الثلاثاء 7 أكتوبر 2025
spot_img

إدانة كوشيب: بارقة أمل لمحاسبة مجرمي دارفور

spot_img

إدانة “كوشيب” في السودان تفتح الباب لمحاكمة البشير ورموز نظامه بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

ترحيب سوداني بالإدانة

أثار الحكم الصادر من المحكمة الجنائية الدولية بحق علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف بـ “علي كوشيب”، القيادي البارز في ميليشيا “الجنجويد” سابقًا، ارتياحًا واسعًا في الأوساط السودانية.

تعتبر القوى السياسية والهيئات الحقوقية المدنية أن هذه الإدانة بمثابة انتصار للعدالة وإنصافًا لضحايا حرب دارفور التي اندلعت في عامي 2003 و2004.

تداعيات الحكم المنتظرة

يرى مراقبون أن إدانة “كوشيب” تمثل إشارة قوية ومصيرًا مماثلًا ينتظر بقية المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم مماثلة، وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير واثنان من كبار مساعديه، عبد الرحيم محمد حسين وأحمد محمد هارون.

أدين كوشيب، الاثنين الماضي، بـ27 تهمة، من بينها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والاغتصاب والقتل الجماعي والتعذيب والترحيل القسري للسكان.

المسؤولية الجنائية الشخصية

أكد القانوني معز حضرة أن إدانة كوشيب تستند إلى المسؤولية الجنائية الشخصية ضده، وفقًا للبيانات التي توفرت للمحكمة.

أشار حضرة إلى أن هذه البيانات تشكل جزءًا من القرائن التي يمكن أن تشكل إدانة غير مباشرة للرئيس البشير وبقية المتهمين المتورطين في جرائم دارفور.

دور القيادة العليا

أوضح حضرة أن حكم الإدانة على الجهة المنفذة ينسحب على المسؤولية القيادية التي أصدرت الأوامر، مما يمهد الطريق لإدانة المتهمين المشاركين في هذه الجريمة، وعلى رأسهم البشير ومن معه.

أثبتت المحكمة في حيثيات الحكم ضلوع كل من عبد الرحيم حسين وأحمد هارون في التخطيط وتمويل وتوجيه تلك الجرائم، من خلال تزويد كوشيب بالأسلحة والمال، وإعطائه الأوامر المباشرة لقيادة الهجمات ضد المدنيين في مناطق دارفور.

مطالب بتسريع القبض على المتهمين

يرى حضرة أن إدانة علي كوشيب تمثل دافعًا أكبر للمحكمة لمطالبة مجلس الأمن الدولي بالإسراع في القبض على المتهمين المطلوبين وتقديمهم إلى المحاكمة في لاهاي.

وأكد أن مجلس الأمن يمكن أن يصدر قرارات بالقبض على المتهمين، وأن لديه صلاحيات واسعة وآليات ضغط لاتخاذ إجراءات أخرى، بما في ذلك فرض عقوبات ضد الحكومة السودانية في حال رفضت الالتزام بقراراته.

تعاون مع الجنائية الدولية

أضاف حضرة أن المسؤولين في بورتسودان ظلوا على الدوام يماطلون ويرفضون التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في تسليم المتهمين المطلوبين.

يواجه أحمد هارون، وزير الدولة بوزارة الداخلية في عهد البشير، 42 تهمة تتعلق بالقتل والترحيل القسري والاغتصاب والتعذيب، فيما يواجه عبد الرحيم حسين، وزير الدفاع الأسبق، 13 تهمة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ضغط متزايد على السلطات

أكد “محامو الطوارئ” أن قرار إدانة كوشيب هو أول حكم يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة في دارفور منذ إحالة ملف السودان إليها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1593 في عام 2009.

كما أوضحوا أن هذا الحكم يشكل ضغطًا غير مسبوق على السلطات السودانية لتسليم البشير وهارون وحسين إلى لاهاي.

تسليم “كوشيب” للمحكمة

تجدر الإشارة إلى أن كوشيب سلم نفسه طوعًا للمحكمة في دولة أفريقيا الوسطى في شهر حزيران من عام 2020، خوفًا من اعتقاله وتصفيته من جهات تخشى من مثوله أمام المحكمة.

قُتل على يد كوشيب مئات الرجال من “قبيلة الفور” الذين تعرضوا للاعتقال والتعذيب في منطقتي مكجر ودليج بوسط دارفور، بأوامر مباشرة من حكومة السودان التي كانت تقوم بتسليح ميليشيا “الجنجويد” لقمع تمرد الحركات المسلحة في الإقليم.

انتصار لحقوق الضحايا

أكد يعقوب محمد عبد الله، المنسق العام لمخيمات اللاجئين والنازحين في إقليم دارفور، أن إدانة علي كوشيب بعد أكثر من عقدين من ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، هي انتصار لحقوق الضحايا.

ووصف عبد الله هذه الإدانة بأنها تمثل خطوة أولى نحو تحقيق العدالة الكاملة، وتفتح الباب واسعًا أمام تسريع مسار تسليم بقية المطلوبين للمحكمة.

مسؤولية مباشرة عن الجرائم

أشار البيان الصادر عن المنسق العام لمخيمات اللاجئين والنازحين في إقليم دارفور إلى مسؤولية علي كوشيب المباشرة عن القتل الجماعي والاغتصاب والحرق والتدمير لقرى كاملة وتهجير أهاليها من السكان الأصليين، وذلك وفقًا لروايات الشهود الذين أدلوا بها في المحكمة.

من بين المتهمين المطلوبين للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية أيضًا عبد الله باندا، القيادي في حركة “العدل والمساواة”، لمشاركته في الهجوم على بلدة “حسكنيتة” بجنوب دارفور في عام 2007.

دعوات لتسليم المتهمين

دعا “تحالف السودان التأسيسي” المجتمع الدولي إلى ضمان تسليم بقية المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، الذين يتمتعون بالحماية من الحكومة التي يقودها الجيش في مدينة بورتسودان.

ودرجت المحكمة الجنائية الدولية في تقريرها السنوي أمام مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة على تكرار مطالبتها للحكومة السودانية بتسليم المتهمين، دون أي تجاوب يذكر.

عرقلة التسليم

سبق أن وافقت الحكومة الانتقالية المقالة، بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، على تسليم المسؤولين في الحكومة المعزولة إلى المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن الانقلاب الذي قاده الجيش في شهر تشرين الأول 2021 قطع الطريق أمام هذه الخطوة.

وخلف النزاع في دارفور خلال الفترة 2003-2010 أكثر من 300 ألف قتيل، إضافة إلى ملايين النازحين واللاجئين، ووثقت انتهاكات واسعة النطاق شملت القتل الجماعي، والاغتصاب، والتهجير القسري، وحرق القرى، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك