صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة على “إعلان نيويورك”، المنبثق عن “المؤتمر الدولي الرفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وحل الدولتين” برعاية سعودية فرنسية. ويتضمن الإعلان عقد اجتماع قمة في 22 سبتمبر، ضمن أعمال الدورة السنوية الـ80 للجمعية العامة في نيويورك.
تصويت تاريخي
وصدر القرار بموافقة 142 دولة، في حين عارضته 10 دول هي إسرائيل والولايات المتحدة والأرجنتين والمجر والباراغواي وبالاو وبابوا وغينيا الجديدة ومكرونيزيا ونوراو. وامتنعت 12 دولة عن التصويت، بما في ذلك ألبانيا والكاميرون وجمهورية التشيك وجمهورية الكونغو الديمقراطية والإكوادور وإثيوبيا وفيجي وغواتيمالا ومقدونيا الشمالية ومولدافيا وساموا وجنوب السودان.
يهدف القرار إلى تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط، من خلال اعتماد وثيقة ختامية لرسم مسار عاجل نحو تسوية سلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين. ويحدد إعلان نيويورك خطوات ملموسة ومحددة زمنياً لتحقيق هذا الهدف.
خريطة طريق للسلام
تضع الوثيقة المصادق عليها خريطة طريق تهدف إلى زيادة الاعترافات بدولة فلسطين، مع تكثيف الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب في غزة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية.
يؤكد المؤتمر الدولي على مسؤولية الأمم المتحدة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967. وتشمل النقاط الرئيسية دعوات لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم بتقرير المصير وبالدولة، والتوصل إلى حل عادل لقضية اللاجئين.
وتدعو الوثيقة إلى اتخاذ خطوات لا رجعة فيها نحو حل الدولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967، مع جعل القدس الشرقية عاصمة مشتركة. كما تسلط الضوء على دعم إصلاحات الحوكمة الفلسطينية، ونزع السلاح، والانتخابات الديمقراطية، وتقديم المساعدة الإنسانية المنسقة وإعادة إعمار غزة.
ملحق “نيويورك”
يتضمن إعلان نيويورك ملحقًا يحدد خطوات عملية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية، بدءًا من وقف الحرب في غزة، وإنشاء لجنة انتقالية لإدارتها تحت قيادة السلطة الفلسطينية وبمساعدة بعثة أممية لتحقيق الاستقرار.
تشمل الخطوات الأولية العمل على وقف إطلاق نار فوري ودائم، وإطلاق جميع الرهائن، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وإعادة رفات القتلى، وإيصال المساعدات إلى غزة، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
توحيد الأراضي الفلسطينية
تهدف الخطوة التالية إلى توحيد غزة مع الضفة الغربية، باعتبار أن القطاع جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، مع معارضة الاحتلال والحصار وتقليص الأراضي والتهجير القسري. وسيتم إنشاء لجنة إدارية انتقالية تعمل في غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية لفترة مؤقتة.
على الرغم من مسؤولية السلطة الفلسطينية عن الحكم والأمن في غزة، سيتم إنشاء بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار، تتضمن قوة دولية، لحماية المدنيين، والحفاظ على اتفاق وقف النار، ودعم جهود السلطة الفلسطينية لاستعادة النظام.
دور السلطة الفلسطينية
تنص الوثيقة على إعداد هيكلية موحدة لإنفاذ القانون، مع التأكيد على أن مسؤولية الحوكمة والأمن في كل الأراضي الفلسطينية تقع على عاتق السلطة الفلسطينية وحدها، بدعم دولي مناسب، وفقًا لسياسة: دولة واحدة، حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد.
وبناء عليه، يجب على حركة “حماس” إنهاء دورها في غزة، وتسليم أسلحتها للسلطة الفلسطينية مع إمكانية المشاركة والدعم الدوليين. كما تتضمن الوثيقة ضمانات أمنية تعالج المخاوف الأمنية لإسرائيل وفلسطين، بما يتماشى مع هدف تنفيذ حل الدولتين على أساس حدود عام 1967.
الضفة الغربية وغزة
يركز الملحق على الوضع الإنساني في الضفة الغربية، بما في ذلك إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية للطوارئ، وتوفير الدعم لعودة الفلسطينيين إلى ديارهم، ودعم أولويات السلطة الفلسطينية لمعالجة الأثر الاقتصادي للأزمة.
تعتبر مسألة إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وموحدة ومستقلة حجر الزاوية في العمل على تأمين الدعم العالمي لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في دولته المستقلة التي تضم الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
ترحيب دولي وفلسطيني
يرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن اعتماد الجمعية العامة لإعلان نيويورك يمثل مسارًا لا رجعة فيه نحو السلام في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن فرنسا والسعودية ستعملان على تحقيق هذه الخطة.
من جانبه، أكد نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ أن إعلان نيويورك يعبر عن الإرادة الدولية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، معتبراً إياه خطوة مهمة نحو إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة.