في تصعيد مقلق، تواصل جماعة الحوثي منع الزيارات عن مئات المعتقلين في محافظات يمنية عدة، بعضهم مضى على اعتقاله أكثر من أربعة أشهر. في محافظة إب، وثقت رابطة حقوقية 192 حالة اعتقال مدني، وهو أعلى رقم منذ بداية العام الحالي، مقارنة بألف معتقل خلال العام الماضي بأكمله.
أسر يائسة
أفادت عائلات معتقلين في إب وصنعاء وذمار أن مخابرات الحوثيين لم تفصح عن أماكن احتجاز أقاربهم، المتهمين بالتخطيط للاحتفال بذكرى سقوط نظام الإمامة عام 1962. كما ترفض الجماعة السماح لهم بالتواصل مع ذويهم هاتفياً، رغم مرور أشهر على اعتقالهم.
ابنة أحد المعتقلين في ذمار، محمد اليفاعي، ذكرت أن والدها تعرض للاعتداء قبل اعتقاله، مؤكدة أن ذكرى “القهر” على وجهه لا تفارقها. وأضافت أن الاتصالات والزيارات ممنوعة عنه، ولا يوجد مبرر لهذا الإجراء، خاصة وأن الحوثيين سبق أن اعتقلوه بسبب احتفاله بذكرى سقوط حكم الإمامة.
اعتقال انتقامي
القاضي عبد الوهاب قطران وصف اعتقال أخيه، وهو مزارع، بأنه انتقام لنشره مقطع فيديو قبل عام انتقد فيه قيادات الحوثيين. قطران، وهو معتقل سابق، أوضح أن الحوثيين تجاهلوا المقطع لأكثر من عام قبل أن يعودوا للانتقام منه، معتبراً الاعتقال “تصفية حسابات متأخرة”.
أشار قطران إلى أن إدارة السجن منعت الزيارة عن أخيه بتوجيهات من قيادات حوثية عليا في الأمن والمخابرات، بسبب كتاباته عن اعتقاله. وأضاف أن أحد المحققين هدده بالسجن إذا لم يتوقف عن الكتابة.
تدهور الأوضاع
وصف قطران حالة أخيه الذي “باع سلاحه لإطعام أطفاله بعد جفاف بئره وموت أشجاره”، بأنها تجسد “القهر” الذي يعيشه المواطن في ظل سلطة تستخدم الدولة “أداة للبطش لا للعدالة”.
إدانات حقوقية
رابطة أمهات المختطفين أعربت عن قلقها البالغ إزاء تصاعد حملات الاختطاف في محافظة إب، حيث تم توثيق 192 حالة اختطاف بحق مدنيين منذ بداية العام الحالي، في انتهاك للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية.
أوضحت الرابطة أن وتيرة الانتهاكات تصاعدت بالتزامن مع الذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، حيث شنت الجماعة حملات اختطافات واسعة في المحافظة. وأدانت الرابطة بشدة هذه الحملات “القمعية” التي “ترسخ مناخ الخوف والقهر” وتُقوّض أسس العدالة وسيادة القانون.
مساءلة ومحاسبة
شددت الرابطة على أن استمرار الانتهاكات “يُشكّل جريمة إنسانية” تتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لمساءلة مرتكبيها وضمان الإفراج الفوري عن جميع المختطفين.
مطالب ملحة
حمّلت رابطة أمهات المختطفين جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن سلامة المختطفين، ودعت الأمم المتحدة ومكتب المبعوث الأممي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى الضغط لوقف حملات الاختطاف والإخفاء القسري، وإلزام الجماعة باحترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان.
جددت الرابطة تضامنها الكامل مع أسر الضحايا، مؤكدة أن “صوت العدالة لن يُسكت، وأن الجرائم لا تسقط بالتقادم”.
معاناة مستمرة
أكدت أمهات وأخوات وزوجات وبنات المعتقلين المغيبين في سجون المحافظة أنهن لا يعرفن شيئاً عنهم. وأضفن أنه منذ اختطافهم “تغير كل شيء”، وأصبحت البيوت صامتة والموائد ناقصة، والأطفال يسألون كل ليلة: “متى يعود آباؤهم؟”.
في رسالة مشتركة، أكدت الأسر أن “الليالي طويلة والخوف ينام معها”، وأنها تخاف أن تسمع خبراً سيئاً وتعيش “بين الأمل واليأس”. وأضافت أنها “تعبت من الانتظار ومن السؤال ومن الطرق المغلقة، والناس الذين يخافون حتى من ذكر أسمائهم”.