عشية ذكرى ثورة 26 سبتمبر، كثفت جماعة الحوثي إجراءاتها الأمنية في صنعاء ومحافظات أخرى، تحسباً لمظاهرات شعبية. وشملت الإجراءات حملة اعتقالات واسعة طالت المئات، وسط تنديد حقوقي بتصاعد القمع.
اعتقالات بالجملة
أفادت مصادر حقوقية بتوسيع الحوثيين نطاق حملات المداهمة والاعتقال، حيث بلغ عدد المعتقلين 275 شخصاً على الأقل في حجة وصنعاء وذمار وإب. وتضم قائمة المعتقلين موظفين وطلاباً وكتاباً ونشطاء، بتهمة الاشتباه في نيتهم الاحتفال بذكرى الثورة.
من بين أبرز المعتقلين، الشاعر أوراس الإرياني والكاتب ماجد زايد، اللذان اختطفا في صنعاء. وتثير حالة الإرياني الصحية قلقاً بالغاً، كونه مصاباً بالسكري وأمراض مزمنة، فيما طالب أدباء وكتاب حوثيون بالإفراج الفوري عنه.
سخرية الإرياني
عرف الإرياني بسخريته اللاذعة من الأوضاع السياسية والاجتماعية، وهو ما أثار حفيظة الحوثيين. وكان قد انتقد الجماعة في منشور له بمناسبة ذكرى انقلابها في 21 سبتمبر، قائلاً: “المواطن اليمني يمد يده إلى جيبه فلا يجد سوى أيدي الحوثيين”.
أما ماجد زايد، فوصف بأنه “أيقونة الفضاء الإلكتروني”، وقد اعتقل بسبب مشاركته أغاني وطنية تمجد ثورة 26 سبتمبر، مع تعليق بأنه “عمل رائع ومليء بالمشاعر الوطنية”.
مداهمات وتهديدات
في سياق متصل، داهمت قوة حوثية منزلاً في همدان شمال صنعاء، واعتقلت عارف وعبد السلام قطران، بسبب احتفالهما بذكرى الثورة. وهدد المسلحون باقتحام المنزل إذا لم يسلم الشابان نفسيهما.
بيان شديد اللهجة
تزامنت الإجراءات القمعية مع بيان لوزارة داخلية الحوثيين، تتهم فيه المحتفلين بالثورة بأنهم “عملاء للأعداء” يسعون إلى “تنفيذ مخططات خبيثة” لضرب الجبهة الداخلية.
وزارة الحوثيين الانقلابية توعدت بعقوبات صارمة ضد أي أنشطة شعبية، وحظرت أي مظاهر احتفالية بالثورة، سواء رفع الأعلام، أو تنظيم التجمعات، أو النشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
حظر احتفالات سبتمبر
ودعا البيان السكان إلى “رفع مستوى اليقظة” والإبلاغ عن أي تحركات “مشبوهة”، معلناً حظر أي مظاهر احتفالية تتعلق بـ”الثورة»، سواء أكانت عبر رفع الأعلام، أم تنظيم التجمعات، أم النشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
استنفار أمني وعسكري
يأتي هذا القمع بالتزامن مع استنفار عسكري في صنعاء ومحافظات أخرى تحت سيطرة الحوثيين. وتشمل الإجراءات انتشار الدوريات المسلحة ونصب نقاط تفتيش جديدة، خصوصاً في الأحياء التي شهدت محاولات لإحياء ذكرى الثورة.
في محافظة حجة، أجبر الحوثيون أصحاب المتاجر على إنزال الأعلام اليمنية، وهددوهم بالإغلاق والغرامات في حال المخالفة.
رمزية الثورة
تمثل ثورة 26 سبتمبر 1962 حدثاً مفصلياً في تاريخ اليمن، حيث أسقطت نظام الإمامة الذي يسعى الحوثيون لاستعادته.
ورغم محاولات الحوثيين طمس رمزية هذه المناسبة، يحييها اليمنيون سنوياً كشكل من أشكال رفض الانقلاب والتمسك بالقيم الجمهورية.
مطالبات بالإفراج
يرى مراقبون أن تصاعد القمع الحوثي يعكس مخاوف من احتجاجات شعبية واسعة، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية والسخط الشعبي.
وطالبت منظمات محلية ودولية الحوثيين بوقف الاعتقالات التعسفية والإفراج عن المختطفين، معتبرة أن هذه الانتهاكات تمثل تصعيداً خطيراً في سجل الجماعة ضد الحريات العامة.