أعلن عبد القادر حصرية، حاكم مصرف سوريا المركزي، عن إطلاق عملة جديدة تهدف إلى تحقيق استقرار اقتصادي مستدام في البلاد، في خطوة ينتظرها الكثيرون.
إصلاحات نقدية جديدة
في سياق معالجة الاضطراب المالي والاقتصادي الذي تعاني منه سوريا بعد التغيرات السياسية، تأتي هذه الخطوة كجزء من حزمة سياسات نقدية جديدة. تهدف الحكومة الجديدة إلى قطع الصلة مع الإرث القديم، حيث لا تزال العملة المحلية تحمل صور النظام السابق.
من المقرر أن يتم طباعة العملة الجديدة بالتعاون مع روسيا، التي تتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال، مما يضمن عدم حدوث أي تزوير. ورغم ذلك، لا يزال الجدل قائماً بين الاقتصاديين حول جدوى حذف صفرين من العملة السورية، وسط مخاوف من تداعيات سلبية قد تواجهها الحكومة الجديدة.
وجهات نظر متفاوتة
يرى الخبير الاقتصادي مجد حميدي أن خطوة حذف صفرين من العملة تعتبر محفوفة بالمخاطر، لكنها تعكس الاتجاه الصحيح نحو الإصلاح. واعتبر أن هذه الخطوة ستعزز من ثقة المواطنين والمستثمرين في النظام المالي.
حميدي أكد أيضاً ضرورة صيانة استقلالية المصرف المركزي وتوفير آلية دقيقة لسحب الأوراق النقدية القديمة. وذهب إلى أن حذف الأصفار يتجاوز مجرد تحسين التكاليف المالية، بل يشمل أيضاً إعادة بناء الثقة في النظام النقدي السوري.
التجارب التاريخية
استشهد المحلل السياسي بالتجربة التركية في 2005، حيث تمكنت الحكومة التركية من حذف ستة أصفار من عملتها بفضل مجموعة من الإصلاحات المدروسة، وهو ما ساعد في تعزيز قيمة العملة. لكن سوريا تفتقر إلى الدعم الدولي الضروري لهذه الإجراءات بسبب العقوبات الغربية المفروضة.
بالإضافة إلى ذلك، أشار حميدي إلى أن الطباعة الجديدة تعني تكلفة مالية مرتفعة، حيث تتمتع دول مثل روسيا وألمانيا بتكنولوجيا متطورة في هذا المجال.
التحديات الاقتصادية
على الرغم من الآمال المعلنة حول حذف الأصفار، يشكك الخبير الاقتصادي حبيب غانم في جدواها. ويعتبر أن هذه الخطوة لن تقلل من معدلات التضخم التي سجلت مستويات قياسية في الفترة الأخيرة.
غانم يحذر من أن حذف الصفرين سيبقي قيمة الليرة على حالها دون تغيير حقيقي، ويستشهد بتجارب دول مثل فنزويلا التي لم تحقق نجاحات تذكر بعد حذف أصفار عملتها.
القلق من التكرار
يعبر غانم عن مخاوفه من تكرار تجارب سيئة سابقة، حيث قد يفضل المواطنون تحويل أموالهم إلى الدولار، مما قد يؤدي إلى زيادة حادة في أسعار الصرف. في حال حدوث ذلك، قد تصل قيمة الدولار إلى 15000 ليرة.
ويعتبر أن السيناريو الأمثل يتطلب طباعة العملة الجديدة مع الحفاظ على قيمتها، مما يتطلب إنتاجاً حقيقياً واستثمارات فعلية في سوريا.
شهدت الليرة السورية انهيارات حادة في ظل الصراع المستمر، وتتجه الأنظار الآن إلى الحكومة الجديدة لإعادة الاستقرار وتحقيق النمو الاقتصادي.