تتزايد التساؤلات في الأوساط السياسية اللبنانية حول مستقبل “التيار الوطني الحر” الذي يقوده النائب جبران باسيل، بعد أن تحول إلى القوة النيابية الرئيسية في صفوف المعارضة بعد استبعاده من حكومة “الإصلاح والإنقاذ” التي تم تشكيلها رسميًا يوم السبت الماضي.
وكان “التيار” قد احتفظ بحصة وزارية كبيرة، تضمنت ستة وزراء من أصل 24 في حكومة تصريف الأعمال السابقة برئاسة نجيب ميقاتي، والتي تشكلت خلال ولاية الرئيس السابق ميشال عون. إلا أنه تم دفعه نحو المعارضة نتيجة عدم تلبية العروض المقدمة لطموحاته، رغم تصويته الحاسم لصالح الرئيس المكلف نواف سلام.
ويقتصر التمثيل المسيحي في الحكومة الحالية على حزبي “القوات اللبنانية” بأربعة وزراء و”الكتائب” بوزير واحد، بينما تم تعيين باقي الوزراء المسيحيين من قبل رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة.
حالة من الانقسام
ومن جهة أخرى، لم يكن تيار “المردة” برئاسة النائب السابق سليمان فرنجية راضيًا عن العروض التي قُدمت له، حيث فضل أيضًا التواجد خارج الحكومة التي يتعين عليها الإشراف على الانتخابات النيابية المقررة في مايو 2026.
وفي أول تصريح له بعد تشكيل الحكومة، قال باسيل إنه لا يتمسك بأي شيء ولكنه في ذات الوقت لا يقبل بتسمية من يمثلونه، مؤكدًا: “ليست المرة الأولى التي نواجه فيها تحالفاً رباعياً، وسنواجهه ألف مرة من أجل ما نؤمن به حتى لو كنا وحدنا”.
وردًا على ما صرح به باسيل حول نشاط “القوات اللبنانية”، اعتبرت الدائرة الإعلامية في الحزب أن باسيل أصبح “حالة مكشوفة” في نظر الرأي العام ولم تعد لمواقفه أي تأثير.
سجال مستمر
وشهدت الساحة السياسية سجالاً بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” على خلفية تشكيل الحكومة. إذ اتهم باسيل الحزب الأخير بأنه قبل تسمية وزراء من قبل سلام طمعًا في الحصول على حصة وزارية.
محاولات باسيل لإعادة بناء علاقاته مع الرئيس عون تأتي بعد “الصفعة” التي تعرض لها بعد انتخاب عون رئيسًا للجمهورية. وقد أكد أكثر من مرة أن كتلته النيابية ستظل داعمة للعهد، إلا أن ردود الفعل من جمهوره على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر تحفظًا كبيرًا تجاه هذه التحولات.
وفي ضوء ذلك، تشير مصادر قريبة من “الوطني الحر” إلى أن “كل شيء قد يتغير في حال شعر باسيل بأنه معرض للعزل”. وتبرز المصادر أن قوة “التيار” تكمن في حرية القرار والحركة، مما يؤهله لاتخاذ مواقف متسقة مع مبادئه ومصلحة لبنان.
مواجهة الانتخابات القادمة
ويرى مراقبون أن باسيل يواجه تحديات عديدة، وأن الانتخابات المقبلة تمثل اختبارًا حقيقيًا له، خاصةً بعد الفشل الذي شهدته فترة رئاسة ميشال عون. كما أن العلاقة المعقدة بينه وبين العماد جوزيف عون تعتبر نقطة ضعف، نظرًا للخلافات التي نشأت بينهما، خاصة بعد انتخاب الأخير رئيسًا للجمهورية.
وقد لوحظ أن باسيل منذ البداية لم يكن متقبلًا لتعيين جوزيف عون قائداً للجيش، حيث كان لديه مرشح آخر، لكن الرئيس ميشال عون أصّر على اسمه. كما حاول عون ضبط الخلافات المتصاعدة بين صهره وقائد الجيش، إلا أن الأحداث التي وقعت في 17 أكتوبر 2019 فاقمت تلك التوترات، إذ رأى باسيل أن جوزيف عون قد انقلب عليه.