spot_img
الخميس 18 ديسمبر 2025
13.4 C
Cairo

إسرائيل تمنع منظمات إغاثية.. مخاوف من تفاقم كارثة غزة

spot_img

تزايد المخاوف بشأن مستقبل العمل الإنساني في غزة، بعدما منعت إسرائيل 14 منظمة دولية من دخول القطاع، وسط انتقادات واسعة لإجراءات التسجيل الجديدة التي تفرضها. ويرى مسؤولون في منظمات إنسانية أن هذه الإجراءات تمثل محاولة للسيطرة السياسية على الأنشطة الإنسانية في غزة.

ويأتي هذا التطور في ظل أزمة إنسانية حادة في القطاع، الذي يعاني من نقص حاد في المياه والكهرباء، ما يزيد من حالة عدم اليقين بشأن مستقبل عمل المنظمات الدولية بعد نهاية العام الجاري، وهو الموعد النهائي للبت في طلبات التسجيل وفقًا للقواعد الإسرائيلية الجديدة.

قيود متزايدة على المساعدات

أعلنت “وزارة شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية”، المسؤولة عن إجراءات التسجيل الجديدة منذ مارس، عن رفض 14 طلبًا من أصل نحو مائة طلب قُدّمت في الأشهر الأخيرة. وأكدت الوزارة أن الطلبات الأخرى قيد المراجعة، مشيرة إلى أن إسرائيل تشجع العمل الإنساني لكنها لن تسمح لأي جهة معادية أو داعمة للإرهاب بالعمل تحت ستار المساعدات.

ورغم دخول المساعدات إلى غزة، إلا أنها تبقى غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وبينما ينص اتفاق وقف إطلاق النار على دخول 600 شاحنة يوميًا، فإن العدد الفعلي يتراوح بين 100 و300 شاحنة فقط، وفقًا لمنظمات غير حكومية والأمم المتحدة.

منظمات بارزة خارج اللعبة

من بين المنظمات التي رفضت إسرائيل تسجيلها، منظمة “أنقذوا الأطفال” التي تقدم المساعدة لـ 120 ألف طفل في غزة، ولجنة خدمة الأصدقاء الأميركية. ويعني رفض التسجيل إمهال المنظمة 60 يومًا لسحب موظفيها الدوليين من غزة والضفة الغربية وإسرائيل، ويحرمها من تقديم المساعدات المباشرة والوصول إلى النظام المصرفي الإسرائيلي.

معايير غامضة وتعسفية

أدانت وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية عملية التسجيل، مؤكدة أنها تستند إلى معايير غامضة وتعسفية ومسيسة للغاية. وأكدت أن الأمم المتحدة لن تكون قادرة على التعويض عن انهيار عمليات المنظمات غير الحكومية الدولية التي تقدم أكثر من مليار دولار من المساعدات سنويًا، ودعمًا حاسمًا للمنظمات الفلسطينية.

وعلى سبيل المثال، تدير منظمة “أطباء بلا حدود” نحو ثلث أسرّة المستشفيات في غزة، كما أن المراكز الخمسة لعلاج الأطفال الذين يعانون سوء التغذية مدعومة من منظمات غير حكومية دولية. ويعتمد نحو 70% من نقاط توزيع الوجبات الساخنة على هذه المنظمات.

السيطرة السياسية أولًا

تعتبر إسرائيل المنظمات “معادية” أو متورطة في “الإرهاب” أو “معاداة السامية”، أو تلك التي تعمل على “نزع الشرعية عن دولة إسرائيل”. ويرى المحامي الإسرائيلي يوتام بن هليل أن هذه العبارات فضفاضة، مشيرًا إلى أنه قدم طعونًا إلى المحكمة العليا.

ويقول بن هليل: “لا نعرف حتى ما معنى نزع الشرعية. السلطات لا تقدم أي دليل على ما تدعيه؛ لذا من الصعب على المنظمات الرد على هذه الادعاءات”. ويضيف جان فرنسوا كورتي، رئيس منظمة “أطباء العالم”: “إذا تم اعتبار المنظمات التي تنقل شهادات السكان، وتقوم بأعمال ميدانية، بأنها ضارة بمصالح إسرائيل، فهذا إشكالي للغاية”.

معلومات حساسة

أكدت منظمات غير حكومية أنها امتثلت لمعظم متطلبات إسرائيل بتقديم ملف كامل، لكن بعضها رفض تقديم معلومات حساسة عن موظفيها الفلسطينيين. ويقول رئيس إحدى المنظمات: “لأننا تحدثنا عن الإبادة الجماعية، ونددنا بالظروف التي شُنّت فيها الحرب، فإن جميع تلك الأوصاف تنطبق علينا”.

ويضيف المسؤول: “مرة أخرى، يتم استخدام القبضة البيروقراطية الخانقة لأغراض السيطرة السياسية التي ستكون لها عواقب كارثية”. ويتخوف العاملون في المجال الإنساني في غزة مما سيحدث في بداية عام 2026، مع خطر الاقتصار على تسجيل منظمات غير حكومية لا تمتلك القدرة أو الخبرة.

الخطة الأمريكية البديلة

“إذا كانت هناك عمليات فحص للمستفيدين، وإذا كانت هناك شروط لتوزيع المساعدات، فهذا أمر مثير للقلق، وخصوصاً أن كل ذلك سيديره بالكامل عسكريون”، يضيف فرنسوا كورتي. وأكد عاملون في المجال الإنساني أنهم “لم يسمعوا قط” ببعض المنظمات غير الحكومية المعتمدة والتي ليس لها حالياً أي وجود في غزة.

ويشير مصدر دبلوماسي أوروبي إلى أن “الولايات المتحدة تريد البدء من الصفر في التنسيق الإنساني، ومع إجراءات التسجيل الجديدة، ستغادر المنظمات غير الحكومية”. ويحذر من أنهم “قد يستيقظون في الأول من كانون الثاني ليجدوا أن ليس لديهم بديل”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك