لازال عرض حلقات مسلسل الفوضى في شوارع منطقة العتبة والموسكي بوسط القاهرة مستمر، فاحـتـلال الباعة الجائلين لشوارع وحارات تلك المنطقة التراثية والتاريخية العريقة ما زال يشوه جمال الماضي ويؤرق الحاضر.
في منطقة العتبة والموسكي -في منطقة وسط البلد بمدينة القاهرة في مصر– لم يكتفي الباعة الجائلين باحتلال الأرصفة الجانبية، فالشوارع نفسها لم يعد بها مكان للعبور منها، فقط تتبقى بعض الممرات الضيقة التي تسمح للمواطنين بالتجول وسط أولئك الباعة لشراء منتجاتهم المعروضة.
مظاهر الفوضى في القاهرة التاريخية
رصدت “شبكة دال الإخبارية” مظاهر الفوضى التي تغزو ما كانت تسمى بـ”العتبة الخضراء”.. تلك المنطقة التي أصبحت سوق شعبي كبير، بعدما تحولت معظم شوارعها الرئيسية إلى أرضية يفترشها الباعة الجائلين بخلاف شوارعها الجانبية التي أصبحت أسواق متخصصة لهؤلاء الباعة.
في القاهرة الفاطمية بمنطقة “العتبة والموسكي وشارع الأزهر” ووسط البنايات والمساجد والشوارع التراثية القديمة التي يشع منها روح الماضي وعبق التاريخ الإسلامي، لم يعد هناك مجالا للاستمتاع بإرث الأجداد بسبب الأحفاد الذين شوهوا جمال المكان.
فرغم ما أنفقته ولا زالت تنفقه الدولة المصرية من أجل عودة هذه المنطقة ومحيطها لرونقها وجمالها الساحر، كمنطقة تراثية فريدة، إلا أنه لا زالت مظاهر الفوضى والعشوائية هي المسيطرة.
سوق العتبة والموسكى
“ملابس بكافة أنواعها وأشكالها للرجال والنساء والأطفال والكبار، وساعات، ونظارات، وألعاب، ومفارش، وأحذية وشنط جلدية، وأدوات منزلية، وكتب، وأدوات مدرسية وكهربائية، وعطور، وعطارة… وغير ذلك الكثير” كل ما يخطر بعقلك وترغب في شرائه موجود هناك.
في شورع العتبة والموسكي والأزهر، كل شيء معروض للبيع، فالشوارع احتلها أصحاب المحلات والباعة الجائلين بكافة المنتجات المحلية والمستوردة، فأصبحت تلك الشوارع معارض -مشوهة- لبيع كافة المنتجات، بل واستغلها بعض الباعة في البلطجة على المواطنين وغصبهم على الشراء.
الباعة الجائلين في العتبة والموسكي
يقول خالد عمر -طالب جامعي-، إنه اعتاد المرور يوميا وسط هؤلاء الباعة الجائلين أثناء ذهابه إلى جامعة الأزهر، وفي إحدى المرات أعجبته قطعة ملابس فسأل عن سعرها فأخبره صاحب الفرش المعروض أن ثمنها 250 جنيه، فشكره ورفض شرائها، لكن البائع أقنعه بأنه سيعطيه عليها قطعة أخرى إضافية كهديه.
يضيف خالد: فقبلت بالشراء وأعطيته 250 جنيه، لكن البائع وما إن استلم المبلغ تحول أسلوبه من الإقناع إلى “البلطجة” ورفض إعطاءه القطعة الإضافية التي وعده بها، ولم يعطه إلا قطعة واحدة، يقول خالد: وبعد مناوشات كلامية كادت أن تصل إلى اشتباك باليد، لم أجد حلا مع البائع الذي تحول إلى بلطجي هو ومن حوله من باعة، فتركت له الملابس حتى أنني رفضت استلام القطعة الواحدة، ولم استطع استرداد ما دفعته.
بسبب الأسعار
وفي السياق ذاته، تشير حليمة سالم -موظفة-، إلى أنها دائما ما تشتري ملابسها هي وأبنائها من شوارع العتبة، لأن الأسعار فيها منخفضة -إلى حد ما- ومناسبة لمحدودي الدخل، لكنها في كل مرة تذهب إلى هناك تكون حزينة بسبب هذا المشهد الفوضوي والعشوائي الذي شوه جمال المنطقة التاريخية.
وتقول إن المحزن أكثر، هو استخدام بعض الباعة -وهم محدودون- لأسلوب البلطجة، بخلاف أن الأسعار هناك في السنوات الأخيرة أصبحت تضاهي أسعار محلات وسط البلد، وطالبت بضرورة أن تعمل الدولة على إيجاد حلول عملية ومبتكرة لتغيير الواقع الموجود في هذه المنطقة إلى الأفضل.
وتابعت حليمة: يمكن استغلال شهرة هذه المنطقة والمعروفة بتاريخها وبأنها سوق واسع يأتي إليه المصريون من كل مكان، حيث يمكن استغلال هذه الشهرة والمكانة لتحويل العتبة إلى مركز سياحي وتجاري عالمي كبير للمصريين والأجانب، على أن يحافظ على شهرته بأسعار المنخفضة.
وأضافت حليمة، المنطقة لها تاريخ كبير، لابد أن تكون وتظل هذه المنطقة وجهة حضارية وتاريخية مشرفة، لذا يمكن إيجاد حلول كثيرة لتحجيم الباعة الجائلين، كأن يتم -مثلا- إنشاء مولات ضخمة وكبيرة ومتعددة مع الحفاظ على المباني والشوارع التراثية القديمة في المنطقة، وتكون هناك إعادة ترميم وتنسيق حضاري لها.
في شارع الأزهر
الباعة الجائلين ليسوا وحدهم، فقد تعددت مظاهر الفوضى في العتبة والموسكي والأزهر، فبخلاف هؤلاء الباعة فإن واجهات الكثير من المباني و”البلكونات” تشوه جمال التاريخ، ومصدر للتلوث البصري في المكان.
خاصة تلك البلكونات المطلة على الشوارع الرئيسية ومنها شارع الأزهر، والتي حولها أصحابها إلى مقالب للنفايات ومخازن للخردة.
فما إن تمر الأتوبيسات السياحية من أعلى كوبرى الأزهر وينظر السائح من النافذة المجاورة لكرسيه الذي يجلس عليه إلا وتصدمه المشاهد التي لم يكن يتوقعها في مكان كهذا، وهو المكان الذي من المفترض أن يكون متحفا تاريخيا مفتوحا.