تصاعدت حدة الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي تجاه إسرائيل في اليومين الماضيين، وذلك بالتزامن مع محاولات الجماعة لتضخيم هذه العمليات التي تأتي في أعقاب الضربة الإسرائيلية التي استهدفت صنعاء، وأسفرت عن مقتل رئيس حكومة الحوثيين وعدد كبير من وزرائه يوم الخميس الماضي.
عمليات عسكرية نوعية
وسط تصاعد القلق الأممي حيال تفاقم الأوضاع، أعلنت الجماعة الحوثية، المتحالفة مع إيران، تنفيذ سلسلتين من العمليات العسكرية ضد أهداف إسرائيلية، زاعمة إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة على مواقع “حساسة” في تل أبيب.
تشمل العمليات المعلنة مهاجمة ميناء أسدود ومحطة كهرباء ومطار بن غوريون، إضافة إلى استهداف سفينة في البحر الأحمر، حسب ادعاءات الجماعة.
اعتراض الصواريخ
من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي اعتراض طائرة مسيرة يوم الثلاثاء، وصاروخ يوم الأربعاء، الأمر الذي أدى إلى تفعيل صفارات الإنذار داخل إسرائيل للمرة الأولى منذ الضربة التي أودت بحياة رئيس حكومة الحوثيين ووزرائه.
تفاصيل الهجوم الصاروخي
أوضح المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان متلفز، أن “القوة الصاروخية نفذت عملية مزدوجة بصاروخين باليستيين، أحدهما من طراز (فلسطين-2) الانشطاري متعدد الرؤوس، والآخر من نوع (ذو الفقار)”.
زعم سريع أن الهجوم استهدف “أهدافاً حساسة في يافا (تل أبيب)”، وأنه حقق إصابات مباشرة، مؤكداً أن العملية تأتي “رداً أولياً على العدوان الإسرائيلي على صنعاء”.
استهداف مواقع إسرائيلية
في بيان سابق، أعلن سريع تنفيذ خمس عمليات جديدة بطائرات مسيرة وصاروخ مجنح، مدعياً أنها استهدفت مبنى هيئة الأركان الإسرائيلي في تل أبيب، ومحطة كهرباء الخضيرة، وميناء أسدود، ومطار بن غوريون.
كما أشار إلى مهاجمة سفينة “MSC ABY” شمال البحر الأحمر، بحجة مخالفتها الحظر المفروض على الملاحة نحو الموانئ الإسرائيلية.
مزاعم الحوثيين
ادعى المتحدث باسم الحوثيين أن هذه العمليات “أصابت أهدافها بدقة”، متوعداً بتصعيد “الردع” في المرحلة المقبلة، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.
أقر الجيش الإسرائيلي باعتراض مسيرة وصاروخ واحد تم اعتراضهما، يومي الثلاثاء والأربعاء، موضحاً أن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة، وأن المجال الجوي أغلق مؤقتاً.
تهديد متزايد
يرى مراقبون أن تل أبيب تتعامل بحذر مع هذه الهجمات الحوثية، لكنها لا تنفي خطورة تحول الجبهة اليمنية إلى مصدر تهديد متكرر في ظل انشغال إسرائيل في غزة ولبنان.
تأتي هذه الهجمات في سياق سعي الحوثيين لتعظيم قوتهم أمام قواعدهم، عقب الخسارة الضخمة التي لحقت بهم بعد مقتل رئيس حكومتهم وقيادات رفيعة في ضربة إسرائيلية استهدفت صنعاء الخميس الماضي.
دعم شعبي
ربطت الجماعة الحوثية هجماتها بذكرى المولد النبوي الشريف، وقدمتها بوصفها جزءاً من “المعركة المقدسة لنصرة غزة”، في خطاب يتماشى مع استراتيجيتها الإعلامية لتعزيز الزخم الشعبي رغم خسائرها الأخيرة.
منذ نوفمبر 2023، كثف الحوثيون عملياتهم تجاه إسرائيل وضد سفن الشحن باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية والمجنحة، مما تسبب في مقتل إسرائيلي واحد، وغرق أربع سفن، وقرصنة سفينة خامسة، إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 9 بحارة.
غارات إسرائيلية
ردت إسرائيل بشن 15 موجة من الغارات المركزة على مواقع تابعة للجماعة الحوثية في صنعاء والحديدة، وكان أبرزها الأسبوع الماضي، حين خسرت الجماعة صفّيها السياسي والإداري جراء ضربة استهدفت اجتماعاً في صنعاء.
تداعيات خطيرة
في الأثناء، عبر المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن “قلقه البالغ” إزاء استمرار دوامة العنف بين الحوثيين وإسرائيل، محذراً من تداعياتها الخطيرة على اليمن والمنطقة.
غروندبرغ، الذي أنهى زيارة إلى مسقط شملت لقاءات مع مسؤولين عمانيين وكبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام، دعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس وخفض التصعيد وحماية المدنيين.
شدد غروندبرغ على مسؤولية المجتمع الدولي في دعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد تسوية شاملة لليمن.
إدانات أممية
لم يقتصر انتقاد غروندبرغ على التصعيد العسكري، بل جدد إدانته الشديدة لحملة الاعتقالات التي نفذها الحوثيون بحق موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، مطالباً بالإفراج “الفوري وغير المشروط” عنهم.
أكد أن استمرار هذه الممارسات يعرض عمليات الأمم المتحدة ومساعداتها الإنسانية لخطر جسيم، ويضع سلامة موظفيها في مواجهة تهديد مباشر.