تفاقم الأزمة المعيشية في مناطق سيطرة الحوثيين مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسب قياسية تجاوزت 200% مقارنة بالأسعار العالمية، بالتزامن مع تراجع حاد في واردات القمح عبر موانئ البحر الأحمر.
ارتفاع قياسي بالأسعار
كشف تقرير أممي حديث عن إطلاق أكثر من 223 تنبيهاً حرجاً خلال شهر يوليو الماضي حول واردات الأغذية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وأظهرت البيانات ارتفاع متوسط الأسعار المحلية للمواد الغذائية المستوردة بنسبة 205% مقارنة بالأسعار العالمية، متجاوزاً بذلك العتبة الحرجة بنسبة 85%. وسجلت محافظات الجوف والمحويت وحجة أعلى مستويات هذا المؤشر.
تباين إقليمي حاد
في المقابل، اقتصرت التنبيهات الحرجة في مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على محافظة المهرة، حيث شهد سعر زيت الطهي ارتفاعاً محلياً بنسبة 176% على أساس سنوي، مقابل زيادة عالمية لم تتجاوز 28%.
وأشار التقرير إلى تحسن ملحوظ في قيمة العملة اليمنية بالمناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، حيث استعادت نحو 45% من قيمتها، بينما ظل سعر الصرف ثابتاً في مناطق سيطرة الحوثيين.
تحديات السيولة النقدية
حذر التقرير من استمرار المخاوف المتعلقة بالسيولة واحتياطيات النقد الأجنبي في مناطق الحوثيين، مؤكداً أن أسعار السلع الأساسية بالدولار ما تزال أعلى بكثير مقارنة بمناطق الحكومة.
كما رصد التقرير المشترك لبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة “أكابس” 30 إنذاراً حرجاً و184 إنذاراً مشدداً لمؤشر واردات الوقود، غالبيتها في محافظة حجة.
أسعار الوقود الملتهبة
أوضح التقرير أن أسعار الوقود في مناطق سيطرة الحوثيين ارتفعت بنسبة 15% على أساس سنوي، في حين تراجعت الأسعار العالمية بنسبة 6.5%، مما أدى إلى فجوة بلغت 123%. وعلى النقيض من ذلك، بقيت أسعار الوقود في مناطق الحكومة اليمنية متوافقة إلى حد كبير مع الأسعار العالمية منذ شهر أبريل.
وسجل مؤشر أسعار المواد الغذائية 119 تنبيهاً مشدداً في مناطق الحكومة اليمنية، حيث بلغت تكلفة سلة الغذاء الدنيا 192 ألف ريال يمني (نحو 68 دولاراً)، بزيادة 44% على أساس سنوي.
تكلفة سلة الغذاء
أما في مناطق الحوثيين فارتفعت تكلفة السلة بنسبة طفيفة (2.8%) لتصل إلى 47 ألف ريال، لكنها تعادل 88.6 دولار عند احتسابها بالدولار، ما يعكس فجوة واسعة بين السعر المحلي وقيمته الفعلية بالعملة الصعبة.
وكشفت البيانات عن أن إجمالي واردات الأغذية خلال شهر يوليو بلغ 268 ألف طن متري، وهو أعلى بنسبة 6% من المتوسط المتحرك خلال 12 شهراً، لكنه أقل بنسبة 33% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
تراجع حاد في الواردات
أشار التقرير إلى أن الموانئ الخاضعة للحوثيين استقبلت 180 ألف طن فقط، أي أقل بنسبة 37% من العام السابق، ويعزى ذلك جزئياً إلى تداعيات الأزمة الإقليمية. أما الموانئ الحكومية فسجلت انخفاضاً في الواردات بنسبة 22% على أساس سنوي، و37% عن المتوسط السنوي.
وبالنسبة للوقود، فقد تراجعت الواردات عبر موانئ الحوثيين بنسبة 13% عن المتوسط السنوي، فيما شهدت الموانئ الحكومية أدنى مستوى للواردات منذ شهر فبراير الماضي، بانخفاض 28% عن المتوسط.
مؤشرات النزاع الأمني
على صعيد الوضع الأمني، سجل مؤشر النزاع 15 تنبيهاً مشدداً، بينها 12 في مناطق سيطرة الحوثيين وثلاثة في مناطق الحكومة اليمنية، وهو أدنى رقم منذ شهر فبراير 2024. وأشار معدو التقرير إلى أن ذلك يعكس تراجع الوفيات المرتبطة بالنزاع بين ديسمبر الماضي وأبريل 2025.
لكن التقرير لفت إلى أن محافظات الحديدة وصعدة وصنعاء شهدت غارات جوية وانفجارات، من بينها انفجار في مستودع أسلحة للحوثيين في بني حشيش بضواحي صنعاء، أوقع خسائر بشرية وأضراراً في الممتلكات. كما وثق التقرير اشتباكات في مناطق سيطرة الحكومة مع مقاتلين حوثيين، أسفرت عن قتلى من الجانبين.
حركة النزوح الداخلي
أما فيما يتعلق بحركة النزوح الداخلي، فقد سُجل نزوح 232 أسرة خلال شهر يوليو، وهو رقم قريب من المتوسط الشهري (227 أسرة). وبيّن التقرير أن أبرز الحالات وقعت في مديرية الميناء بمحافظة الحديدة، حيث نزحت 44 أسرة بسبب النزاع في شهر مايو، متجاوزة العتبة الحرجة للمؤشر.