قانون التعليم المصري الجديد رقم 169 لسنة 2025، فتح الباب أمام نقاش واسع في الشارع المصري بين أولياء الأمور والطلاب والمعنيين بالعملية التعليمية، البعض اعتبره قفزة نوعية نحو نظام أكثر مرونة يواكب التجارب العالمية، بينما نظر إليه آخرون بريبة خشية أن يثقل كاهل الأسر أو يربك مستقبل الأبناء.
وسط هذا الجدل، قدّم الكاتب الصحفي رفعت فياض، المعروف بمتابعته الدقيقة لملفات التعليم ودعمه لإصلاحاته، رؤيته حول النظام الجديد، مؤكدًا أنه ليس وليد اللحظة بل ثمرة نقاشات مستفيضة وحوار مجتمعي موسع.
حوار مجتمعي ومشاركة واسعة
أوضح فياض أن مشروع القانون مرّ بمسار طويل من النقاشات داخل لجان الحوار المجتمعي منذ يناير الماضي، ولم يكن قرارًا إداريًا مفاجئًا، حيث شارك في هذه المناقشات وزراء التعليم العالي والصحة ورؤساء الجامعات إلى جانب ممثلين عن الطلاب وأولياء الأمور.
ولإضفاء مزيد من الشفافية، أجرت وزارة التربية والتعليم استبيانًا للرأي العام، كشف أن 88% من المشاركين يفضلون تطبيق نظام البكالوريا الجديد مقارنة بالنظام التقليدي للثانوية العامة، وهو ما اعتبره فياض انعكاسًا لرغبة الأغلبية في الإصلاح وتغيير المسار.
ملامح النظام الجديد: مرونة ومسارات تخصصية
النظام الجديد، بحسب فياض، مستوحى من تجارب التعليم الدولية الناجحة مثل IGCSE والدبلومة الأمريكية، لكنه صُمم ليتناسب مع الواقع المصري.
أبرز ملامحه:
إعادة الامتحانات: متاحة لتحسين الدرجات، في خطوة تمنح الطلاب فرصًا إضافية للتفوق.
الاختيارية: البكالوريا ليست إلزامية، بل بديل متاح إلى جانب النظام التقليدي.
تقليل المواد: يدرس الطالب أربع مواد فقط في الصف الثاني الثانوي، تنخفض إلى مادتين فقط في الصف الثالث الثانوي، لتخفيف الضغط الدراسي.
أما من حيث التخصص، يفتح القانون المجال أمام الطلاب لاختيار واحد من أربعة مسارات تتماشى مع ميولهم المستقبلية:
مسار الطب والعلوم الحيوية: للطلاب المتطلعين إلى الالتحاق بالكليات الطبية والعلمية.
مسار الآداب والفنون الجميلة: لعشاق المجالات الأدبية والإبداعية.
مسار الهندسة وعلوم الحاسب: للطلاب ذوي الميول التقنية والهندسية.
مسار الأعمال: للراغبين في دراسة التجارة وإدارة الأعمال.
التربية الدينية: حضور إلزامي دون تأثير على المجموع
أحد النقاط التي أثارت نقاشًا خاصًا هي وضع مادة التربية الدينية، حيث أكد فياض أنها ستظل مادة نجاح ورسوب، لكن دون أن تُضاف إلى المجموع الكلي. ويشترط لاجتيازها أن يحصل الطالب على 70% على الأقل من الدرجة المقررة، بما يحافظ على مكانة المادة التربوية دون أن تُثقل على مسار الطالب الأكاديمي.
قانون نافذ وبداية مرتقبة
أوضح فياض أن القانون الجديد قد صدر رسميًا بقرار من رئيس الجمهورية، وأن بداية تطبيقه ستكون مع العام الدراسي المقبل. واعتبر أن النظام الجديد لا يمثل مجرد تعديل شكلي، بل هو إعادة صياغة جذرية لفلسفة التعليم الثانوي في مصر، إذ يواكب التطورات العالمية ويستجيب لمتطلبات سوق العمل، في وقت باتت فيه المرونة والتخصص شرطًا أساسيًا للتميز.
بين التأييد والانتقاد
ورغم ما يحمله القانون من ملامح تطويرية، لم يخلُ من انتقادات. فهناك من يخشى من صعوبات التطبيق أو من تفاوت الفرص بين الطلاب في المدن والقرى، في حين يراه آخرون قاطرة إصلاح ستضع التعليم المصري على مسار عالمي جديد.
وفي خضم هذه الآراء المتباينة، يبقى العام الدراسي المقبل بمثابة الاختبار الحقيقي لمدى قدرة البكالوريا المصرية على إحداث التغيير المأمول، أو إثبات أنها مجرد تجربة أخرى في سلسلة طويلة من محاولات إصلاح التعليم.