الدوحة تستضيف جولة جديدة من مفاوضات السلام الكونغولية، تهدف إلى تجاوز التعثر الذي شاب المحادثات مع حركة “23 مارس” المتمردة، المدعومة من رواندا، والتي كان مقررا لها أن تفضي إلى اتفاق بحلول 18 أغسطس.
جهود قطرية مكثفة
وصف متحدث قطري المحادثات الجارية بأنها “بناءة”، فيما أكد خبير في الشؤون الأفريقية على أهمية التوصل إلى تفاهمات حقيقية وتقديم تنازلات من جميع الأطراف لتفادي أي عقبات تعيق التوصل إلى اتفاق سلام دائم وشامل.
خريطة الطريق التي تم التوقيع عليها في الدوحة في 19 يوليو الماضي، نصت على بدء المفاوضات بحلول 8 أغسطس، مع تحديد 18 أغسطس كموعد نهائي للتوصل إلى اتفاق.
تحديات تواجه المفاوضات
أقرّ المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، باستمرار الجهود الحثيثة للوصول إلى اتفاق مستدام بشأن الكونغو، مؤكداً سعي الدوحة لإيجاد حل رغم التعقيدات التي تشهدها الأوضاع في الكونغو الديمقراطية.
وكشف الأنصاري عن وجود طرفي الصراع في الدوحة، وإجراء مناقشات بناءة، مشدداً على التزام قطر بإيجاد حلول، وأهمية وجود إرادة حقيقية لدى الطرفين للوصول إلى السلام المنشود.
إعادة بناء الثقة
يرى المحلل السياسي التشادي، صالح إسحاق عيسى، أن نجاح محادثات الدوحة يتوقف على قدرة الأطراف على إعادة صياغة الثقة المفقودة بين حكومة الكونغو والمتمردين، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً.
محادثات الدوحة تمنح فرصة لتبريد الصراع وتوفير مساحة آمنة للنقاش، بعيداً عن ضغوط الميدان، لكن الخطر يكمن في تعثر الاتفاقات السابقة بسبب المصالح المتضاربة للفاعلين العسكريين والسياسيين.
مخاوف من استمرار العنف
يرى عيسى أن حضور المتمردين إلى محادثات الدوحة لا يعكس بالضرورة جديتهم الكاملة في التوصل إلى اتفاق سلام، بل قد يكون محاولة للبقاء في المشهد السياسي وعدم العزلة عن أي مسار تفاوضي.
منذ التوجه لإبرام اتفاق سلام، اتسعت دائرة الاشتباكات المسلحة وظهرت جماعات جديدة، مما يهدد مسار السلام الذي شهد محاولات عديدة فاشلة منذ عام 2021.
اتفاقات سابقة وجهود دولية
برعاية أمريكية، تم توقيع اتفاق سلام بين الكونغو ورواندا في يونيو الماضي، وتعهدا بوقف دعم المتمردين. واستكمالاً لهذا الاتفاق، رعت قطر “إعلان مبادئ” بين حكومة الكونغو وحركة “23 مارس”.
تزامن مع حراك السلام، اشتباكات بشرق الكونغو، حيث قتلت “القوات الديمقراطية المتحالفة” التابعة لتنظيم “داعش” ما لا يقل عن 52 مدنياً.
تصاعد الهجمات وتأثيرها
اندلعت اشتباكات “عنيفة” بين جيش الكونغو وجماعة “مؤتمر الثورة الشعبية” المسلحة، التي أسسها “مجرم حرب” مدان من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
جاءت تلك الهجمات بعد اتهام جيش الكونغو لمتمردي “حركة 23 مارس” بشن هجمات متعددة تنتهك الاتفاقات الموقعة، محذراً من أنه يحتفظ بحق الرد على الاستفزازات.
علامات استفهام حول النوايا
تضع الهجمات المستمرة علامات استفهام كبيرة حول صدقية الجماعات المسلحة، وقد تكون وسيلة ضغط لفرض أنفسهم على طاولة المفاوضات من موقع قوة.
مستقبل المحادثات الحالية في الدوحة معلق بين احتمالات الانفراج والانتكاس، وقد تفتح فرصة نادرة للحوار، لكن تجارب الكونغو السابقة تكشف عن هشاشة الاتفاقات.
سيناريوهات محتملة
إذا تمكنت الوساطة من صياغة تفاهمات تراعي هواجس كل طرف وتؤسس لآليات متابعة ورقابة، فقد يشكل ذلك بداية لمسار تدريجي نحو التهدئة.
في حال ظل الاتفاق مجرد نصوص عامة بلا ضمانات قوية، فإن المحادثات ستظل أقرب إلى هدنة مؤقتة تُستثمر سياسيّاً أكثر من كونها خطوة حقيقية نحو السلام.