برلين تنفي تسليم صواريخ باتريوت لأوكرانيا وسط تصريحات متباينة من واشنطن، حيث نفت الحكومة الألمانية علمها بأي شحنات من صواريخ باتريوت للدفاع الجوي إلى أوكرانيا، وفقًا لبيان صادر من برلين، ما يثير تساؤلات حول تنسيق الدعم العسكري لكييف.
تباين التصريحات الأمريكية والألمانية
يأتي نفي الحكومة الألمانية في أعقاب أخبار انتشرت في 16 يوليو، مفادها أن أولى صواريخ باتريوت وصلت بالفعل إلى أوكرانيا. ورد الرئيس الأمريكي على أسئلة الصحفيين في قاعدة أندروز الجوية حول توقيت تسليم صواريخ باتريوت، قائلًا: “إنها قيد التسليم بالفعل”.
وشدد الرئيس الأمريكي على أن “هذه الصواريخ قادمة من ألمانيا، ثم تعوضها ألمانيا. وفي جميع الحالات، يتم تعويض الولايات المتحدة بالكامل”.
واشنطن تنظر إلى أوكرانيا كحليف
شهدت تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن أوكرانيا تصاعدًا في الآونة الأخيرة، حيث ينظر البيت الأبيض الآن إلى أوكرانيا باعتبارها حليفًا أكثر من كونها “سبب الحرب في أوكرانيا”، كما أشار الرئيس الأمريكي في وقت سابق من العام الجاري.
ففي 14 يوليو، ذكرت وكالة رويترز أن برلين وواشنطن ستقرران إرسال منظومتي باتريوت للدفاع الجوي إلى كييف في غضون أيام أو أسابيع.
أسباب التضارب المحتملة
قد ينجم التضارب بين الجانبين عن عدة عوامل، من المحتمل أن الصواريخ يتم توريدها من قبل دول أخرى في حلف شمال الأطلسي “الناتو” وليس مباشرة من ألمانيا، أو قد يكون هناك تأخير في وصول المعلومات إلى الحكومة الألمانية.
بالإضافة إلى ذلك، تعد عمليات تسليم صواريخ باتريوت جزءًا من تنسيق معقد بين دول متعددة، ما قد يفسر الافتقار إلى الوضوح.
أهمية منظومة باتريوت لأوكرانيا
تواجه أوكرانيا هجمات جوية روسية مكثفة، ما يجعل منظومات باتريوت حيوية لدفاعاتها، وتناقش الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو، بمن فيهم ألمانيا، بنشاط توفير أنظمة دفاع جوي إضافية.
استأنفت الولايات المتحدة في يوليو 2025 تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا بعد توقف وجيز بسبب مخاوف بشأن مخزوناتها الخاصة.
اجتماع مرتقب لمجموعة الاتصال الدفاعية
من المتوقع عقد اجتماع افتراضي لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية في 21 يوليو 2025، لتوضيح القضايا المحيطة بتسليم صواريخ باتريوت. ويمكن أن يوفر هذا مزيدًا من الوضوح بشأن أدوار ألمانيا ودول أخرى في هذه العملية.
نسخ قديمة من صواريخ باتريوت
ذكر موقع BulgarianMilitary أن ألمانيا خططت في مايو 2025 لإرسال صواريخ PAC-2 الأقدم لمنظومات باتريوت، وهي أقل فعالية ضد الصواريخ الباليستية مقارنة بصواريخ PAC-3 الأحدث.
باتريوت.. درع كييف الدفاعي
في ظل الهجمات الجوية الروسية المتواصلة التي تستهدف المدن والبنية التحتية الأوكرانية، أصبحت منظومات الدفاع الجوي باتريوت أمريكية الصنع عنصرًا أساسيًا في استراتيجية كييف الدفاعية، حيث توفر درعًا بالغ الأهمية ضد موجات الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة والتهديدات الباليستية.
تعتبر هذه الأنظمة المتطورة، القادرة على اعتراض الأهداف عالية السرعة على مسافات طويلة، ضرورية لحماية المدنيين والحفاظ على المواقع العسكرية الاستراتيجية وحماية شبكة الطاقة الأوكرانية، التي تضررت بشدة جراء الحملة الروسية لتقويض قدرة البلاد على الصمود.
