تستعد ألمانيا لانتخابات حاسمة يوم الأحد، وسط تحول موضوع اللجوء إلى قضية محورية قلق الناخبين. وقد أثرت تداعيات اللجوء على المشهد الانتخابي في البلاد، في ظل تراجع القدرة الشرائية والضغوط الاقتصادية، وفقًا للبيانات الرسمية.
صعود القلق من الهجرة
بحسب استطلاعات الرأي، يستفيد حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف من هذا الجدال، مما قد يساهم في تحقيقه نتائج غير مسبوقة. يتجه الحزب الذي تأسس عام 2013 للفوز بالمرتبة الثانية، مع توقعات بجني نحو 20% من الأصوات.
قوبلت هذه الزيادة في تأييد الحزب بهجمات إرهابية مؤسفة خلال الأسابيع الماضية، مما دفع قضية اللجوء إلى الواجهة في النقاشات الانتخابية. شهدت ألمانيا مؤخرًا ثلاث هجمات، كان آخرها في ميونيخ حيث دهس لاجئ أفغاني مجموعة من المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل شخصين.
أحداث مأساوية
قبل ذلك، تم تسجيل هجوم آخر في حديقة في أشافنبيورغ، حيث هاجم لاجئ أفغاني مجموعة من الأطفال وأدى ذلك إلى وفاة طفل ورجل. وفي حادثة ثالثة، أسفرت عملية دهس في سوق الميلاد بماغدبيرغ عن مقتل ستة أشخاص وإصابة العشرات.
نتيجة لهذه الاعتداءات، تسابقت الأحزاب الألمانية على طرح خطط لتشديد قوانين الهجرة. الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي يتزعمه فريدريش ميرتز، طرح مشروع قانون لإغلاق الحدود أمام اللاجئين وتسريع ترحيل اللاجئين المدانين. ساهمت هذه الخطوات في حصوله على دعم تفوق 30% في استطلاعات الرأي.
حملة انتخابية متنامية
كان الحزب المسيحي الديمقراطي قد سمح بإدخال أكثر من مليون لاجئ سوري، خلال فترة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. ومع ذلك، واجهت خطط ميرتز معارضة من الأحزاب الرئيسية، باستثناء “البديل من أجل ألمانيا”. رغم ذلك، تم تمرير جزء من القانون المتعلق بإعادة اللاجئين عبر الحدود بدعم الحزب المتطرف.
استدعى ذلك ردود فعل غاضبة واتهامات لميرتز بالتعاون مع الحزب، مما أثار مخاوف من تكرار تاريخ ألمانيا مع الأحزاب المتطرفة. وقد أبدت مظاهرات حاشدة احتجت على تراجع “الجدار الحماية” المتفق عليه.
تدخل أمريكي مثير للجدل
لم تكن الهجمات الإرهابية وحدها السبب وراء صعود الحزب المتطرف؛ حيث شهدت الانتخابات الحالية تدخلات غير مسبوقة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب. وقد أبدى إيلون ماسك دعمه للحزب من خلال تغريدات ولقاء مع زعيمة الحزب، أليس فيدل.
انتقد السياسيون الألمان تدخل ماسك، ولكن الوضع زاد سوءًا بخطاب نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس الذي دعى إلى تدمير “جدار الحماية”. وقد أثار عدم اجتماعه مع المستشار أولاف شولتس غضبًا بين السياسيين الألمان.
تأثير متزايد على السياسة الألمانية
طالب حزب “البديل من أجل ألمانيا” ببقاء ألمانيا بعيدة عن النزاع الروسي الأوكراني، مشيرًا إلى أنه ليس حربًا تخص ألمانيا. تأتي هذه التصريحات بالتزامن مع الذكرى السنوية لاندلاع الحرب، والتي توافق يوم الانتخابات المقبلة.
في ضوء هذه التطورات، يتوقع أن تسلط الحكومة الجديدة، التي من المرجح أن يتزعمها ميرتز، الضوء على كيفية التعامل مع العلاقات المتزايدة تعقيدًا مع واشنطن، في وقت تعاني فيه العلاقات بين الجانبين من توترات كبيرة. بينما يسعى البعض إلى تعزيز العلاقات مع كييف، يفضل آخرون عدم الانغماس في النزاعات الخارجية.
تحديات قادمة
الأعوام المقبلة تحمل تحديات كبيرة لألمانيا، في سياق الاجواء الانتخابية الحالية. وعلى الرغم من المخاوف، يظهر أن كل من الحزب الاشتراكي وحزب الخضر قد يكون لهما دور أكبر في تشكيل الحكومة المقبلة. حيث يتراجع التأييد لهما، بينما يظهر تزايد في التأييد للأحزاب الأكثر تشددًا حيال السياسات المتعلقة باللاجئين.