تسارع وتيرة عرض الشقق للبيع في الضاحية الجنوبية لبيروت، مع تزايد المخاوف من تصاعد التوترات واحتمال تجدد النزاع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وسط قلق متزايد من السكان إزاء مستقبل ممتلكاتهم.
الضاحية.. سوق عقاري متوتر
يعرض سكان في الضاحية الجنوبية لبيروت شققهم للبيع بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية، خشية تصاعد العمليات العسكرية وتأثر المنطقة بالصراع الدائر. علي ب. (46 عاماً) أحد هؤلاء، اضطر لبيع شقته في الرويس بخسارة تقدر بنحو 30 ألف دولار، خوفاً من فقدانها بالكامل.
تعكس هذه الخطوة قلقاً واسعاً بين سكان المنطقة، الذين يتخوفون من تكرار سيناريو الحرب وتأثيرها المدمر على ممتلكاتهم. ويعزز هذا الخوف الاعتقاد السائد بأن انتهاء العمليات العسكرية في غزة قد يؤدي إلى تحول الصراع إلى لبنان.
إعلانات عقارية متزايدة
تزايدت إعلانات بيع الشقق في الضاحية الجنوبية بشكل ملحوظ على المنصات العقارية الإلكترونية، بعد استئناف إسرائيل لضرباتها في المنطقة في أواخر مارس الماضي. وتصاعد هذا الاتجاه مع تزايد المخاوف من تجدد المواجهات المسلحة، عقب الهدنة في غزة.
الخوف من الخسارة الكاملة
أبو حسين، وهو من سكان السان تيريز، عرض شقته للبيع بسبب حاجته الماسة للمال لتغطية نفقات إيجار منزله الجديد. نزح أبو حسين وعائلته منذ حوالي عام ويقيم في بشامون بسبب الوضع الأمني المتدهور.
يرى أبو حسين أن بيع شقته بثمن بخس أفضل من خسارتها بالكامل، خاصة بعد تعرضها لأضرار متكررة خلال العمليات العسكرية الأخيرة في خريف 2024. وأكد أن هناك معروضاً كبيراً من الشقق للبيع في المنطقة، مما يزيد من صعوبة إيجاد مشترٍ.
تضرر الوحدات السكنية
استهدفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت عدة مرات عقب اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024، مما أدى إلى تضرر عدد من الوحدات السكنية جراء هذه الغارات.
حالة نزوح مستمرة
يشير أحمد، وهو من سكان برج البراجنة، إلى أن عرض الشقق للبيع أصبح أمراً شائعاً بين السكان، الذين يرغبون في الانتقال إلى مناطق أكثر أمناً. وقد نزحت بالفعل العديد من العائلات من الضاحية إلى مناطق أخرى في الجبل وأطراف بيروت، خشية تصاعد الأوضاع الأمنية.
تراجع حاد في الأسعار
أدى تزايد العرض إلى انخفاض كبير في أسعار الشقق المعروضة للبيع، حيث تتراوح نسبة التراجع بين 20 و40 في المائة. ويعكس هذا الانخفاض حالة عدم اليقين التي يعيشها السكان، وتخوفهم من المستقبل.
ركود في حركة البيع
يؤكد وسطاء عقاريون في الضاحية الجنوبية أن عدد الشقق المعروضة للبيع ارتفع بشكل كبير في الفترة الأخيرة، إلا أن الإقبال على الشراء لا يزال ضعيفاً ونادراً، رغم الانخفاض الكبير في الأسعار.
ويشير أحد السماسرة إلى أن المهتمين بشراء الشقق في الوقت الحالي هم من الميسورين، الذين ينتظرون انتهاء الحرب للاستثمار فيها وبيعها بأسعار مضاعفة.
هبوط حاد في قيمة المتر
وصلت أسعار العقارات في الضاحية إلى مستويات متدنية للغاية، حيث انخفض سعر متر البناء في قلب المنطقة من 1300 و1500 دولار إلى ما بين 500 و700 دولار. أما في المناطق التي كانت تشهد أسعاراً مرتفعة، مثل حي الأميركان والسان تيريز، فقد انخفض سعر المتر من 2000 و3000 دولار إلى حوالي ألف دولار أو أكثر قليلاً.
خطوة وقائية
لمى، اتخذت خطوة استباقية وقررت بيع شقتها قبل اندلاع العمليات العسكرية الأخيرة، وانتقلت للعيش في منطقة الحازمية، بسبب شعورها بعدم الاستقرار الأمني وتخوفها من المستقبل.
وترى لمى أن قرارها بالانتقال والعيش خارج الضاحية، كان صائباً، حيث أرادت أن توفر لأطفالها بيئة آمنة ومستقرة، خاصة بعد الظروف الصعبة التي عاشوها خلال العمليات العسكرية، بسبب التحليق المستمر للطائرات الإسرائيلية في سماء البلاد.
تعويضات مؤجلة
يشتكي أصحاب الوحدات السكنية المتضررة من عدم حصولهم على التعويضات المستحقة، بعد مرور حوالي 10 أشهر على انتهاء الحرب، واقتصر الأمر على صرف بدل إيواء وأثاث فقط. ويقدر البنك الدولي عدد الوحدات السكنية المدمرة والمتضررة بأكثر من 162 ألف وحدة، في حين تقول مؤسسة “جهاد البناء” إنها تجاوزت 348 ألف وحدة، مع العلم أن إسرائيل تواصل استهداف لبنان بشكل شبه يومي، مما يجعل هذه الأعداد قابلة للارتفاع.