كشفت صور حديثة التقطت أمس، عن ترسانة جوية أمريكية كبيرة في قاعدة دييغو غارسيا البحرية، والتي تشمل قاذفات B-52H، ومقاتلات F-15E، وطائرات التزود بالوقود KC-135، ما يعكس قدرة عسكرية أمريكية قوية في منطقة تشهد توترات جيوسياسية متزايدة.
أهمية دييغو غارسيا الإستراتيجية
تتمتع دييغو غارسيا بموقع استراتيجي فريد في قلب المحيط الهندي، ما يجعلها نقطة ارتكاز للعمليات العسكرية الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ والشرق الأوسط، وتبعد آلاف الأميال عن أي يابسة كبيرة، ما يوفر لها ميزة الأمن والبعد عن التهديدات التقليدية.
تاريخيًا، دعمت الجزيرة عمليات عسكرية أمريكية حاسمة، من حرب الخليج إلى العمليات في أفغانستان، وتستضيف مجموعة متنوعة من الطائرات، ما يعزز قدرتها على الاستجابة السريعة للتحديات المتطورة في المنطقة.
B-52H: العمود الفقري للقوة الجوية
تعتبر قاذفة B-52H، التي يعود تصميمها إلى حقبة الحرب الباردة، رمزًا للقوة الجوية الإستراتيجية الأمريكية، ويمكن لهذه الطائرة، التي يبلغ وزنها عند الإقلاع 488 ألف رطل، حمل 70 ألف رطل من الذخائر، وتصل إلى مدى 8,800 ميل دون الحاجة للتزود بالوقود.
تساهم التحديثات المستمرة، مثل دمج صواريخ JASSM-ER، في تعزيز قدرة B-52 على الاشتباك مع الأهداف المحصنة، كما أن وجودها في دييغو غارسيا يمثل رادعًا واضحًا، ويوضح قدرة الولايات المتحدة على إسقاط القوة عبر مسافات شاسعة.
F-15E: دقة ومرونة فائقة
تتميز مقاتلات F-15E بقدرتها على المناورة والدقة، إذ تصل سرعتها القصوى إلى 2.5 ماخ، ويبلغ مداها القتالي حوالي 790 ميلاً، وهي مصممة لتحقيق التفوق الجوي وشن هجمات أرضية.
مزودة برادار AN/APG-82 AESA، يمكن للطائرة الاشتباك مع عدة تهديدات في وقت واحد، وحمل مجموعة متنوعة من الأسلحة، ما يجعلها منصة متعددة الاستخدامات لضرب الأهداف عالية القيمة أو الدفاع ضد طائرات العدو.
KC-135: تعزيز المدى العالمي
تعتبر طائرات التزود بالوقود KC-135، المتمركزة في دييغو غارسيا، عنصرًا حيويًا في هذه العملية، إذ يمكن لهذه الطائرات تزويد كل من B-52 و F-15E بالوقود، ما يزيد من مداهما وقدرتهما على التحمل.
تتيح هذه الطائرات إمكانية نقل الوقود بمعدل يصل إلى 6,500 رطل في الدقيقة، ما يمكن القاذفات والمقاتلات من تنفيذ مهام تمتد لآلاف الأميال، كما يعكس وجودها عزم البنتاغون على الحفاظ على عمليات مكثفة سواء لغرض الردع أو التدخل المباشر.
سياق جيوسياسي متصاعد
يأتي نشر هذه الطائرات في دييغو غارسيا في وقت يشهد فيه الإقليم توترات متزايدة، وتأتي هذه الخطوة في أعقاب غارات جوية إسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، ورد إيران بضربات صاروخية، وردت الولايات المتحدة بضربات على مواقع إيرانية، ودييغو غارسيا بموقعها الاستراتيجي، تعتبر منصة مثالية لعمليات كهذه.
يعكس قرار البنتاغون بنشر هذه الأصول استراتيجية أوسع للردع والاستعداد، كما أن الاتفاق الأخير بين بريطانيا وموريشيوس، الذي يضمن وصول الولايات المتحدة إلى دييغو غارسيا على الرغم من نقل السيادة، يؤكد على أهميتها على المدى الطويل.
تحليلات الخبراء العسكريين
يرى المحللون العسكريون أن وجود B-52 و F-15E يعكس “استراتيجية ذات غرض مزدوج” للردع والاستجابة السريعة، ويؤكدون أن عزلة دييغو غارسيا تمثل نقطة قوة، إذ تسمح للولايات المتحدة بإبراز القوة دون تعريض الأصول لتهديدات مباشرة.
كما تشير الدراسات إلى دور القاعدة في الحفاظ على “المرونة الإستراتيجية” في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، خاصة في مواجهة القدرات البحرية الصينية المتنامية، وتوفر البنية التحتية في دييغو غارسيا إمكانية “العمليات المستدامة بكفاءة أكبر بكثير” من القواعد الأقرب إلى مناطق الصراع.
تطورات تكنولوجية وتكتيكية
يعكس وجود الطائرات في دييغو غارسيا جهود التحديث المستمرة التي يبذلها سلاح الجو الأمريكي، إذ يهدف برنامج تحديث رادار B-52، المقرر الانتهاء منه بحلول عام 2027، إلى تزويدها برادارات AESA، ما يعزز قدرتها على اكتشاف الأهداف والاشتباك معها في البيئات المتنازع عليها.
كما أن دمج الذخائر المتطورة مثل JASSM-ER في F-15E يتماشى مع توجه سلاح الجو نحو القدرات المواجهة، ما يقلل من التعرض لدفاعات العدو الجوية.
سيناريوهات تصعيد محتملة
في حال تصاعد التوترات في الشرق الأوسط أو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فإن الأصول الموجودة في دييغو غارسيا في وضع جيد للاستجابة، ففي أوائل عام 2025، شنت قاذفات B-2 من الجزيرة ضربات على أهداف الحوثيين في اليمن، بدعم من F-15 و KC-135.
يمكن تطبيق نموذج مماثل على إيران، مع إطلاق B-52 صواريخ JASSM-ER من مسافات بعيدة بينما توفر F-15E تغطية جوية أو تشن ضربات دقيقة، ويمكن لعمليات الانتشار السريع من غوام، كما شوهد في مهام فرقة القاذفات السابقة، أن تزيد من قدرات الجزيرة.
إسقاط ثابت للقوة
يؤكد وجود B-52 و F-15E و KC-135 في دييغو غارسيا التزام البنتاغون بالحفاظ على وجود قوي في المحيط الهندي، ويشير هذا الانتشار إلى الحلفاء والخصوم بأن الولايات المتحدة مستعدة للتحرك بحزم، سواء لردع طموحات إيران الإقليمية أو لمواجهة التوسع البحري الصيني.