ميزة تكنولوجية نادرة لأوكرانيا
في خضم تصاعد الهجمات الجوية الروسية، توفر منظومات باتريوت لأوكرانيا ميزة تكنولوجية نادرة، ما يمكنها من مواجهة الهجمات المتطورة والحفاظ على الاستقرار التشغيلي في حرب يزداد فيها التحكم في المجال الجوي أهمية.
وقبل أيام، أعلن الرئيس الأمريكي عن مفاوضات مع مشغل لمنظومة باتريوت لتوفير 17 نظامًا من أنظمة باتريوت (منصات إطلاق على الأرجح، وليست بطاريات). ولم يحدد الرئيس الأمريكي الدولة المعنية.
باتريوت.. حجر الزاوية في الدفاع الجوي
تعتبر منظومة باتريوت، المعروفة بتعيينها العسكري MIM-104، واحدة من أكثر تقنيات الدفاع الجوي والصاروخي شهرة، والتي طورتها شركة Raytheon الأمريكية، وهي الآن جزء من شركة RTX.
تم تصورها في الأصل في الستينيات كبديل لأنظمة Nike Hercules وHawk القديمة، وأصبحت حجر الزاوية في الدفاع الجوي للولايات المتحدة وحلفائها.
حماية المراكز الإدارية والبنية التحتية
تم تصميم منظومة باتريوت لحماية المراكز الإدارية الكبيرة والقواعد العسكرية والبنية التحتية الحيوية، وهي مصممة لمواجهة مجموعة واسعة من التهديدات الجوية، من الطائرات والصواريخ المجنحة إلى الصواريخ الباليستية التكتيكية.
بدأ تاريخها ببرنامج SAM-D الطموح، الذي اعتمد في عام 1976 اسم “Patriot”، الذي يرمز ليس فقط إلى القوة الدفاعية ولكن أيضًا إلى الفخر التكنولوجي.
نظام تشغيل في أكثر من 10 دول
اليوم، يتم تشغيل النظام في أكثر من عشر دول، بما في ذلك ألمانيا وبولندا واليابان وأوكرانيا، وقد أثبت نفسه في ظروف قتالية حقيقية، بما في ذلك خلال حرب الخليج في عام 1991 والصراع المستمر في أوكرانيا.
رادار متطور وقدرة على التتبع الدقيق
يكمن جوهر نظام باتريوت في رادار AN/MPQ-53، أو في الإصدارات الأحدث، AN/MPQ-65 المطورة، تتيح هذه الرادارات ذات المصفوفة المرحلية مسح المجال الجوي المتزامن والتوجيه الدقيق للصواريخ، حتى في ظل الإجراءات الإلكترونية المضادة المكثفة.
توجيه مزدوج وتقنية متطورة
بالارتباط بمركز قيادة، فإنها تنسق إجراءات البطارية، التي تتضمن عدة قاذفات، كل منها قادر على إطلاق صواريخ PAC-2 أو PAC-3 اعتمادًا على التكوين.
يستخدم النظام توجيهًا مزدوجًا – قيادة لاسلكية لمرحلة منتصف الرحلة وتقنية “التتبع عبر الصاروخ” للمرحلة النهائية، ما يضمن دقة عالية في اعتراض الهدف.
هندسة معقدة تتطلب خبرة
تؤكد هذه البنية المتطورة، التي تتطلب حوالي 90 فردًا لتشغيل بطارية واحدة، على التعقيد التكنولوجي لمنظومة باتريوت، ما يجعلها لا غنى عنها للدفاع ضد التهديدات الجوية المتنوعة، من الصواريخ المجنحة إلى الصواريخ الباليستية.
صواريخ PAC-2 وPAC-3
الصواريخ الرئيسية التي يستخدمها النظام هي من نسختين أساسيتين: PAC-2 وPAC-3، ولكل منها خصائص وأغراض مميزة. تم تصميم صاروخ PAC-2، الذي تم تقديمه في الثمانينيات، بشكل أساسي لتدمير الطائرات والصواريخ المجنحة على مسافات تصل إلى 160 كيلومترًا.
وهو يستخدم رأسًا حربيًا شديد الانفجار يتكون من شظايا تنفجر بالقرب من الهدف، ما يخلق سحابة من الشظايا لتدميره، وبسرعة تصل إلى 4.1 ماخ، يسمح له رأس التوجيه الراداري بتعديل مساره في اللحظات الأخيرة من الرحلة.
