في خطوة تهدف إلى تهدئة الأوضاع المتوترة في الجنوب وتعزيز الاستقرار السياسي الداخلي، أقرّ مجلس الوزراء اللبناني في جلسته الأخيرة حزمة قرارات هامة، شملت دعم خطة الجيش لحصر السلاح وتعزيز سلطة الدولة، بالإضافة إلى مشروع قانون يتعلق بتعليق العمل ببعض مواد قانون الانتخاب.
خطة حصرية السلاح
أثنى مجلس الوزراء على الخطة التي قدمها الجيش اللبناني لحصر السلاح، مؤكداً دعمه الكامل لهذه الخطة رغم التحديات التي تواجهها، وعلى رأسها استمرار الاحتلال الإسرائيلي. وشدد المجلس على أهمية العمل الدبلوماسي والسياسي لوقف الانتهاكات المتكررة للسيادة اللبنانية.
وعقب عرض قائد الجيش للخطة، عبّر الوزراء عن تقديرهم للجهود التي تبذلها المؤسسة العسكرية في الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان.
تعديل قانون الانتخاب
في سياق متصل، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون معجل مكرر يقضي بتعليق العمل بالمادة 112 من قانون الانتخاب، والعودة إلى الصيغة المعتمدة في انتخابات عام 2022، بما يسمح للمغتربين بالتصويت لجميع النواب الـ 128 في انتخابات عام 2026.
يهدف هذا التعديل إلى ضمان مشاركة أوسع للمغتربين اللبنانيين في العملية الانتخابية، وتفادي أي فراغ تشريعي محتمل. وقد أحال المجلس مشروع القانون إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره.
خلافات وزارية حادة
كشفت مصادر مطلعة عن خلافات حادة شهدتها الجلسة بين الوزراء المؤيدين والمعارضين للتعديل المقترح على قانون الانتخاب، الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية جوزيف عون إلى طرح المسألة للتصويت لحسم الجدل.
وأكد وزير العدل عادل نصار أن المجلس وافق على اعتماد القانون الحالي كأساس للانتخابات المقبلة، مع تعليق المادة 112 لمرة واحدة فقط، في خطوة تهدف إلى تحقيق توافق وطني حول هذه القضية الحساسة.
الكرة في ملعب البرلمان
بهذا القرار، تكون الحكومة قد أحالت ملف قانون الانتخاب إلى مجلس النواب، حيث من المتوقع أن يشهد نقاشات حادة بين الكتل النيابية المختلفة، بين مؤيد ومعارض للتعديل.
ويرى البعض في هذا التعديل ضماناً للمشاركة الشاملة للمغتربين، بينما يعتبره آخرون التفافاً على الإصلاحات الانتخابية المطلوبة، ما ينذر بمعركة سياسية حامية تحت قبة البرلمان.
رسائل سياسية واضحة
بحسب مراقبين سياسيين، تحمل قرارات مجلس الوزراء الأخيرة رسائل سياسية واضحة، إذ تعكس محاولة رئاسية لتحقيق توازن بين التهدئة الميدانية والتثبيت السياسي، من خلال التأكيد على خيار التفاوض لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ودعم خطة الجيش لحصر السلاح.
وفي الداخل، تسعى الحكومة إلى إظهار تماسك مؤسساتي قبيل الدخول في مرحلة التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة، من خلال وضع ملف قانون الانتخاب على طاولة البرلمان.
تصريحات متباينة للوزراء
قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء، أدلى عدد من الوزراء بتصريحات تعكس التباين في وجهات النظر حول تعديل قانون الانتخاب، حيث أيد البعض مشاركة المغتربين في انتخاب جميع النواب، بينما عارض آخرون أي مساس بالقانون الحالي.
وأكد وزير الإعلام بول مرقص أن هاجس الحكومة الأول هو ضمان مشاركة غير المقيمين في الانتخابات، ووحدة موقف الحكومة، مشيراً إلى استعداده لطرح أي مخرج قانوني توافقي.
دعم للمغتربين
على هامش الجلسة، استقبل رئيس الحكومة نواف سلام وفداً من المجلس التنفيذي للرابطة المارونية، الذي جدد مطالبة الرابطة بتمكين المنتشرين اللبنانيين من المشاركة في الحياة السياسية، ومنحهم الحق في انتخاب ممثليهم في البرلمان.
كما شدد الوفد على ضرورة تطبيق القرارات الدولية، وحصر السلاح بيد الدولة، وتسليمه إلى الجيش اللبناني، الذي هو حصن الدولة وسيادتها.


