وافق مجلس النواب المصري نهائياً على تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وسط جدل سياسي ومجتمعي، وذلك بعد إدخال تعديلات على ثماني مواد كانت محل اعتراض من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
اعتراضات نيابية على التعديلات
شهدت الجلسة العامة اعتراضات من عدد من النواب الذين طالبوا بتأجيل إقرار القانون إلى البرلمان القادم، حيث تركزت الاعتراضات على تعديل المادة 105 من القانون. وتتعلق المادة باستجواب المتهم في الحالات التي يُخشى فيها على حياته، وتنظيم حضور محامٍ أثناء الاستجواب.
تفاصيل المادة 105 المعدلة
تتيح المادة المعدلة لعضو النيابة الانتقال لاستجواب المتهم إذا كان ذلك لازماً لكشف الحقيقة، وذلك بعد طلب ندب محامٍ من نقابة المحامين الفرعية. ويحق لعضو النيابة استجواب المتهم إذا لم يحضر المحامي في الموعد المحدد لحين حضوره، كما يحق للمحامي الموكل أو المنتدب حضور جلسة التحقيق إذا حضر قبل انتهائها.
رفض رئاسي وإعادة نظر
كان مجلس النواب قد أقر القانون في وقت سابق، لكن الرئيس السيسي رفض التصديق عليه وأعاده إلى المجلس لإجراء تعديلات على بعض المواد. تركزت اعتراضات الرئيس على قضايا مرتبطة بضمانات حرمة المسكن، وتنظيم الحبس الاحتياطي، والإعلانات القضائية.
انسحاب نواب المعارضة
شهدت جلسة مجلس النواب انسحاب عدد من نواب المعارضة، بينهم الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي. وأكد النائب فريدي البياضي أن الانسحاب جاء رفضاً لتمرير تعديلات مهمة جرت خلال فترة زمنية قصيرة، خاصة تعديل المادة 105.
تعارض مع الدستور؟
يرى البياضي أن تعديل المادة 105 يتعارض مع المادة 54 من الدستور التي تنص على حقوق المتهم. وأشار إلى أن ملاحظات الرئيس كانت حول عدم الاتساق بين المادتين 105 و54، وأنه كان يجب تعديل الأخيرة لتحقيق هذا الاتساق.
دفاع عن التعديلات
دافع وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب، إيهاب الطماوي، عن صياغة المادة 105 النهائية، مؤكداً أنها تنظم حالات الضرورة. وأشار إلى أن المشكلة تكمن في نص المادة 54 من الدستور التي لم تتطرق صراحةً إلى حالة الضرورة الإجرائية.
الحرية الشخصية في الدستور
تنص المادة 54 من الدستور المصري على أن الحرية الشخصية حق طبيعي مصون، ولا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق. كما تنص على ضرورة إبلاغ كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، وتمكينه من الاتصال بذويه ومحاميه فوراً.
الحكومة والدستور
دافع وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، محمود فوزي، عن التعديلات التي أقرت، مؤكداً أن الحكومة لا تخالف الدستور. وأشار إلى أن نص تعديل المادة 105 لم يغير فلسفة القانون ولا فلسفة المادة 54 من الدستور.
دعوات للتريث
أكدت عضو مجلس النواب، فريدة الشوباشي، أنه كان يجب إرجاء إقرار تعديلات قانون الإجراءات الجنائية إلى البرلمان القادم. وأشارت إلى أن الأغلبية البرلمانية وافقت على التعديلات، لكنها تعتقد أنه كان من الأفضل التروي في إقرارها.
انسحابات واعتراضات سابقة
شهدت جلسة اللجنة الخاصة التي تولت صياغة تعديلات القانون انسحاب عدد من النواب ونقيب المحامين اعتراضاً على طرح تعديل المادة 105. كما أعلن نقيب الصحافيين تضامنه مع موقف نقابة المحامين.
انتهاك حقوق المتهمين؟
يرى عضو مجلس النواب، عاطف مغاوري، أن تعديل المادة 105 ينتهك حقوق المتهمين. وأشار إلى أن التعديل ينطوي على شبهة عدم دستورية لتعارضه مع المادة 54 من الدستور، وأنه يكرس للإجراءات الاستثنائية.