الأربعاء 2 يوليو 2025
spot_img

الحظر يطال الفن: توترات الهند وباكستان تخنق الإبداع

تصاعدت حدة التوترات بين الهند وباكستان مطلع أيار/مايو الماضي، لتشهد أسوأ مواجهة منذ عقود، وامتد الصراع إلى الفضاء الرقمي، مهددًا عقودًا من التبادل الثقافي المشترك، خاصة في مجالي السينما والموسيقى.

تواجه الهند تداعيات الهجوم الذي استهدف سياحًا في كشمير، وتتهم إسلام آباد بدعم “الإرهاب عبر الحدود”، ما دفعها لاتخاذ إجراءات تصعيدية.

السينما والموسيقى في مرمى النيران

لطالما كانت السينما ساحة للتنافس الرمزي بين البلدين، إلا أن هذه الجولة من التصعيد طالت الموسيقى والمؤثرين الذين نجوا من التوترات السابقة.

علي غل بير، الفنان الباكستاني، فوجئ بحظره على “يوتيوب” و”إنستغرام” في الهند، رغم أن أغنيته الساخرة المنتقدة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لم تواجه أي رد فعل انتقامي عام 2017.

الفضاء الرقمي جسر مهدد

“يدرك الهنود أن الفضاء الرقمي يمثل جسرًا بين الباكستانيين والهنود، ويبدو أنهم يريدون قطع هذا الرابط”، هكذا وصف غل بير الوضع لوكالة الصحافة الفرنسية.

بعد هجوم كشمير في نهاية نيسان/أبريل، تصدرت أغنية “جهول” للمغنية الباكستانية أنورال خالد قائمة الأغاني الأكثر استماعًا على “سبوتيفاي” في الهند.

“منع كل شيء” في الهند

توضح أنورال خالد، التي تحظى أغنياتها بـ 5.5 مليون مستمع شهريًا، أن “نيودلهي كانت المدينة التي حظيت فيها بأكبر عدد من الاستماعات”.

أضافت: “فقدت جزءًا كبيرًا من جمهوري” بعد حجب “سبوتيفاي” قنوات باكستانية عدة في الهند، السوق الأكبر للمنتجات الثقافية، بفضل عدد سكانها الذي يتجاوز 1.4 مليار نسمة، يتحدث الكثير منهم الهندية، وهي لغة قريبة جدًا من الأردية، اللغة الرسمية لباكستان.

حظر واسع النطاق

إضافة إلى عشرات القنوات على “يوتيوب” و”سبوتيفاي”، أمرت الهند منصة “إكس” بحظر أكثر من 8 آلاف حساب، من بينها حسابات لممثلين وموسيقيين ولاعبي كريكيت باكستانيين.

“من المحزن أن السياسة تحدث انقسامات وتقيم حواجز في الفن”، هكذا عبرت دعاء زهرة من شركة “وارنر براذرز” للإنتاج الموسيقي في باكستان عن أسفها.

بوليوود نافذة الشهرة

لعقود طويلة، كان الوصول إلى الشهرة بالنسبة للمغنين والموسيقيين والمخرجين الباكستانيين وغيرهم من الفنانين ممكنًا فقط من خلال بوليوود.

لكن هذا الأمر يبقى رهنًا بالعلاقات بين البلدين، حيث قد تقرر السلطات في أي من البلدين وقف إصدار التأشيرات لرعايا البلد الآخر، وهو ما حدث بالفعل في مناسبات سابقة.

تأجيل عرض الأفلام

فؤاد خان تمكن من دخول عالم بوليوود بتصوير أفلامه في استوديوهات لندن دون الحصول على تأشيرة دخول إلى بومباي.

لكن عرض فيلمه الأخير “عبير غلال”، الذي كان مقررًا في 9 أيار/مايو في الهند، تأجل إلى أجل غير مسمى.

دعوات للمقاطعة

في ذروة المواجهة بين البلدين، دعا الممثل الهندي سونيل شيتي، نجم فيلم “مين هون نا” الذي روج للسلام بعد وقف إطلاق النار في كشمير، إلى “منع كل شيء (…) الكريكيت، والأفلام، وكل شيء”.

بعد أيام قليلة، اختفى وجه ماهرة خان، الممثلة الباكستانية، من ملصق الموسيقى التصويرية لفيلم “رئيس”، ليظهر فقط شاه روخ خان، “ملك” بوليوود.

قيود جديدة على الفنانين

قبل أسبوع، أعلن الممثل الهندي ديلجيت دوسانج أن فيلمه الأخير، الذي صوره مع 4 ممثلين باكستانيين، سيعرض “خارج الهند فقط” بناءً على توجيهات جديدة من وزارة الإعلام الهندية.

خلال عشر سنوات من حكم مودي، يشعر النقاد بالقلق من رؤية بوليوود تنتج المزيد من الأفلام ذات الصبغة القومية الهندوسية.

“بناء الجسور” رغم القيود

رغم كل هذه القيود، لا تتراجع المنتجات الثقافية العابرة للحدود في شعبيتها، ففي أحد الأسابيع، ضمت قائمة أفضل 20 أغنية على “سبوتيفاي” في الهند أغنيتين باكستانيتين، بينما ضمت قائمة أفضل 10 أفلام على “نتفليكس” في باكستان 3 أفلام هندية.

“نشأت مع بوليوود؛ ونتشارك معهم الصدمات والتاريخ والقصص نفسها”، هكذا عبرت الناقدة السينمائية الباكستانية ساجير شيخ، التي كان والدها من محبي السينما الهندية.

المسلسلات التلفزيونية الباكستانية

في باكستان، التي لم تعد تضم سوى عدد قليل من دور السينما، تحتفظ المسلسلات التلفزيونية الباكستانية بمكانتها القوية مقارنة بجارتها.

قناة “هم تي في” الباكستانية دعت مشاهديها الهنود، الذين يشكلون 40 بالمئة من جمهورها، إلى استخدام شبكات افتراضية خاصة (VPN) لتجنب تفويت الحلقات المقبلة من أعمالهم المفضلة.

الفن والمبارزة الموسيقية

يعتزم علي غل بير استخدام هذه الطرق الموازية لمواصلة “بناء الجسور”.

“يجب أن نعتمد فقط على الفن والمبارزة الموسيقية”، مضيفًا: “هل يمكننا التوقف عن قصف بعضنا بعضًا؟”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك