الجمعة 5 ديسمبر 2025
spot_img

استراتيجية الأمن القومي الأمريكي: انقلاب على القانون الدولي

spot_img

وصف محمد محمود مهران، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأمريكي بأنها انقلاب شامل على القانون الدولي وتأكيد على دور الإمبريالية.

الاستراتيجية الأمريكية الجديدة

أكد الدكتور مهران أن الوثيقة، التي تتألف من 33 صفحة، تكشف عن النوايا العدوانية للولايات المتحدة تجاه العالم. وأوضح أن إعادة ترتيب الأولويات الجيوسياسية، التي تركز على نصف الكرة الغربي وتقلل اهتمامها بالشرق الأوسط وأفريقيا، تعكس تصورا استعماريا يوزع العالم إلى مناطق نفوذ تتماشى مع المصالح الأمريكية، دون أي احترام لسيادة الدول.

وأشار إلى أن البنود المتعلقة بأمريكا اللاتينية تمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية، حيث يعزز هذا الحديث الوجود العسكري الأمريكي ويحدد الموارد الاستراتيجية في هذه الدول، مما يعيد إلى الأذهان حقبة مبدأ مونرو الاستعماري.

التدخل في فنزويلا

لفت الدكتور مهران الانتباه إلى إعلان فنزويلا كتحد رئيسي، محذرًا من أن هذا التوصيف يمهد لتدخل عسكري أمريكي وشيك في كاراكاس، تحت ذرائع واهية، مما يمثل اعتداءً صريحًا على دولة ذات سيادة.

كما تناول الاستراتيجية تجاه الصين، مؤكدًا أنها تعزز سياسة احتواء غير قانونية. ولفت إلى أن التركيز على منع نشوب حرب بينما تعزز الولايات المتحدة وجودها العسكري في المحيطين الهندي والهادئ ويدعم الانفصاليين في تايوان يعكس نفاقا سياسيا وانتهاكاً لمبدأ الصين الواحدة.

انتهاكات القانون الدولي

أكد من منظور القانون الدولي أن هذه الاستراتيجية تنتهك ميثاق الأمم المتحدة بشكل ممنهج. وأوضح أن المادة الثانية من الميثاق تحظر التهديد باستخدام القوة ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي للدول، وأن الاستراتيجية الأمريكية مخالفة لهذا المبدأ الأساسي في العديد من بنودها.

وأشار الأستاذ إلى أن السيطرة على الموارد الطبيعية للدول الأخرى هي اعتداء اقتصادي. وأكد أن القانون الدولي يكفل لكل دولة السيادة على مواردها الطبيعية، مما يجعل الحديث الأمريكي عن تحديد الموارد الاستراتيجية في أمريكا اللاتينية تصرفًا محظورًا دوليًا.

التدخل في أوروبا

لفت الدكتور مهران إلى نظام الاستراتيجية الأمريكية تجاه أوروبا، مشددًا على أنها تدخل سافر في شؤونها الداخلية. ودعا الأمريكيون أوروبا لتصحيح مسارها، مما يشير إلى انتهاك مبدأ عدم التدخل في الدول ذات السيادة.

بيّن أن موقف الاستراتيجية من روسيا وأوكرانيا يكشف الانتهازية الأمريكية. حيث قامت واشنطن بتأجيج الصراع على مدى سنوات، وتدعو الآن لتسوية دبلوماسية سريعة بعد تحقيق أهدافها في إضعاف روسيا وأوروبا.

تجاهل القضايا الإنسانية

وأشار الدكتور مهران إلى أن إغفال الشرق الأوسط وأفريقيا يعد إهانة لشعوب هذه المناطق، حيث تتعامل واشنطن معهما كما لو كانتا غير ذات أهمية استراتيجية بعدما استغلت ثرواتهما لعقود. وحذر من أن هذه الاستراتيجية تعزز القيم الإمبريالية تحت غطاء الهوية الأمريكية.

وأكد أن الوثيقة تتجاهل كليًا القانون الدولي الإنساني، لافتًا إلى غياب أي إشارة لحقوق الإنسان أو حماية المدنيين في النزاعات، مما يعكس استهتارًا بالقيم الإنسانية. كما حذر من تمجيد السلطة الرئاسية المطلقة، مؤكدًا أنها تمهد لنظام استبدادي أمريكي يملي إرادته على العالم.

ختامًا، أكد الدكتور مهران أن الاستراتيجية تتجاهل مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، مشددًا على أن القانون الدولي يقر بهذا المبدأ، ومع ذلك فإن الاستراتيجية الأمريكية تكرس نظامًا هرمياً يضع الولايات المتحدة في قمة الهرم.

اقرأ أيضا

اخترنا لك