وسعت إسرائيل مؤخراً خططها لإخلاء سكان مناطق جديدة في قطاع غزة، حيث أصدرت صباح الجمعة خريطتين رسميتين تطالبان بإخلاء أجزاء واسعة من مدينة غزة وشمالها، بالإضافة إلى خان يونس جنوب القطاع. تأتي هذه الخطوة في إطار محاولة الضغط على حركة “حماس” بالتزامن مع مفاوضات تمديد وقف إطلاق النار في المنطقة.
إخلاء مناطق جديدة
تضمنت الخريطة الأولى مناطق واسعة من أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح شرق مدينة غزة، وصولاً إلى منطقة القرم وعزبة عبد ربه شرقي جباليا. وطلبت الجهات الإسرائيلية من السكان التوجه إلى مناطق غرب المدينة كمحاولة لتأمين سلامتهم.
جغرافياً، تمتد هذه المناطق من شارع صلاح الدين على أطراف حي الشجاعية من الجهة الغربية، وصولاً إلى أطراف منطقة شرق جباليا، مع امتداد لمسافة لا تقل عن 3 كيلومترات شرقاً تجاه الحدود الإسرائيلية.
تحضيرات عسكرية
تُعتبر القوات البرية الإسرائيلية متواجدة في منطقة “تلة المنطار” شرق حي الشجاعية منذ نحو أسبوع ونصف. ويمثل توسيع عملية إخلاء السكان تمهيداً لعملية عسكرية أكبر خلال الأيام المقبلة. يجدر بالذكر أن الأيام القليلة الماضية شهدت الإعلان عن اغتيال هيثم الشيخ خليل، قائد كتيبة الشجاعية في “كتائب القسام”، على بُعد حوالي 1.5 كيلومتر من مكان تجمع القوات الإسرائيلية، مما أدى إلى مقتل أكثر من 26 فلسطينياً في العملية.
هذا، وقد نشر الجيش الإسرائيلي إعلانات عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي ووزع مناشير على السكان في مناطق الإخلاء الجديدة، مما دفع آلاف الأشخاص إلى النزوح، وهو مشهد تكرر بشكل مستمر طوال الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام.
إخلاء في خان يونس
علاوة على ذلك، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان خربة خزاعة وبلدتي عبسان الكبيرة والجديدة، شرق خان يونس، إخلاء هذه المناطق بالكامل والانتقال إلى مناطق غرب المدينة. تتواجد القوات البرية الإسرائيلية حالياً على بُعد 300 متر داخل حدود شرق خان يونس، إلا أنها لم تتابع تقدمها براً منذ استئناف الحرب الشهر المنقضي.
تتضمن خريطة الإخلاء الجديدة المناطق الشرقية من خان يونس التي تمتد لمسافة تصل إلى 3 كيلومترات غرباً. يعيش الآلاف من السكان في هذه المناطق، وغالبية هؤلاء في خيام ومراكز إيواء نتيجة تدمير منازلهم، مع توقع حدوث موجة نزوح جديدة خلال الساعات المقبلة.
الوضع في رفح
في سياق متصل، تتواصل العمليات البرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث أجرى الجيش الإسرائيلي عمليات نسف واسعة للمنازل بهدف توسيع ما يُعرف بمحور “موراج”، والذي يرجع إلى مستوطنة كانت موجودة في المنطقة قبل الانسحاب الإسرائيلي عام 2005.
أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه تمكن من قتل أحمد فرحات، مسؤول وحدة القنص في كتيبة تل السلطان برفح، بالإضافة إلى القضاء على عدد من المسلحين من “حماس” خلال عملياتهم في المنطقة. ولا يوجد حالياً أي فلسطيني متبقٍ في المناطق المستهدفة، حيث نزح غالبية سكان المدينة المتداعية، ولم يتبقَ سوى عدد قليل من العائلات في بعض المناطق.
أعداد الضحايا
التصعيد الميداني مستمر، حيث أسفر قصف منزل في غزة عن مقتل 10 فلسطينيين من عائلة واحدة. كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية تجمعات في مناطق متفرقة من وسط قطاع غزة ومدينة غزة نفسها.
ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، فإن الحصيلة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بلغت 26 قتيلاً و106 إصابات، مما يرفع إجمالي القتلى منذ السابع من أكتوبر إلى 50912 قتيلاً، ومنذ استئناف الحرب في الثامن عشر من مارس حتى الآن إلى 1542.
العمليات العسكرية الإسرائيلية
تهدف العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى تقطيع أوصال القطاع وزيادة عرض المنطقة العازلة إلى نحو كيلومترين بغرض منع تحركات المسلحين. ويبدو أن هذه الخطط الإسرائيلية تعتمد على توسيع العمليات البرية بشكل متتابع، وفقاً للتطورات السياسية المحتملة في المفاوضات مع “حماس” عبر الوسطاء.
تشير التقارير إلى وجود مقترحات مصرية يتم تبادل الأفكار بشأنها من جميع الأطراف لتحقيق اتفاق محتمل. جاء ذلك بعد ساعات من تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حيث أكد قرب إمكانية الوصول إلى اتفاق وشيك لإطلاق سراح رهائن جدد من “حماس”.
تعتبر التحركات الإسرائيلية جزءاً من استراتيجية الضغط على الحركة من خلال تكثيف عمليات الإخلاء في محاولة لتعزيز موقفها في المفاوضات. يهدف الجيش الإسرائيلي أيضاً إلى الاستفادة من السخط العام تجاه “حماس” عبر هذه العمليات، وهو ما قد يؤدي إلى تنظيم مسيرات مناهضة للحركة.
في ظل عدم وجود أهداف حقيقية على الأرض، أكدت تقارير من وسائل إعلام إسرائيلية أن القوات لا تزال تتحرك بشكل محدود، مع استمرار عدم وجود اشتباكات مباشرة مع “حماس”، مما يشير إلى احتمال رغبة الطرفين في تقليل حدة الحرب مؤقتاً في ضوء المفاوضات الجارية.
وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر من “حماس” أن المقاومة مستعدة لمواجهة التحركات الإسرائيلية، مبينة أن أي اشتباكات ستعتمد على الوضع الميداني.