الثلاثاء 26 أغسطس 2025
spot_img

السودان: العائدون يصطدمون بمدن مدمرة وانعدام الخدمات

spot_img

بعد استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم والجزيرة، عاد سودانيون لاجئون ونازحون إلى ديارهم، ليواجهوا واقعًا مريرًا من مدن مدمرة ونقص حاد في الخدمات الأساسية. الآمال تبددت وسط تحديات معيشية قاسية.

العودة إلى الخرطوم

نجود ساتي، عائدة من اللجوء في مصر، صرحت لـ”الشرق الأوسط” بأن الوضع الحالي في السودان أشد قسوة من أي وقت مضى. بعد فرحة العودة إلى الوطن، صُدمت بسرقة منزلها بالكامل، مما عرقل سعيها لإعالة أسرتها.

يستمر تدفق آلاف العائدين السودانيين يوميًا، ليجدوا أنفسهم في ظروف معيشية صعبة للغاية بسبب فقدان فرص العمل والخدمات الأساسية. يعتمد العديد منهم على “تكية”، وهي منظمات خيرية محلية لتوفير الغذاء.

أزمة النزوح المستمرة

تشير تقديرات منظمة الهجرة الدولية إلى عودة 1.3 مليون سوداني، معظمهم غير قادر على تلبية احتياجاتهم الأساسية. تتوقع المنظمة ارتفاع عدد العائدين إلى 2.1 مليون بحلول نهاية العام الجاري.

تحديات سوق العمل

جعفر عثمان، أب لأربعة أطفال عاد إلى شرق النيل، يصف الحياة بالصعبة للغاية، حيث فقد كل شيء. يبحث يائسًا عن أي عمل لإعالة أسرته، بعد أن كان يعمل في بيع الخضراوات والفواكه.

تُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن أكثر من 3 ملايين سوداني فقدوا وظائفهم بسبب الحرب، خاصة العاملين في القطاع الخاص والأعمال الحرة، الذين يشكلون غالبية اللاجئين والنازحين.

تضرر القطاع الخاص

يؤكد خبراء اقتصاديون على أن القطاع الخاص هو الأكثر تضررًا من الحرب، كونه أكبر مُشغِّل للعمالة في السودان.

الخبير الاقتصادي محمد الناير يرى صعوبة توفر فرص عمل في ظل الظروف الحالية، مشيرًا إلى أن معظم العائدين يعتمدون على التحويلات الخارجية كمصدر دخل مستقر.

دعم التحويلات الخارجية

يؤكد الناير أن عودة المواطنين تساعد في تحقيق الأمن، وتشجع الدولة على الإسراع في توفير الخدمات الضرورية. الحياة في أم درمان، التي ظلت بعيدة عن القتال، أفضل بكثير من الخرطوم وبحري.

الناير يشير إلى عودة تدريجية للنشاط التجاري في الأعمال الصغيرة والمتوسطة، من خلال فتح الأسواق والمحال التجارية، مما قد يوفر فرص عمل مؤقتة للعائدين.

خطط إعادة الإعمار

الخبير الاقتصادي هيثم فتحي يرى أن التحدي الأكبر للعائدين هو تأمين مصدر دخل، مع ضرورة بناء الأسواق ودعم سبل العيش عبر الوظائف الحكومية والخاصة.

العودة الطوعية تعتمد على توفر السكن والخدمات واستقرار الوضع المعيشي والأمني، بالإضافة إلى معالجة انقطاع الكهرباء والمياه.

خسائر اقتصادية فادحة

فتحي يشدد على أن إعادة الإعمار تحتاج إلى دعم خارجي كبير لجذب الشركات ورؤوس الأموال، وبدء مرحلة جديدة في بناء السودان. الحرب أدت إلى تدمير القطاع الصناعي بنسبة 75% والقطاع الخدمي بنسبة 70%.

يتوقع بنك التنمية الأفريقي انكماش الناتج المحلي الإجمالي في السودان بنسبة 0.6% خلال عام 2025، مع استمرار ضعف الأنشطة الاقتصادية.

تدهور القطاع الصناعي

الصراع المسلح دمر القطاع الصناعي في الخرطوم وبحري وأم درمان، ما يمثل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي، واستعادة عافيته ستستغرق أعوامًا.

تُقدِّر الأمم المتحدة أن أكثر من نصف السكان يواجهون شحًا حادًا في الأمن الغذائي، مع وجود 8.5 مليون شخص في حالة طوارئ، و800 ألف شخص يواجهون خطر المجاعة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك