الجمعة 3 أكتوبر 2025
spot_img

أوباسانجو: مقاربة شاملة لمواجهة “بوكو حرام” في نيجيريا

spot_img

نيجيريا تواجه تحديات أمنية متصاعدة تتطلب مقاربة شاملة، هذا ما أكده الرئيس النيجيري الأسبق أولوسيغون أوباسانجو، منتقداً الاستراتيجيات السابقة في مكافحة “بوكو حرام” على مدار 15 عامًا. وحذر من التهديد الذي يمثله التحالف بين الإرهاب والجريمة المنظمة على استقرار البلاد.

مواجهة شاملة للإرهاب

شدد أوباسانجو، البالغ من العمر 88 عامًا والذي حكم نيجيريا بين عامي 1999 و2007، على ضرورة عدم الفصل بين “بوكو حرام” واللصوصية المسلحة، مؤكدًا أن هذا التحالف يشكل تهديدًا رئيسيًا لاستقرار نيجيريا.

أدلى أوباسانجو بتصريحاته خلال ندوة لمناقشة كتاب “ندوب: رحلة نيجيريا ومعضلة بوكو حرام”، من تأليف رئيس أركان الدفاع المتقاعد الجنرال لوكي إيرابور. يستعرض الكتاب تجربة إيرابور في محاربة الإرهاب، وقد كتب أوباسانجو مقدمته، مما أثار نقاشًا واسعًا بين النخب السياسية والعسكرية.

تهديد “بوكو حرام”

أشار أوباسانجو إلى أن تمرد “بوكو حرام” المستمر منذ أكثر من عقد ونصف، صمد أمام أربعة أنظمة حكم متعاقبة في نيجيريا. وأكد أنه يشكل اليوم “أكبر وأخطر تهديد لمستقبل البلاد”.

وأضاف أن التحديات الأمنية السابقة التي واجهتها نيجيريا، بما في ذلك حركات التمرد ما قبل الاستقلال، وأحداث شغب التيف، والحرب الأهلية التي استمرت 30 شهرًا، لم تدم طويلاً كما فعل تمرد “بوكو حرام”. وأوضح أن هذا التمرد يمثل واحدة من أطول الأزمات الأمنية التي شهدتها نيجيريا.

البحث عن حلول جذرية

ذكر الرئيس الأسبق أنه بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف مقر الأمم المتحدة في أبوجا عام 2011، سعى إلى فهم دوافع “بوكو حرام”. وخلص إلى أنهم “لم يكونوا يهدفون حقًا إلى أي شيء سياسي أو ديني، بل كانوا يبحثون عن حياة أفضل”.

تساءل أوباسانجو عن مدى فهم الحكومة النيجيرية لطبيعة هذا التهديد، وما إذا كانت قد اتخذت الخطوات الصحيحة لمواجهته. كما تساءل عن مدى استباقية الدولة في التعامل مع هذا “الوحش” داخل حدودها.

أوباسانجو.. رمز مؤثر

تحظى تصريحات أوباسانجو بأهمية كبيرة في نيجيريا، فهو ضابط سابق ورجل دولة، ترك بصمة عميقة في تاريخ البلاد. يعتبر أوباسانجو الشخص الوحيد الذي قاد نيجيريا مرتين بصفة رئيس دولة: مرة كحاكم عسكري وأخرى كرئيس منتخب مدني.

بدأ أوباسانجو مسيرته المهنية كضابط في الجيش النيجيري عام 1958، وتلقى تدريبه في المملكة المتحدة والهند. لعب دورًا حاسمًا في تاريخ البلاد العسكري، حيث قاد الفرقة التي قبلت استسلام جمهورية بيافرا الانفصالية في نهاية الحرب الأهلية النيجيرية عام 1970.

الرجل القوي في نيجيريا

صعد أوباسانجو إلى سدة الحكم لأول مرة بعد محاولة انقلاب فاشلة عام 1976 أسفرت عن مقتل الرئيس مورتالا محمد. شغل منصب رئيس الدولة العسكري من 1976 إلى 1979، ونظم فترة انتقال سلمي للسلطة إلى رئيس مدني منتخب هو شيخو شاجاري، ليصبح أول قائد نيجيري يتنازل عن السلطة طواعية.

في التسعينيات، سُجن أوباسانجو بتهمة التآمر في عهد الديكتاتور العسكري ساني أباتشا، وأُطلق سراحه بعد وفاة أباتشا في عام 1998. عاد بعد ذلك إلى الحياة السياسية المدنية، وانتُخب رئيسًا للبلاد.

دور إقليمي ودولي

بعد تركه الرئاسة، ظل أوباسانجو شخصية مؤثرة على الساحة الدولية، إذ عمل مبعوثًا خاصًا للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحل النزاعات الإقليمية، بما في ذلك أزمة الكونغو والقرن الأفريقي. يتمتع أوباسانجو بدراية واهتمام كبيرين بالصراعات المسلحة في القارة.

في سياق حديثه عن الأمن في نيجيريا، حذّر أوباسانجو من التعامل مع “بوكو حرام” واللصوصية المسلحة كقضيتين منفصلتين، مشددًا على أنهما أصبحتا متداخلتين. وأشار إلى عمليات الخطف والسرقة التي تمارسها عصابات مسلحة في مناطق واسعة من نيجيريا، منخرطة ضمن شبكات الجريمة المنظمة.

الفساد والجريمة المنظمة

أكد أوباسانجو أن التمييز بين “بوكو حرام” واللصوصية المسلحة بات صعبًا، فهما ممتزجان معًا. ودعا إلى اتخاذ خطوات جماعية لمواجهة هذا التحدي المعقد.

في سياق حديثه عن كتاب رئيس أركان الدفاع المتقاعد الجنرال لوكي إيرابور، وصف الرئيس الأسبق الكتابة عن تجربة ميدانية لمواجهة الإرهاب بأنه “قرار شجاع”، مؤكدًا أن الكتاب “سيثري الحوار الوطني الجاري حول السلم والأمن”.

مواجهة التحديات بشفافية

شدد أوباسانجو على أن نيجيريا يجب ألا تخشى مواجهة ماضيها لفهم ما يعرقل حاضرها ويشكل مستقبلها. وأوضح أن مسيرة أي دولة تتضمن جوانب إيجابية وسلبية، وأن الأهم هو مواجهة التحديات بصدق، والنظر إلى الماضي والحاضر، وتقديم حلول تتجاوز المألوف.

حذر الرئيس النيجيري الأسبق من عدم معالجة النمو السكاني المتزايد في نيجيريا، معتبراً أنه “قد يؤدي إلى عواقب وخيمة”. وأشار إلى التحديات الصعبة التي ستواجهها البلاد بحلول عام 2050، بما في ذلك إطعام وتوفير العمل والاحتياجات الأساسية لـ 400 مليون نيجيري.

تحديات النمو السكاني

ختم أوباسانجو بالتأكيد على أنه إذا فشلت نيجيريا في الاستعداد لهذه التحديات، فإن “بوكو حرام” ستكون مجرد “لعب أطفال” مقارنة بما سيأتي. ودعا إلى الاهتمام بهذا الأمر من الآن.

يبلغ تعداد سكان نيجيريا أكثر من 235 مليون نسمة، مما يجعلها في صدارة دول القارة الأفريقية من حيث عدد السكان. تمتلك نيجيريا أقوى اقتصاد في غرب أفريقيا، يعتمد بشكل كبير على النفط والغاز، لكنها تواجه تحديات كبيرة، من أبرزها تمرد “بوكو حرام”، وارتفاع معدلات الجريمة، وانتشار الفساد.

اقرأ أيضا

اخترنا لك