تزايدت حدة الانتقادات المحلية والدولية لحملة الاعتقالات التي نفذتها جماعة الحوثي في محافظة ذمار، جنوب صنعاء، والتي طالت عشرات المدنيين. المنظمات الحقوقية تطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف الانتهاكات والإفراج عن المختطفين.
خلال الأيام القليلة الماضية، نفذت الجماعة مداهمات واسعة في مدينة ذمار ومديريات أخرى، أسفرت عن اختطاف ما يقارب 90 مدنياً. من بين المختطفين قيادات حزبية ومحلية سابقة، بالإضافة إلى تربويين وأكاديميين وطلبة جامعيين وتجار وأطباء وأئمة مساجد.
حملة قمع واسعة
تأتي هذه الحملة في سياق قمعي وصف بأنه “الأوسع منذ شهور” ضد أبناء محافظة ذمار. تزامنت الاعتقالات مع انتشار أمني مكثف في أحياء المدينة وعدد من المديريات، ما أثار مخاوف من توسيع دائرة الاعتقالات وإسكات الأصوات المعارضة.
الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين أدانت في بيان رسمي الحملة الحوثية التي استهدفت مدنيين من مختلف الفئات. الهيئة أكدت أن الجماعة نفذت عمليات دهم متزامنة في عدة مديريات باستخدام عربات مدرعة وعناصر مقنعة، إضافة إلى نساء من “الزينبيات”.
تزايد المخاوف
أشارت الهيئة إلى أن عدد المختطفين تجاوز 70 شخصاً في ذمار وحدها، وسط مخاوف متزايدة على سلامتهم الجسدية والنفسية. اتساع رقعة الحملة يُشير إلى نية الجماعة “ترهيب المجتمع وإخضاعه بالكامل”.
الهيئة اعتبرت هذه الممارسات “جريمة حرب جماعية” تهدف إلى تكميم الأفواه وإخماد أي مظاهر للرفض الشعبي. وحذرت من أن استمرار هذه الانتهاكات في ظل الصمت الدولي سيشجع الجماعة على مزيد من القمع والتنكيل.
مطالب بالإفراج الفوري
طالبت الهيئة بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً، وتمكين المنظمات الحقوقية والإنسانية، بما فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من زيارة أماكن الاحتجاز والاطلاع على أوضاع المعتقلين.
شبكة سجون سرية
كشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات عن استحداث الحوثيين أكثر من 26 سجناً ومعتقلاً خاصاً في محافظة ذمار. بعض هذه السجون والمعتقلات تقع في مرافق حكومية وأماكن عامة، مثل سجن الأمن والمخابرات وسجن كلية المجتمع.
الجماعة تستخدم هذه المعتقلات لاحتجاز السكان والمسافرين المارين عبر الخطوط التي تربط ذمار بصنعاء، ومحافظات إب وتعز. الشبكة اليمنية أكدت أن عناصر الحوثي حولوا ذمار إلى “مركز رئيسي للاعتقال والتعذيب الوحشي”.
معاناة المختطفين
أكثر من 1168 مختطفاً ومخفياً قسراً يقبعون في سجون ذمار، بينهم 479 من أبناء المحافظة. عمليات المداهمة الأخيرة رافقها نهب واسع لمنازل المدنيين، واعتداءات على النساء والأطفال وكبار السن.
الشبكة اليمنية وصفت المشهد بـ”الاجتثاث الواسع لأبناء المحافظة”، مؤكدة أن ما يجري يمثل “انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الخاصة بحماية المدنيين”. وحملت الجماعة الحوثية كامل المسؤولية عن سلامة المحتجزين، مطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.
انتهاكات حقوق الإنسان
منظمة مساواة للحقوق والحريات أدانت “الممارسات الإجرامية” بحق المدنيين في ذمار، معتبرة أن استمرار الاعتقالات التعسفية يُشكل انتهاكاً صارخاً للسلم والأمن الاجتماعي، وتحدياً واضحاً للمواثيق الدولية.
الحملة تأتي في سياق سياسة ممنهجة اعتمدتها الجماعة لقمع المجتمع المحلي وتكميم الأفواه، بعد تزايد حالة السخط الشعبي في مناطق سيطرتها. المنظمة طالبت بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين، وحمّلت الحوثيين المسؤولية الكاملة عن حياتهم وسلامتهم.
استهداف الأكاديميين
أفادت مصادر حقوقية بأن الحوثيين استهدفوا عشرات الأكاديميين والطلاب في جامعة ذمار، التي تحولت ساحتها إلى موقع لتجمع العربات العسكرية المشاركة في حملات الاختطاف.
هذه الانتهاكات تأتي ضمن مساعٍ حوثية لتعميم القمع والخوف، بعد تزايد موجات الرفض الشعبي في المحافظة التي تكثف فيها الجماعة أعمال الاستقطاب والتجنيد. تصاعد القمع يعكس ارتباك قيادة الجماعة وتخوفها من فقدان السيطرة الاجتماعية في ظل الأزمة الاقتصادية.
ذمار.. سجن كبير
التقارير الحقوقية تشير إلى أن محافظة ذمار تحولت في السنوات الأخيرة إلى “سجن كبير” يعاني سكانه الملاحقات والتضييق. المجتمع الدولي يواصل الصمت حيال ما يوصف بأنه “انتهاك شامل لحقوق الإنسان في مناطق سيطرة الحوثيين”.


