تمكن الحزبان الرئيسيان في ألمانيا من التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة ائتلافية، وذلك بعد ستة أسابيع من المفاوضات. يأتي هذا النجاح في وقت قياسي، إذ يترقب الشارع الألماني تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية المتزايدة على الساحتين الداخلية والخارجية. حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، تحت قيادة المستشار المقبل فريدريش ميرتس، أعلن أن الحكومة الجديدة ستبدأ مهامها اعتباراً من مطلع مايو المقبل.
اتفاقات رئيسية
في مؤتمر صحفي مشترك، أكد ميرتس أن الاتفاق الحكومي يعد بمثابة “إشارة إلى الحلفاء الأوروبيين بأن ألمانيا ستتمكن من اتخاذ قرارات حاسمة”. كما تطرق البيان المشترك إلى أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الحكومة ستسعى للتوصل إلى اتفاق تجارة حرة على المدى المتوسط. وقد أشار ميرتس إلى التزامات مالية كبيرة خلال السنوات الأربع المقبلة في مجالات البنية التحتية والدفاع.
على الرغم من التحديات التي واجهت المفاوضات، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالهجرة والضرائب، تمكن الطرفان من اختصار الوقت واستكمال الصفقة. يعود ذلك بشكل جزئي إلى القلق من الأزمات الاقتصادية العالمية التي قد تؤثر على ألمانيا، خاصة بسبب الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية على عدة دول. يعتبر الوضع الاقتصادي في البلاد مزعجاً، مع احتمالات دخولها عام ثالث من الركود في ظل سياسات تجارية غير مستقرة.
التحديات الاقتصادية
وزير المالية الحالي يوزغ كوكس، المنتمي للحزب الاشتراكي، أشار إلى أن “لا مفر من تجنب ألمانيا عاما آخر من الركود”. وأكد أن الرسوم الجمركية الأمريكية ستكون لها تداعيات سلبية على الجميع، خاصة على صناعة السيارات الألمانية التي تواجه خسائر كبيرة نتيجة تعريفة تصل إلى 25 في المئة على استيراد السيارات.
بينما يشير التوافق بين الحزبين إلى إعادة إدخال التجنيد الإجباري، فإن تفاصيل هذه الخطة ستناقش خلال الأشهر القادمة. وفيما يتعلق بقضية الهجرة التي أثارت جدلاً واسعاً، فقد اتفق الطرفان على تعليق لم الشمل للاجئين ذوي حق الإقامة المؤقتة لمدة عامين، وهو ما كان يواجه معارضة من الاشتراكيين. كما تم الاتفاق على رفض قبول طالبي اللجوء غير الشرعيين على الحدود، مع السماح بترحيل البعض إلى سوريا وأفغانستان.
التغييرات في سياسة الهجرة
خلال المؤتمر، صرح ماركوس زودر، زعيم الحزب المسيحي البافاري، بأن الحكومة ستعيد “ألمانيا إلى ما كانت عليه قبل عام 2015″، في إشارة إلى الفترة التي استقبلت فيها المستشارة السابقة أنجيلا ميركل مئات آلاف اللاجئين. وقد تم الإعلان عن إنهاء الإجراءات التي تسهل منح الجنسية الألمانية للمهاجرين الذين يندمجون بسرعة، وهو إجراء سابق أقره الائتلاف المنتهية ولايته.
وعلى الرغم من حفاظ الائتلاف الجديد على تقليص فترة الانتظار لتقبل الجنسية من ثماني سنوات إلى خمس، فإن موقفها في مواجهة القضايا المتعلقة بالهجرة يأتي في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط السياسية. حيث زادت نسبة الدعم لحزب “البديل من أجل ألمانيا” في استطلاعات الرأي، مما يزيد من تحديات الحكومة المقبلة.
الضغط السياسي المتزايد
تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة تضاعف نسبة تأييد حزب “البديل من أجل ألمانيا”، الذي تصدر نتائج استطلاعات جديدة، حيث حقق 25 في المئة، متفوقاً على الكتلة المحافظة التي تضم الحزب المسيحي الديمقراطي وحلفاءه. وتأتي هذه النتائج في ظل القلق المتزايد بين الأحزاب الرئيسية، بعد أن حقق الحزب اليميني المتطرف نسبة غير مسبوقة في الانتخابات البرلمانية السابقة.