السبت 28 يونيو 2025
spot_img

إريتريا تتهم إثيوبيا بتهديد سلامة أراضيها وتصعيد التوتر

تصاعد حدة التوتر بين إريتريا وإثيوبيا يثير مخاوف إقليمية، حيث تتهم أسمرة أديس أبابا بتهديد سلامة أراضيها وشن حملة دبلوماسية عدائية، مما ينذر بتصعيد جديد في العلاقات المتوترة بين البلدين منذ اتفاق السلام عام 2018. هذه الاتهامات تزامنت مع تقديرات غير رسمية حول احتمالية تجدد الصراع العسكري.

اتهامات متبادلة

في المقابل، نفى برلماني إثيوبي صحة هذه الاتهامات، مؤكداً حرص بلاده على احترام دول الجوار وسعيها لإيجاد تفاهمات مباشرة، مستبعداً اندلاع حرب جديدة بين البلدين.

لكن خبراء في الشأن الأفريقي حذروا من أن خيار الحرب قد يكون وارداً، نظراً لتكرار التصعيد بين أسمرة وأديس أبابا، مشيرين إلى تأثيرات ذلك على استقرار منطقة القرن الأفريقي المضطربة أصلاً.

خلافات تاريخية

العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا شهدت توتراً مزمناً منذ استقلال إريتريا عام 1993، وبلغت ذروتها في حرب دامية بين عامي 1998 و2000 بسبب نزاعات حدودية، قبل أن يتم توقيع اتفاق سلام عام 2018 برعاية رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي.

اتفاق السلام المعلق

تفاقم التوتر بين أديس أبابا وأسمرة بعد توقيع اتفاق “بريتوريا للسلام” مع “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي” دون التشاور مع إريتريا، وزاد الأمر حدة إعلان إثيوبيا عن طموحها في الحصول على منفذ بحري، وهو ما اعتبرته أسمرة تهديداً لمينائها “عصب”.

وزارة الإعلام الإريترية اتهمت إثيوبيا باستخدام “أكاذيب لتبرير الصراع وإشعاله”، مؤكدة أن النظام الإثيوبي كثف حملاته الدبلوماسية باتهام إريتريا بالتعدي على السيادة الإثيوبية.

تهديدات إثيوبية

أسمرة تتهم “حزب الازدهار” الحاكم في إثيوبيا بإصدار تصريحات غير مبررة وتهديدات عسكرية استفزازية بهدف الاستيلاء على موانئ إريترية، معتبرة ذلك تهديداً خطيراً لسيادتها وسلامة أراضيها واستقرارها الإقليمي.

في مايو الماضي، شن الرئيس الإريتري هجوماً مماثلاً على أديس أبابا، متهماً إياها بالسعي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي تحت غطاء الحصول على منفذ على البحر الأحمر، بالتزامن مع تأكيد مستشار الأمن القومي الإثيوبي على ضرورة حصول بلاده على منفذ بحري.

نفي إثيوبي

البرلماني الإثيوبي محمد نور أحمد، نفى الاتهامات الإريترية ووصفها بأنها “بلا أساس أو سند”، مؤكداً أن أديس أبابا تحترم دول الجوار وتسعى لعلاقات أخوية مع أسمرة، معتبراً ادعاءات افتعال الحرب “أكاذيب”.

وشدد البرلماني الإثيوبي على أن الحوار المباشر هو الحل الوحيد لتجاوز الخلافات بين البلدين، مؤكداً أن الحرب لن تجلب المنفعة لأي منهما وأن إثيوبيا تعطي الأولوية للحوار البناء.

مرحلة “اللاسلم”

المحلل السياسي الإثيوبي أنور إبراهيم يرى أن الخلافات والتراشقات بين أسمرة وأديس أبابا تتكرر منذ اتفاق 2022، وقد تعيد البلدين إلى مرحلة “اللاسلم واللاحرب”.

طموحات بحرية

بينما يعتقد المحلل السياسي الإريتري عبد القادر محمد علي أن إثيوبيا لديها هدف رئيسي هو الحصول على منفذ بحري، سواء دبلوماسياً أو عسكرياً، وأنها قد تسعى لتحقيق ذلك بعد تهدئة الأوضاع الداخلية.

المحلل محمد شمس الدين يربط التوترات الحالية بين البلدين بهدف إثيوبيا في الوصول إلى شواطئ البحر الأحمر، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى صراع يفاقم أزمات المنطقة.

تحذيرات متزايدة

في مارس الماضي، حذر نائب حاكم إقليم تيغراي من أن حرباً جديدة بين إثيوبيا وإريتريا قد تندلع قريباً، مشيراً إلى استعدادات عسكرية متسارعة واتهام أسمرة بـ “انتهاج سياسات توسعية وعدوانية”.

في المقابل، رد وزير الإعلام الإريتري على هذه الاتهامات بأنها “كاذبة”، مؤكداً أن إريتريا “تربكها طموحات إثيوبيا الخاطئة والقديمة المرتبطة بالوصول إلى منفذ بحري”.

اتهامات متبادلة

في فبراير الماضي، اتهم الرئيس الإثيوبي السابق مولاتو تيشومي، إريتريا بالسعي لإعادة إشعال الصراع ودعم المتمردين في شمال إثيوبيا، وهو ما نفته أسمرة ووصفت الاتهامات بأنها “إنذار كاذب”. وفي الشهر نفسه، استضافت أديس أبابا مؤتمراً لمعارضين للنظام الحاكم في أسمرة.

وفي سبتمبر 2024، نشرت “وكالة الأنباء الإثيوبية” تقريراً بعنوان “السلوكيات العدائية لإريتريا في القرن الأفريقي”، معتبرة أن إريتريا “تمثل عامل زعزعة استقرار المنطقة”.

تأجيج الصراع

أنور إبراهيم يرى أن استضافة المعارضين واستمرار تبادل الاتهامات بين أسمرة وأديس أبابا سيساهم في تأجيج الصراع، متوقعاً أن يتطور ويخلق أزمة عميقة في منطقة القرن الأفريقي، رغم تأكيد أديس أبابا المتكرر على أنها لا ترغب في الحرب.

عبد القادر محمد علي يؤكد أنه في ظل استمرار التراشقات بين البلدين، لا مجال لإريتريا للمساومة على سيادتها على أراضيها، مشيراً إلى أن النظام في إريتريا سريع التقلبات وقد يقبل بتفاهمات مستقبلية، لكن دون المساس بالسيادة.

العداء التاريخي

محمد شمس الدين يرجح أن تعود أزمة إريتريا وأديس أبابا في نهاية المطاف إلى مربع العداء التاريخي، في ظل تبادل الاتهامات وتزايد التسلح وتوسع التحالفات.

يذكر أن إريتريا انضمت إلى تحالف مع مصر والصومال، واستضافت قمة ثلاثية بين قادة البلدان الثلاثة في أكتوبر الماضي، بعد إعلان أديس أبابا عن رغبتها في امتلاك منافذ بحرية على البحر الأحمر وتوقيع مذكرة تفاهم مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي التي رفضتها مقديشو.

اقرأ أيضا

اخترنا لك