في تحليل استراتيجي نشرته صحيفة “هاآرتس”، أعرب الكاتب الإسرائيلي تسفي بارئيل عن رضا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقب تقدم خطة إدارة غزة.
خطة السيسي تتجسد
أوضح بارئيل أن خطة السيسي، التي أُعلنت في فبراير الماضي، لتشكيل آليات مدنية في قطاع غزة بدأت تتجسّد تدريجيًا على أرض الواقع.
كما أشار إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بين الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك فتح وحماس، برعاية مصرية، وتحت إشراف رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد. الاتفاق يتضمن تشكيل لجنة من الخبراء (تكنوقراط) من أبناء غزة لإدارة الشؤون المدنية في القطاع.
شرعية فلسطينية واسعة
وخلُص الكاتب إلى أن هذا التطور يمنح خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شرعية فلسطينية واسعة، خاصة في الجوانب المدنية، سواء على المستوى المؤسسي أو التنظيمي.
كما أضاف أن الشرعية قد تمتد لاحقًا إلى الجوانب الأمنية، مثل نشر قوة متعددة الجنسيات في غزة، بشرط أن تكون هناك دعوة رسمية من جهة فلسطينية مخولة، وهو ما يوفره هذا الاتفاق.
تحولات ملحوظة
وأكد بارئيل أن هذا الإعلان يُعتبر تحولا ملحوظًا، مقارنة بإعلان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي قبل أسبوعين. الفارق الرئيسي يكمن في أن البيان صدر من الجانب الفلسطيني وليس من مصر، مما يعزز من مصداقيته.
كما تضمنت المحادثات المصرية شخصيات رسمية من السلطة الفلسطينية مثل حسين الشيخ وماجد فرج، مما أعطى الاتفاق طابعًا رسميًا إضافيًا.
إطار سياسي جديد
وأشار بارئيل إلى أن هذا الاتفاق يُنشئ إطارًا سياسيًا تحت “المظلة المصرية”، يشبه “مجلسًا فلسطينيًا أعلى” لتحديد طبيعة عمل الآليات الإدارية في غزة.
وذكر الكاتب أن الهدف الرئيسي لمصر هو حماية مصالحها الأمنية، إذ تسعى لمنع نزوح مئات الآلاف من سكان غزة إلى أراضيها، وهو موضوع يعتبر “خط أحمر” في سياستها.
تجاوز للخطوط الحمراء
ورأى بارئيل أن هذا الترتيب يعدّ تجاوزًا للشرط الأساسي في خطة ترامب، وكذلك مواقف إسرائيل والدول العربية التي ترفض دور حماس في إدارة غزة.
وبالرغم من أن حماس لن تكون شريكًا رسميًا في “لجنة التكنوقراط”، فإنها أصبحت جزءًا من الكيان الذي يمنح اللجنة شرعيتها، مما يُعزز أيضًا مكانة السلطة الفلسطينية كجهة حاكمة في القطاع.
موقف محمود عباس
أشار بارئيل إلى أن محمود عباس رفض خطة السيسي في البداية خشية من فصل غزة عن الضفة الغربية، بينما سارعت حماس لتبنيها، آملاً في التخلص من عبء الإدارة دون التفريط في نفوذها.
كما أن مصر، التي لم تنجح في الحفاظ على حكومة الوحدة الوطنية عام 2017، ترى في هذا الاتفاق فرصة لتعزيز دورها كـ”وصيّ” على الملف الفلسطيني.
تحديات المشاركة العسكرية
مع ذلك، أبدت مصر تململًا من المشاركة العسكرية المباشرة، خشية من أن تُعتبر “قوة محتلة”. وقد أشار بارئيل إلى أن الحل المحتمل قد يكون عبر قرار من مجلس الأمن الدولي يسمح بوجود قوة دولية بتفويض محدد.
ولفت إلى صياغة بيان حركة فتح الذي أكد على أن “الأمن في القطاع هو مسؤولية الأجهزة الأمنية الفلسطينية الرسمية”، وأي قوة دولية يجب أن تعمل عند حدود القطاع.
واقع جديد في غزة
في النهاية، يرى بارئيل أن مصر تمكنت من إيجاد واقع جديد في غزة يسمح بتدخلها المباشر دون تحمل عبء الاحتلال.
ورغم أنه من المبكر الحكم على نجاح “لجنة التكنوقراط”، فإن الطريق أمام القاهرة قد بدأ يتضح، مما قد يفتح أفقًا جديدًا لنفوذها في غزة، بما يخدم أمنها القومي.


