في ظل تصاعد الحديث عن إمكانية تكليفه بملف سلاح “حزب الله”، يعود “المجلس الأعلى للدفاع” إلى صدارة المشهد السياسي في لبنان، وسط تساؤلات حول صلاحياته وحدود تدخله في القضايا السيادية.
صلاحيات المجلس
يؤكد الخبراء الدستوريون أن “المجلس الأعلى للدفاع” لا يتحرك بشكل مستقل، بل بتفويض حكومي واضح. ومسؤولية معالجة ملف سلاح “حزب الله” تقع على عاتق مجلس الوزراء، صاحب الصلاحية الدستورية لاتخاذ القرار السياسي المناسب.
في حال قرر مجلس الوزراء إحالة هذا الملف إلى “المجلس الأعلى للدفاع”، فإنه يُكلَّف بتنفيذ ما يُطلب منه حصراً، دون أي هامش للتصرف المستقل.
تنفيذ القرارات الحكومية
لا يملك “المجلس الأعلى للدفاع” أي هامش للتصرف المستقل، فهو لا يحل محل الحكومة، بل ينفذ القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء. دوره يقتصر على تنفيذ القرارات الحكومية، ولا يمنحه القانون هامشاً للتصرف المستقل.
يرتبط تعاظم دور “المجلس الأعلى للدفاع” بالفترات الحرجة التي تمر بها البلاد، مما يستدعي التنسيق الأمني وتعزيز دور المؤسسات الأمنية والعسكرية تحت إشرافه، ضمن سقف المقررات الحكومية.
المرسوم الاشتراعي
يستمد “المجلس الأعلى للدفاع” شرعيته القانونية من “قانون الدفاع الوطني” الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 102/83، وتحديداً من المواد 7 و8 و9. وبذلك، فإن المجلس ليس مجرد هيئة استشارية، بل هو منصوص عليه في قانون نافذ ويؤدي دوراً محدداً بموجب هذا النص.
يتألف “المجلس الأعلى للدفاع” من رئيس الجمهورية رئيساً، ورئيس الحكومة نائباً للرئيس، ويضم في عضويته وزراء الخارجية والداخلية والدفاع والمالية والاقتصاد، ويُتاح لهم استدعاء من يرونه مناسباً من قادة أمنيين أو عسكريين للمشاركة في الاجتماعات وفق الحاجة.
طابع تنفيذي
تمنح المادة الثامنة من “قانون الدفاع الوطني” “المجلس الأعلى للدفاع” صفة تنفيذية، إذ ينفذ قرارات الحكومة حين يُكلَّف بذلك، إلى جانب صلاحية تقديم المشورة والتوصيات.
يكتسب دور “المجلس الأعلى للدفاع” طابعاً تنفيذياً عندما توكل إليه الحكومة مهمة محددة، فينحصر عمله حينها ضمن إطار ما حدده مجلس الوزراء.
التسلسل القانوني
لا توجد سوابق دستورية أو قانونية جرى فيها تفعيل “المجلس الأعلى للدفاع” خارج قرار سياسي صادر عن الحكومة. المجلس يبقى ضمن التسلسل القانوني والهرمي الذي يخضع لرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ولا يملك صلاحيات تتجاوز حدود التكليف الحكومي.
يرى وزير الداخلية الأسبق مروان شربل أن التعويل على “المجلس الأعلى للدفاع” لمعالجة ملف سلاح “حزب الله” يتجاوز صلاحياته الواقعية، فـ “المجلس الأعلى للدفاع” ليس بديلاً عن الحكومة، ودوره يقتصر على التنسيق الأمني وتقديم الرأي في الموضوعات التي تُعرض عليه.
توصيات سرية
الحديث عن إحالة ملف السلاح إلى “المجلس الأعلى للدفاع” لا يحل الأزمة كاملة، لأن هذا المجلس يصدر توصيات سرية بناء على مقررات اتخذتها الحكومة سابقاً.
في حال جرى تكليفه، فمن المرجح أن يقترح “المجلس الأعلى للدفاع” أن يتولى الجيش اللبناني الملف، سواء من خلال استيعاب عناصر “حزب الله” أو عبر ترتيبات أمنية معينة تُدرس بواقعية.
مؤتمر وطني
يرفض شربل المقاربات الجزئية أو التقنية لملف السلاح، مشيراً إلى أبعاد تتجاوز إطار “المجلس الأعلى للدفاع”. التعامل مع ملف السلاح لا يمكن أن يكون بقرارات مرتجلة، لأن هناك هواجس حقيقية في البيئة الشيعية وبيئة “حزب الله” يعلمها جميع المسؤولين.
المقاربة الواقعية لهذا الملف تستدعي مساراً سياسياً جامعاً على شكل مؤتمر وطني برعاية عربية ودولية. المطلوب اليوم ليس فقط حواراً داخلياً، بل مؤتمر يناقش مصير كل أنواع السلاح في لبنان، بما فيها سلاح “حزب الله”، والأسلحة الفلسطينية، وأسلحة باقي الأحزاب.
تحصين الدولة
تحصين الدولة اللبنانية يكون من خلال دعم الجيش ورئاسة الجمهورية، والعمل على معالجة الملف من جذوره، وليس عبر خطوات موضعية قد تُفجّر التوازن الداخلي بدل أن تحققه.