ينطلق غدًا الأحد ماراثون الثانوية العامة الذي سيتم فيه امتحان 768 ألف طالب وطالبة بالثانوية الحديثة و45 ألف طالب وطالبة بالثانوية القديمة الباقين للإعادة من العام الماضي بإجمالي 813 ألف طالب وطالبة، ومع انطلاق هذه الامتحانات تعيش مئات الآلاف من الأسر في حالة طوارئ، مع تغطية غير مسبوقة من مختلف وسائل الإعلام نظرًا لارتباط دخول الجامعة بدرجة نجاح الطالب في هذه الشهادة.
ومع هذه الامتحانات، تزداد للأسف ظاهرة الغش التي كانت شبه جماعية في كثير من لجان الجمهورية حتى سنوات قليلة مضت، خاصةً فيما سماها البعض بلجان “أولاد الأكابر”، وهي اللجان التي كان بعض أولياء الأمور يقومون بتحويل أبنائهم إليها في السنة الأخيرة للثانوية العامة، وكان معظم طلاب هذه اللجان يحصلون على مجاميع فلكية بالغش الجماعي، وكانت مجاميع طلاب هذه اللجان تتراوح ما بين 92% و99%، وكان معظمهم يلتحق بهذه المجاميع الكاذبة بما يسمى “كليات القمة” من طب وطب أسنان وصيدلة وهندسة، وكانت معظم هذه اللجان في محافظات سوهاج والشرقية وكفر الشيخ، حتى إن بعض البلاد بهذه المحافظات وخاصة محافظة الشرقية كانت تجمع أموالًا ضخمة لإعطائها للقائمين على هذه اللجان أثناء الامتحانات ليتركوا لأولادهم عنان الغش المفتوح، وكان أهل بعض القرى يستخدمون لغة التهديد والترويع لأعضاء اللجان الأخرى إذا لم يتركوا أولادهم يقومون بعملية الغش كما يحلو لهم.
وقد حدث عام 2023 أن ظهرت نتائج هؤلاء الطلاب بعدما التحقوا بما يسمى “كليات القمة” غير المؤهلين للدراسة بها، وكانت صدمة للجميع، خاصة في جامعات جنوب الوادي وسوهاج وأسيوط، وكانت نسبة النجاح تتراوح ما بين 22% و30%، لأن هؤلاء الطلاب لم يكونوا مؤهلين للدراسة بهذه الكليات، وأصرت الجامعات وقتها على عدم تعديل هذه النتيجة لأنها تريد بالفعل تعليمًا جيدًا. ولم يتظلم أي طالب من الراسبين من هذه النتيجة وقرر بعضهم وقتها التحويل من هذه الكليات والآخر فضّل إعادة السنة.
أقول هذا بعد الإجراءات الصارمة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم هذا العام لعدم تكرار ذلك، وعدم السماح لأي من حالات الغش بلجان الثانوية العامة، وعدم السماح أيضًا بدخول أي من أجهزة المحمول أو سماعات البلوتوث مع أي طالب أو طالبة، وذلك بتفتيش الجميع عند دخولهم هذه اللجان. وقد يقوم أفراد الأمن بذلك وبشكل مفاجئ داخل اللجان نفسها، كما قررت الوزارة منع المراقبين أنفسهم من حمل أي من أجهزة المحمول، كما أكدت أن أي طالب يُضبط معه جهاز محمول كان قد تحايل للدخول به إلى اللجنة، سيتم تحرير محضر غش ضده بتهمة الشروع في الغش حتى ولو كان جهاز المحمول مغلقًا، أما إذا كان مفتوحًا فسوف يتم تحرير محضر غش ضده وحرمانه من الامتحان لمدة عامين حتى ولو لم يكن قد استفاد من المادة الموجودة على المحمول.
وإذا حاول أي طالب استخدام المحمول الذي دخل به اللجنة بشكل مخالف، من تصوير أي ورقة وإرسالها للخارج للشخص الذي سيتواصل معه ويمليه ما يريد، فسوف يتم ضبطه خلال 10 دقائق وتحديد موقعه في أي مكان على مستوى الجمهورية بعد التقاط إشارات الإرسال من خلال لجان مكافحة الغش الإلكتروني التابعة للوزارة وبالتنسيق مع وزارة الاتصالات وذلك من خلال “الرقم السري” الموجود على كل ورقة بكراسة الأسئلة.
فاحذروا جميعًا الغش هذا العام حتى لا يضيع مستقبل من يلجأ إليه.
