تستعد القوات الجوية السويدية لإجراء تحديثات استراتيجية قد تعيد تشكيل توازن الأمن في شمال أوروبا، حيث تم تكليف إدارة القوات المسلحة السويدية لشؤون المعدات (FMV) بدمج صاروخ TAURUS KEPD 350، المُصنَّع في ألمانيا، مع طائرات مقاتلة من طراز JAS-39C Gripen، مع توقعات بأن يتم البدء بتشغيله بحلول عام 2028.
خطوة استراتيجية
وأكد العقيد إريك نيلسون، المتحدث الرسمي باسم القوات الجوية السويدية، أن هذه الخطوة تهدف إلى ضمان حصول الطيارين على الأدوات اللازمة لمواجهة التحديات المستقبلية، في تصريح له لـ The Aviationist بتاريخ 28 فبراير 2025. ويعكس هذا القرار، الذي يأتي وسط تعزيز السويد لعلاقاتها مع حلفاء الناتو، تحولًا هادئًا ولكن مدروسًا في موقفها الدفاعي يشمل نطاقًا أوسع من الدول الإسكندنافية.
تمثل خطوة تسليح طائرات Gripen بصواريخ TAURUS علامة فارقة للسويد، التي تتسم تاريخيًا بالحذر في التصعيد العسكري. وبدأت المحادثات مع ألمانيا في أواخر عام 2024، وفقًا لمصادر من Eurasian Times، بعد انضمام السويد الكامل للناتو وازدياد الحاجة لمواجهة الدفاعات الجوية المتطورة.
قدرات الصاروخ
كشفت وثيقة حكومية نُشر تفاصيلها الأسبوع الماضي على موقع Jane’s Defence Weekly أن توجيه FMV يهدف لجعل الصواريخ جاهزة للعمل على النسخة C/D من طائرات Gripen بحلول عام 2028، مع تخطيط لتمديد التوافق إلى طراز Gripen E الجديد لاحقًا.
وفي حديثه مع Defense News حول هذا الموضوع، اعتبر بيتر هولتكوين، وزير الدفاع السويدي السابق، أن السويد تسعى لتحقيق قدرات عسكرية أكبر من حجمها، مشيرًا إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على المعدات، بل يتعلق أيضًا بترسيخ مفهوم الردع.
مواصفات TAURUS
صاروخ TAURUS KEPD 350، الذي تم تطويره من قبل TAURUS Systems GmbH، وهو مشروع مشترك بين MBDA Deutschland وشركة ساب السويدية، يُعتبر سلاحًا متقدمًا للغاية. يزن الصاروخ 3,086 رطل ويبلغ طوله 16.7 قدم، ويتميز بنطاق يتجاوز 310 ميل، مدعومًا بمحرك توربيني Williams P8300-15، مما يتيح له الوصول إلى سرعات تصل إلى Mach 0.95.
كما تأتي رأسه الحربية، التي تزن 1,058 رطل، بنسختين: النسخة MEPHISTO المخصصة للاختراق، ونموذج للتفجير تجاه الأهداف الأكثر هشاشة. يُطلق الصاروخ من ارتفاع 40,000 قدم ويطير على ارتفاع 82 قدم فوق الأرض، مُوجهًا بنظام ملاحة ثلاثي يتضمن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ورادار يستند إلى التضاريس.
التحديات والفرص
تضيف صفات TAURUS قوة استثنائية لطائرات Gripen خفيفة الوزن، التي يُعتبر طراز JAS-39C منها، والذي يصل طوله إلى 46 قدمًا وعرض جناحيه إلى 27.6 قدم، ويزن 14,600 رطل في حالة عدم التحميل. وتضاعف من قدرته القتالية محرك Volvo RM12 المُشتق من نوع F404، والذي يوفر قوة دفع تصل إلى 18,100 رطل.
بسرعة تصل إلى Mach 2 وسقف طيران يبلغ 50,000 قدم، تحمل Gripen بالفعل قنابل موجهة بالليزر وصواريخ مضادة للسفن مثل RBS15. ومع ذلك، يتطلب دمج TAURUS تحديثات برمجية وفقًا لمعايير MS20 Block 4، وهي عملية تتولى كل من FMV وساب التنسيق بشأنها مع المهندسين الألمان، وفقًا لموقع Flight Global.
تأثيرات واسعة
تتجه هذه الخطوة إلى تقديم ردود فعل أوسع، فقد انضمت السويد للناتو في مارس 2024 مما تحول معها من سياسة الحياد إلى الدفاع الجماعي، وهو التحول الذي تسارع بسبب الأحداث في أوكرانيا وبحر البلطيق. وصرحت الجنرال ماج لينا هالين، قائد القوات الجوية السويدية، قائلة: “لسنا ساذجين بشأن جيرانا”.
