الخميس 6 نوفمبر 2025
spot_img

الحوثيون يهاجمون الأمم المتحدة بعد تعليق أنشطة إغاثية باليمن

spot_img

في تصعيد للأزمة الإنسانية باليمن، تتهم جماعة الحوثي منظمات الأمم المتحدة، وعلى رأسها الصحة العالمية واليونيسف، بفرض عقوبات جماعية على المدنيين، وذلك بعد تعليق المنظمتين لأنشطتهما الصحية في مناطق سيطرة الجماعة، احتجاجاً على اقتحام مكاتبهما واعتقال عدد من موظفيها.

محاكمات للموظفين

يأتي هذا في وقت تواصل فيه الجماعة إحالة دفعات جديدة من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المعتقلين لديها إلى المحاكمة، في خطوة وصفتها مصادر حقوقية بأنها تصعيد خطير ضد العمل الإنساني الدولي في اليمن.

أكدت مصادر حقوقية في صنعاء أن الجماعة الحوثية استكملت إحالة ملفات دفعة جديدة من المعتقلين، معظمهم من موظفي الأمم المتحدة، إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة، بعد إحالة الدفعة الأولى قبل أسابيع، وتشمل موظفين من منظمات إغاثية ودبلوماسيين سابقين.

غياب الضغط الأممي

أوضحت المصادر أن إصرار الجماعة على مواصلة هذه المحاكمات، والسيطرة على مكاتب الأمم المتحدة للشهر الثالث على التوالي، يعكس غياب ضغط فعلي من المنظمة الأممية، الأمر الذي شجع الحوثيين على توسيع حملة المداهمات والاعتقالات.

شملت الحملة الأخيرة اقتحام مكاتب منظمات دولية عدة، من بينها منظمة الإغاثة الإسلامية في صنعاء، واحتجاز عدد من موظفيها وإخضاعهم للتحقيق، في تكرار لسيناريو المكاتب الأممية.

مستشفيات للدعاية

في الوقت الذي تدّعي فيه الجماعة حرصها على العمل الإنساني، تشير الوقائع إلى أن الحوثيين حولوا بعض المستشفيات إلى مراكز دعائية لنشر فكرهم الطائفي، فيما خصصوا كبرى المستشفيات العامة لعلاج عناصرهم المقاتلين فقط، على حساب ملايين المدنيين المحرومين من الخدمات الصحية الأساسية.

وقف الدعم الصحي

بالتزامن مع استمرار حملة القمع ضد المنظمات الأممية، شنّت ما تسمى الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة للحوثيين هجوماً حاداً على قرار منظمتي الصحة العالمية واليونيسف بوقف الدعم الصحي في مناطق سيطرتهم.

زعمت الهيئة أن القرار “يهدد بإغلاق أكثر من ألفي وحدة صحية و72 مستشفى، وبتوقف إمدادات الوقود والأكسجين والأدوية، وتعليق برامج التغذية العلاجية لمئات الآلاف من الأطفال والنساء، فضلاً عن تعطيل جهود مكافحة الأوبئة”.

عقوبة جماعية

في بيانها، اعتبرت الهيئة الحوثية أن القرار يشكل “عقوبة جماعية صريحة” تستهدف مليوني شخص يعانون سوء التغذية، بينهم 600 ألف طفل في حالة حرجة. ووصف البيان الإجراء بأنه “انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني” و”تسييس فاضح للعمل الإنساني”.

لكن البيان تجاهل حقيقة أن الحوثيين أنفسهم هم من اقتحموا مكاتب المنظمتين واعتقلوا موظفيهما، وما زالوا يحتلون تلك المكاتب ويصادرون أصولها. كما تجاهل البيان دعوات الأمم المتحدة المتكررة إلى إطلاق سراح المحتجزين وضمان حرية عمل المنظمات.

استئناف العمل فورا

دعت الهيئة الحوثية المنظمتين إلى “استئناف عملهما فوراً دون أي شروط أو تأخير”، محذّرة مما أسمته “العواقب الوخيمة التي تهدد حياة ملايين اليمنيين”. كما طالبت المجتمع الدولي بتحمل “المسؤولية الكاملة” عن أي أزمة إنسانية تنتج عن القرار.

يرى مراقبون أن الهجوم الحوثي ليس سوى محاولة لتبرير فشل الجماعة في إدارة الملف الصحي بعد طردها الكوادر الإدارية والطبية الكفوءة، وتحويلها الدعم الدولي إلى أداة تمويل لمجهودها الحربي.

تمويل للحرب

على وقع التصعيد الحوثي المستمر ضد الوكالات الأممية والمنظمات الدولية، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إن الجماعة الحوثية، الذراع الإيرانية الأخطر في المنطقة، تواصل ممارساتها القمعية بحق المنظمات الأممية والعاملين في المجال الإنساني.

أضاف الإرياني أن الجماعة التي مارست شتى صنوف التضييق والابتزاز بحق المنظمات الدولية “هي آخر من يحق له التباكي على قرارات نقل أو تجميد أو تقليص أنشطة تلك الوكالات في مناطق سيطرتها”.

ابتزاز سياسي

أوضح أن الجماعة “اقتحمت مقرات المنظمات، واختطفت موظفيها، واحتجزتهم داخل المجمعات السكنية، ونهبت تجهيزاتهم وسياراتهم، ووجهت إليهم تهماً باطلة بالتجسس، وتستعد لإحالة أكثر من ستين موظفاً إلى محاكمات صورية”.

أشار الوزير إلى أن الحوثيين حوّلوا الأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمنيون إلى “ورقة للابتزاز السياسي والمتاجرة”، يستغلونها للحصول على الدعم والمال، ثم يستخدمونها غطاء لتمويل حربهم وفرض سيطرتهم.

وقف الاستغلال

حمّل الإرياني الجماعة الحوثية المسؤولية الكاملة عن “النتائج الكارثية للوضع الإنساني”، بعد أن دفعت ممارساتها المنظمات الدولية إلى تقليص تدخلاتها نتيجة انعدام الأمان واستحالة تنفيذ البرامج الإنسانية في بيئة القمع والنهب التي تفرضها.

دعا الوزير المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى “تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، ووقف استغلال الميليشيات للملف الإنساني كأداة للضغط والابتزاز”.

بيئة خطيرة

يرى مراقبون أن استمرار الصمت الأممي تجاه الانتهاكات الحوثية يشجع الجماعة على مواصلة تحديها للقانون الدولي، ويفتح الباب أمام مزيد من التصعيد ضد المنظمات الإنسانية التي باتت تعمل في بيئة وصفت بأنها “الأخطر في العالم”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك