الثلاثاء 2 يوليو 2024
spot_img

الصوماليلاند وإثيوبيا.. من لا يملك يعطي من لا يستحق

أزمة سياسية جديدة فجرتها الحكومة الإثيوبية في القارة السمراء، قد تتطور إلى مواجهة عسكرية، بعدما أعلنت عن توقيع اتفاقية مع إقليم أرض الصومال الانفصالي “صومالي لاند” -غير المعترف بها دوليا- لاستخدام جزء من سواحلها المطلة على البحر الأحمر كقاعدة عسكرية بحرية ومنفذ ساحلي لها، الأمر الذي أثار غضب دولة الصومال واعتراض دولي وعربي وإفريقي ومصري، ضد انتهاك أديس أبابا للسيادة الصومالية والقوانين الدولية، ومحاولتها إثارة النزاعات والفتنة في القرن الإفريقي.

قاعدة عسكرية بحرية لإثيوبيا في أرض الصومال

ووقع “أبي أحمد” رئيس وزراء إثيوبيا، الاثنين الماضي، اتفاقا مبدئيا مع رئيس “صومالي لاند” موسى بيهي عبدي، لاستخدام ساحل الإقليم الانفصالي كمنفذ بحري والوصول من خلاله لمياه البحر الأحمر، وقال رئيس “صومالي لاند” خلال مراسم التوقيع إنه تم الاتفاق على تأجير قطعة أرض بطول 20 كيلومترا على طول الساحل الصومالي لإثيوبيا من أجل إقامة قاعدة بحرية، مشيرا إلى أنه بهذا الاتفاق ستكون إثيوبيا أول دولة تعترف بـ”الصومالي لاند” كدولة مستقلة.

من جانبها، قالت الحكومة الإثيوبية إن هذا الاتفاق يمهد الطريق ويمنحها إقامة قاعدة عسكرية على سواحل البحر الأحمر، حيث أشار رضوان حسين، مستشار الأمن القومي لرئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد، إن الاتفاق الذي جرى توقيعه مع رئيس صومالي لاند يمهد الطريق لإثيوبيا للتجارة البحرية في المنطقة بمنحها إمكانية الوصول إلى قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.

صوماليلاند .. الدولة التي لم يعترف بها أحد

وتعد أرض الصومال “الصومالي لاند” إقليما انفصاليا منذ أواخر القرن الماضي، بعدما أعلن عن انفصاله عن مقديشو في عام 1991 وإقامة حكم ذاتي دون موافقة الصومال، ورغم مرور نحو 33 عاما على هذا الإعلان، إلا أن الإقليم لم يحظ بأي اعتراف دولي حتى الآن، ولا تزال الحكومة الصومالية تعتبره جزءا من أراضيها.

رد حكومة الصومال

وردًا على هذا الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين أثيوبيا وأرض الصومال، أعلنت الحكومة الصومالية في تصريح حاد، أن أرض الصومال جزءًا لا يتجزأ من الصومال بموجب الدستور الصومالي، وعليه، يُعتبر هذا الإجراء من قِبل إثيوبيا انتهاكًا فاضحًا لسيادة الصومال ووحدتها”.

وأصدر مجلس الوزراء الصومالي بيانا عقب اجتماع طارئ قال فيه إن توقيع هذا الاتفاق لاغ ولا أساس له من الصحة وهو اعتداء سافر على السيادة الداخلية لجمهورية الصومال الفيدرالية، ودعا البيان الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي إلى عقد اجتماع طارئ التدخل الفوري والتعاون المشترك لمواجهة ما وصفته بـ “العدوان على سيادتها من قبل إثيوبيا”.

وندد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، بهذه الاتفاقية واصفا إياها بالانتهاك غير المشروع من جانب أديس أبابا للسيادة الصومالية، قائلا: “لا يمكن ولن يمكن لأحد أن ينتزع شبرا من الصومال.. الصومال ملك للشعب الصومالي.. هذا أمر محسوم”.

وشدد الحكومة الصومالية على أن اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة مستقلة يُشكل خطرًا حقيقيًا على الاستقرار والسلام في المنطقة، وعليه قررت الحكومة الصومالية استدعاء سفيرها لدى إثيوبيا للتشاور.

الاتحاد الأوروبي: سيادة الصومال مفتاح السلام في القرن الإفريقي

وفي هذا السياق، استنكر الاتحاد الأوروبي الخطوة الإثيوبية، مشددا على أهمية احترام سيادة الصومال كمفتاح أساسي لتحقيق السلام في القرن الإفريقي، وأكد المتحدث باسم الاتحاد في بيان له أهمية احترام وحدة جمهورية الصومال الفيدرالية، وسيادتها، وسلامة أراضيها، وفقاً لدستورها ومواثيق الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هذا الالتزام يعتبر مفتاحاً حاسماً لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي بأكملها.

