانية عشرة، بدعم من عناصر الفوج الساحلي الثالث، الذين شاركوا سابقاً في مناورات “باليكاتان” في الفلبين، وهي تدريبات عسكرية سنوية كبرى بين واشنطن ومانيلا.
على الرغم من عدم إطلاق صواريخ حية خلال التدريب، أجريت عمليات كاملة لتحديد الهوية وحتى محاكاة التحكم في النيران، مما يُظهر جاهزية القوات الأميركية لاستخدام النظام في سيناريوهات بحرية حقيقية.
توسيع القدرات البحرية
تأتي هذه المناورة بعد نشر النظام في جزيرة باتان شمال الفلبين بتاريخ 26 أبريل، ضمن مناورات “باليكاتان 2025″، وهي وتد تجريبي لنظام صواريخ أميركي متنقل مضاد للسفن، مما يعكس رسالة واضحة لبكين حول تعزيز القدرات البحرية.
كما تكشف كيف اندرج نظام NMESIS ضمن استراتيجية أوسع تدور حول منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تهدف إلى تطوير قوات استكشافية سريعة وفتاكة وقادرة على العمل من سواحل متنازع عليها.
خطط مستقبلية
يعتزم سلاح مشاة البحرية الأميركي نشر 261 منصة إطلاق NMESIS ضمن 14 بطارية بحلول عام 2030، حيث من المتوقع أن تصل إلى القدرة التشغيلية الأولية بحلول نهاية العام الجاري.
من المتوقع أن يتسلم فوج مشاة البحرية الساحلي الثاني عشر، المتمركز في أوكيناوا، أول بطارية NMESIS تعمل بكامل طاقتها في أوائل عام 2026.
وأكدت قيادة أنظمة “المارينز” أن البرنامج يسير وفق الجدول الزمني المحدد، مع استمرار الاختبارات والتدريبات حتى نهاية العام.
أهمية الصمود
أكثر من سرعة أو مدى المنصات فرط الصوتية المستقبلية، تكمن قوة نظام NMESIS في قدرته على البقاء، وسهولة إخفائه، وسرعة إعادة تموضعه في البيئات الجزرية المعقدة.
ويرى محللو الدفاع أن تلك الميزات تجعل منه خياراً مثالياً لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث يُعتبر الدفاع الساحلي الثابت أهدافاً سهلة، فيما تتمكن الأنظمة المتنقلة مثل NMESIS من الظهور والضرب بشكل غير متوقع.
في ظل التكيف الأميركي مع عصر تنافس القوى الكبرى، يمثل NMESIS خطوة نوعية نحو حماية حرية الملاحة وتعزيز بنية الأمن القائم على التحالفات في المنطقة.