يعتبر PAC-2 فعالًا ضد الأهداف الديناميكية الهوائية ولكنه يتمتع بقدرات محدودة ضد الصواريخ الباليستية بسبب دقته الأقل ونصف قطر الانفجار الأكبر.
قفزة نوعية في تكنولوجيا الدفاع الصاروخي
يمثل PAC-3، الذي تم تقديمه في عام 2001، قفزة كبيرة في تكنولوجيا الدفاع الصاروخي. وعلى عكس PAC-2، فإنه يستخدم تقنية “الضرب للقتل”، حيث يصطدم الصاروخ مباشرة بالهدف بدلًا من الاعتماد على انفجار قريب.
وهذا يجعله فعالًا للغاية ضد الصواريخ الباليستية، التي غالبًا ما تتحرك بسرعات عالية ومسارات شديدة الانحدار.
مدى أقصر ودقة أعلى
يبلغ طول PAC-3 أصغر حجمًا، حوالي 5.3 أمتار، ويبلغ مداه الأقصر ما يصل إلى 40 كيلومترًا ولكنه يتمتع بدقة أعلى. يتميز صاروخ PAC-3 MSE (تحسين قطاع الصواريخ) الذي تمت ترقيته، والذي تم تقديمه في عام 2018، بمحرك نبضي مزدوج لزيادة الدفع ومدى ممتد يبلغ حوالي 50 كيلومترًا.
تم تصميم هذا الإصدار لمواجهة التهديدات الأكثر تعقيدًا، مثل الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، ويمكن لقاذفة M903، المستخدمة مع PAC-3، حمل ما يصل إلى 16 صاروخًا مقارنة بأربعة صواريخ لـ PAC-2، ما يسمح بنشر أكثر مرونة للقوة النارية.
تطور التهديدات وتطور باتريوت
تعكس الاختلافات بين PAC-2 و PAC-3 تطور التهديدات التي تم تصميم باتريوت لمعالجتها. PAC-2 هو صاروخ متعدد الاستخدامات ومحسن للأهداف الأكبر مثل الطائرات والصواريخ المجنحة، مع مدى أطول ولكن دقة أقل ضد الأجسام السريعة والمناورة.
من ناحية أخرى، فإن PAC-3 متخصص في الدفاع الصاروخي، مع التركيز على الدقة والقدرة على تدمير الصواريخ الباليستية من خلال التأثير المباشر. تأتي هذه التخصصية على حساب مدى أقصر وسعر أعلى – تبلغ تكلفة طلقة PAC-3 الواحدة حوالي 3 ملايين دولار، ما يعكس تعقيد التكنولوجيا.
بطارية باتريوت تجمع بين نوعي الصواريخ
تتكون بطارية باتريوت، التي يمكن أن تجمع بين نوعي الصواريخ، عادةً من خمس إلى ثماني قاذفات وتتطلب حوالي 90 فردًا لتشغيلها، ما يسلط الضوء على حجم وتعقيد النظام.
فعالية مثبتة في ظروف قتالية
لقد ثبتت فعالية منظومة باتريوت في الظروف الواقعية، على الرغم من أنها ليست مثالية. يتراوح احتمال اعتراض طائرة بنجاح بصاروخ واحد بين 80 و 90٪، بينما بالنسبة لصاروخ باليستي تكتيكي، فإنه ينخفض إلى 60-80٪ لـ PAC-3 وحتى أقل بالنسبة لـ PAC-2.
شبكة دفاع جوي واسعة
يعتمد النظام على مصادر بيانات خارجية، مثل الأقمار الصناعية أو طائرات AWACS، للكشف المبكر عن الهدف، وخاصة الصواريخ الباليستية، ما يجعله جزءًا من شبكة دفاع جوي أوسع.
على الرغم من ارتفاع تكلفتها – يمكن أن تكلف البطارية الواحدة حوالي مليار دولار – تظل باتريوت خيارًا مفضلًا نظرًا لسجلها الحافل وقدرتها على التكيف مع التهديدات الجديدة من خلال الترقيات المستمرة.
أهمية خاصة لأوكرانيا
في سياق أوكرانيا، يعتبر النظام ذا قيمة خاصة، لأنه يوفر الحماية ضد الهجمات الصاروخية الروسية التي تهدد الأهداف المدنية والعسكرية. يؤكد دوره في الحرب الحديثة على أهمية التفوق التكنولوجي في مواجهة التهديدات الجوية المعقدة بشكل متزايد.