الجامعة العربية تتضامن مع مقديشيو

وأعلنت جامعة الدول العربية، عن تضامنها الكامل مع الصومال، معربة عن رفضها وإدانتها للمذكرة التي تم توقيعها بين إثيوبيا وإقليم “أرض الصومال”، والتي تتعلق بمنح الدولة الحبيسة ممرًا بحريًا عبر أراضي الإقليم، واعتبرت الجامعة هذه الخطوة انتهاكًا لسيادة الدولة الصومالية وسلامة أراضيها.

وأعرب المستشار جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن رفضه وإدانته لأي مذكرات تفاهم تنتهك سيادة الدولة الصومالية أو تستفيد من هشاشة الأوضاع الداخلية في الصومال، وأبدى استياءه من محاولات الاستفادة من تعثر المفاوضات الجارية بين أبناء الشعب الصومالي بشأن العلاقة بين الأقاليم والحكومة الفيدرالية، واصفًا إياها بأنها تشكل انتهاكًا لقواعد ومبادئ القانون الدولي، وتهدد وحدة أراضي الدولة الصومالية.

وأكد رشدي تأييد الجامعة العربية  لقرار مجلس الوزراء الصومالي الذي أعلن بطلان وعدم قبول مذكرة التفاهم التي تم توقيعها، وحذر من خطورة تأثير هذه الخطوة على انتشار الأفكار المتطرفة، خاصة في ظل جهود الصومال الهائلة لمواجهة التهديدات الإرهابية.

مصر ترفض التحركات الإثيوبية

من جانبها، شددت وزارة الخارجية المصرية، على ضرورة احترام وحدة وسيادة الصومال على جميع أراضيها، مع التأكيد على رفض القاهرة لأي إجراءات قد تمس بسيادة الصومال، مشيرة إلى خطورة التحركات الإثيوبية التي قد تؤثر سلباً على عوامل الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي وتزيد من التوترات بين الدول.

وأشارت مصر، إلى أن التحركات الإثيوبية تأتي في ظل زيادة الصراعات والنزاعات في القارة، مما يتطلب تكاتف الجهود لاحتوائها والتعامل مع تداعياتها بشكل مسؤول، بدلاً من إشعالها بشكل غير مسؤول.

وأكدت مصر على أهمية احترام أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، ومنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، كما دعت إلى اعتماد قيم التعاون والعمل المشترك لتحقيق مصالح شعوب المنطقة، مع التأكيد على ضرورة تجنب المشاركة في إجراءات أحادية الجانب تزيد من حدة التوتر وتهدد مصالح دول المنطقة وأمنها القومي.

حق الرد

وفي تقارير صحفية، أكد خبراء عسكريين وسياسيين، أن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين إثيوبيا والصومالي لاند، لا يحمل أي قيمة قانونية ولن يحظى بأي اعتراف دولي أو أممي، وأن أرض الصومال تعد جزءًا أصيلاً من الدولة الصومالية الموحدة.

وأشار الخبراء، إلى أن الخطة الإثيوبية تهدف في الأساس لإقامة قواعد عسكرية بحرية على البحر الأحمر، وهو الأمر الذي لن يحظى بقبول من الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو منظمة الاتحاد الإفريقي، وأنه من حق الصومال اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، خاصة في ظل الأطماع الإثيوبية نحو أراضيها، والتي تستغل فيها أديس أبابا حالة عدم الاستقرار في الصومال.

لماذا إثيوبيا دولة حبيسة؟

وتعتبر إثيوبيا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 120 مليون نسمة، واحدة من الدول القليلة في العالم التي لا تمتلك منافذ بحرية، حيث تقع داخل القارة الإفريقية محاطة باليابسة من جميع الاتجاهات، الأمر الذي يعتبر تحديًا استراتيجيًا لها في مجال التجارة والنقل البحري، حيث يتوقف تصدير واستيراد السلع على الطرق البرية أو استخدام موانئ دول جارة.

وفقدت إثيوبيا منفذها إلى البحر عندما انفصلت إريتريا عنها في عام 1993، وعدم امتلاكها لمنافذ بحرية يجعلها تعتمد بشكل كبير على البنية اللوجستية البرية والتعاون مع الدول المجاورة لضمان سهولة حركة البضائع والتجارة الدولية.

التعليقات

عبر عن رأيك

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

اقرأ أيضا

- Advertisment -spot_img

اخترنا لك

- Advertisment -spot_img