استقبال الرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمثل تحولًا سياسيًا بارزًا. الزيارة غير المسبوقة منذ استقلال سوريا تحمل دلالات عميقة تتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية التقليدية.
مسار تفاوضي جديد
اللقاء يجسد بداية مسار تفاوضي جديد بين واشنطن ودمشق. يقوم هذا المسار على مبدأ “الانفتاح المشروط” مقابل التزامات سورية محددة. تتضمن هذه الالتزامات الأمن الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، وتحقيق توازنات ما بعد الحرب في المنطقة.
الرئيس السوري سعى لتعزيز هذا المسار عبر سلسلة لقاءات مكثفة مع شخصيات سياسية واقتصادية ومالية. بالإضافة إلى ذلك، أجرى مقابلات إعلامية مع صحف ومحطات تلفزة أمريكية بارزة.
أربعة إنجازات أولية
وفقًا لمعاذ مصطفى، رئيس «المنظمة السورية الأميركية للطوارئ»، حققت الزيارة أربعة إنجازات أولية. أولاً، انضمت سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش».
ثانيًا، أُعلن عن إعادة فتح السفارة السورية في واشنطن. ثالثًا، تم تجميد تطبيق قانون قيصر لمدة ستة أشهر. رابعًا، تم الاتفاق على استئناف قنوات الاتصال الأمنية والعسكرية.
“صفحة جديدة”
الرئيس الأميركي أكد أن بلاده “ستفعل كل ما بوسعها لجعل سوريا بلدًا ناجحًا وآمنًا”. وأضاف أن “الوقت حان لفتح صفحة جديدة مع الشعب السوري”.
عقبات سياسية وقانونية
الانفتاح الحالي لا يعني نهاية العقوبات. “قانون قيصر”، الذي فُرض في عام 2019، يتطلب موافقة الكونغرس لرفعه بشكل كامل.
السيناتور ليندسي غراهام والنائب برايان ماست يشترطان تحقيق إنجازات سياسية وأمنية ملموسة داخل سوريا وخارجها. كما أن حكومة بنيامين نتنياهو تمارس ضغوطًا للإبقاء على العقوبات.
نافذة تاريخية لسوريا
يرى محللون أن الزيارة تمثل “نافذة تاريخية” لعودة سوريا إلى الخريطة السياسية. لكن هذه الفرصة مشروطة بسلوك الحكومة السورية في الأشهر المقبلة.
شروط واشنطن للتطبيع
وزارة الخارجية الأميركية تتعامل مع سوريا كـ “حالة اختبار”. وتربط أي خطوات إضافية بالتزام دمشق بضبط السلوك الإقليمي، والتوقف عن دعم الجماعات المسلحة.
تشمل الشروط أيضًا التعاون في مكافحة الإرهاب، وإغلاق مراكز احتجاز مقاتلي «داعش»، وضمان حقوق الأقليات، وتنفيذ إصلاحات سياسية داخلية.
تحديات داخلية وإقليمية
يواجه الرئيس الشرع تحديات ضخمة داخل سوريا، تشمل أزمة ثقة متنامية بسبب الأوضاع المعيشية المتدهورة والانقسامات الطائفية.
القوى العربية تراقب التطورات بحذر، مدركة أن عودة سوريا يمكن أن تصنع توازنًا جديدًا مع إيران وتركيا. وفي الوقت نفسه، لا تريد هذه الدول منح دمشق شرعية كاملة قبل إثبات التزامها بالإصلاح.
تفاهمات محتملة
بعض المراقبين يتوقعون أن تكون الزيارة مقدمة لتفاهمات غير معلنة بين سوريا وإسرائيل، برعاية أميركية. أي تخفيف للعقوبات على دمشق قد يرتبط بمستوى التنسيق الأمني في الجولان والحدود الجنوبية.


