اتفقت القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، إلا أن تفاصيل النهج المتبع ما زالت غير واضحة، كما لم يتم تحديد موعد لعقد مؤتمر بهذا الشأن.
وفي إطار تسريبات إسرائيلية تشير إلى مساعي لإعادة إعمار جزئي، وظهور خطة أميركية جديدة تتماشى مع هذا التوجه، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تميم خلاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الهدف هو «إطلاق مسار متكامل لإعادة إعمار غزة».
كما أضافت الخارجية الأميركية أنها «تتواصل بشكل فعال مع الشركاء بشأن عمليات الإعمار». هذه التصريحات تعكس الجهود المشتركة للتعاون في تخطيط إعادة إعمار القطاع.
المسارات المتنوعة
منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، تكشفت مسارات متعددة، يتصدرها المسار المصري الذي لا يزال يسعى لترتيب مؤتمر إعادة إعمار أكمل، ويتناغم مع طرح أميركي يتماشى مع الاعتبارات الإسرائيلية. كلا المسارين يُعالج إعادة إعمار القطاع المدمر جراء النزاع الأخير.
بعد الاتفاق، كان المسار المصري هو الأكثر سرعة، حيث جدد الرئيس المصري تأكيده على ضرورة تنظيم مؤتمر لإعادة الإعمار. ورغم عدم تحديد موعد له، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية سابقًا إن مصر تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة الظروف المناسبة لعقد مؤتمر يهدف لتعافي القطاع.
لتعزيز الجهود، أشار وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في مؤتمر صحافي ببرلين إلى النقاشات مع الولايات المتحدة لتشكيل رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، وتعجيل تحديد توقيت انعقاد المؤتمر.
خطة الإعمار والدعم الدولي
في 4 مارس الماضي، اعتمدت القمة العربية الطارئة في القاهرة خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، تهدف إلى التعافي المبكر وخلق بيئة ملائمة للحياة دون تهجير الفلسطينيين، وذلك ضمن مراحل زمنية محددة تصل إلى خمس سنوات بكلفة تقدر بـ 53 مليار دولار.
كما دعت القاهرة إلى تنظيم مؤتمر دولي لدعم هذا الإعمار بالتنسيق مع الأمم المتحدة. وفقًا للأكاديمي المصري أحمد فؤاد أنور، تسعى مصر لتوفير توافق أكبر في أي نهج للإعمار يضمن استقرار غزة ويحمي الأمن القومي المصري.
المسار الأميركي والإستراتيجية المتبعة
في 21 أكتوبر، برز المسار الأميركي، حيث أكد جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي، أن إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي تُدار بعناية، مع التأكيد على نزع سلاح «حماس» لتحقيق ذلك.
وقد ناقشت صحيفة «وول ستريت جورنال» مؤخرًا خطة أعدها كوشنر والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، تُعرف بمشروع «شروق الشمس»، الذي يتضمن إجراءات تتطلب نزع سلاح حماس، مع تحديد مناطق مثل رفح للبدء في البناء.
التقديرات تشير إلى أن هذا المسار الأميركي يُعتبر أقرب لصفقة تفاوضية تهدف لتلبية المطالب الإسرائيلية، مما يتسبب في اختلاف واضح مع الرؤية المصرية.
التوقعات المستقبلية
تساؤلات عديدة تُطرح حول أي من المسارين سيكون الأكثر نجاحًا. وزير الخارجية التركي أشار إلى وجود تفاهمات قد تفضي إلى تطورات إيجابية رغم التعنت الإسرائيلي. وردت التقارير من «بلومبرغ» بأن المساعي الأميركية متواصلة لعقد مؤتمر لإعادة الإعمار في أقرب وقت ممكن.
المتحدث باسم الخارجية المصرية أشار إلى استمرار التنسيق مع الأطراف المعنية لتحقيق ظروف مواتية للتعافي وإعادة الإعمار. كما أضاف أن المحادثات تسير في مسار دعم الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته.
بينما ترى التحليلات أن المسار المصري قد يكون الأكثر قابلية للنجاح، خصوصًا مع جهود الدبلوماسية الجارية، الأمر الذي قد يساهم في إيجاد حلول توازن بين المطالب المختلفة.