مع وجود 81 طائرة Gripen في الخدمة- بما في ذلك 60 من طراز C/D و21 من طراز E- تهدف السويد إلى تعزيز قدرتها على الردع إلى جانب حلفائها مثل فنلندا والنرويج. في حين أن TAURUS موجود بالفعل في ترسانة ألمانيا، أكدت FMV على أهمية التوافق كجزء من خطتها. وأضاف نيلسون، “الأمر يتعلق بالتحدث بنفس اللغة مع شركائنا”.
إن دور ألمانيا يتجاوز مجرد كونها مزودًا. حيث أعلنت ساب، في 3 مارس 2025، عن عقد منفصل بقيمة 1.7 مليار كرونة سويدية لتحديث وصيانة المخزون الألماني من TAURUS حتى عام 2035، كما صرحت الشركة في بيان لها.
استطلاعات الرأي والآراء
تم تقدير قيمة العقد بمبلغ 159 مليون دولار، مما يُحدث تحديثات على الأنظمة ويضمن الدعم لعقد كامل مدته عشر سنوات، إلا أنه يُعتبر نقطة فرعية مقارنة بطموحات السويد. ويقول المحلل الدفاعي يوهان أندرسون: “ثقة ألمانيا في ساب تعزز من موثوقية الصاروخ. بالنسبة للسويد، هذا يتعلق بامتلاك القدرة، وليس مجرد تقديم الخدمة فقط”.
ومع ذلك، لا تخلو العملية من التحديات، حيث يتطلب التكيف بين Gripen C/D وصواريخ TAURUS اختبارات صارمة، ومن المقرر أن تبدأ الرحلات الأولية في عام 2026. وفقًا لتحليلات من Eurasian Times، يُقدر أن تبلغ تكاليف الشراء والتكامل حوالي 2 مليار كرونة سويدية (188 مليون دولار).
ليست آراء المواطنين من الغالب إيجابية، حيث طرحت المعلمة كارين إريكسون من غوتنبيرغ تساؤلات حول ميزانية هذا المشروع في حديث لها مع Svenska Dagbladet، قائلة: “إنه مبلغ كبير من المال، لكن السلامة ليست مجانية”.
مراقبة عالمية
وجذب هذا التطور انتباهًا عالميًا، حيث يؤكد بيير دوبوا، مستشار مقيم في باريس، أن السويد تقوم بتسليح نفسها بشكل هادئ ولكن فعال. وتراقب فنلندا، التي طلبت طائرات F-35، عن كثب، في حين قد تنظر بولندا، التي تعمل بالطائرات F-16، إلى TAURUS أيضًا، حسبما أفادت Jane’s.
في المقابل، تراقب روسيا الوضع بتوجس. وذكرت المتحدثة باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن تعزيز الناتو بالقرب من حدودهم تم ملاحظته، مع التأكيد على رؤية موسكو بعيدة عن التصعيد، بينما تؤكد القيادة السويدية أن المسألة تتعلق بالدفاع وليس بالاستفزاز. وأوضحت الجنرال هالين، في تصريحات لها، “نحن نؤمّن أجوائنا”.
تظهر الآراء داخل المجتمع تباينًا أيضًا. وأعرب الكابتن لوكاس بيرغمان، أحد طياري Gripen، في حديث له مع SVT Nyheter، عن موقف إيجابي قائلًا: “لقد حان الوقت ليكون لدينا جدية أكبر”. بينما تساءل أولاف سفينسون، مُتقاعد من مالمو، عن جدوى هذا التحول، قائلًا: “لقد حافظت علينا الحيادية لقرون”.
تنسيق دولي
عالميًا، ترى الولايات المتحدة أن هناك تنسيقًا أكبر قد ينجم عن هذا التقارب. حيث أوضحت إميلي تشين، مسؤولة سابقة في البنتاغون، في مقال لها في Aviation Week، أن “السويد تعزز من الجناح الشمالي لحلف الناتو”. بينما ترى القوات الجوية الألمانية أن هذه الخطوة تعكس التزامًا مشتركًا.
وبالنسبة لشركة ساب، فإن هذا يُعتبر فوزًا مزدوجًا، حيث يساهم في دمج القدرات للسويد وصيانة المخزون لألمانيا، إلا أن الضوء يبقى مسلطًا على مهمة FMV. فإذا تمت تواريخ الجدول الزمني كما هو مخطط، بحلول عام 2028، ستقوم Gripen C/D بحمل صاروخ قادر على الضرب بدقة وبشكل غير مرئي، وهو قدرة لم تمتلكها السويد سابقًا. بينما تتنقل السويد كأحدث عضو في الناتو في دورها، قد تكون دمج TAURUS مع Gripen نقطة تحول في منطقة تعتمد استقرارها على الحافة.