تكثيف عسكري روسي قرب حدود الناتو
كشفت صور أقمار اصطناعية عن حشد استثنائي للطائرات الحربية الروسية في قاعدة “أولينيا” الجوية بشبه جزيرة كولا شمال غرب روسيا، في خطوة أثارت تساؤلات حول نيات موسكو مع استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا وقرب القاعدة من الحدود مع حلف الناتو.
معدات عسكرية غير مسبوقة
سجلت الصور الملتقطة في 11 مارس 2025 وجود 10 قاذفات من طراز “تو-95 إم إس” و35 قاذفة “تو-22 إم 3″، بالإضافة إلى 5 طائرات نقل و3 طائرات تدريب و4 مروحيات. يُعتبر هذا التجميع الأضخم من نوعه منذ بداية الحرب الأوكرانية.
تُشكل القاعدة التي تبعد 90 كم عن مدينة مورمانسك نقطة ارتكاز حيوية للطيران الاستراتيجي الروسي، بفضل مدرجها الذي يمتد 3500 متر – الأطول في المنطقة – مما يؤهلها لاستيعاب الطائرات الثقيلة ذات المدى البعيد.
سجل عملياتي مثير للقلق
لعبت طائرات “تو-95″ و”تو-22” المتمركزة في أولينيا دورًا محوريًا في الضربات الصاروخية على الأراضي الأوكرانية. يُذكر أن تجمعًا مماثلًا للطائرات في مايو 2023 سبق موجة هجمات مكثفة ضد مدن أوكرانية.
تشير تقديرات استخباراتية إلى أن روسيا تمتلك 40 قاذفة استراتيجية عاملة من هذين الطرازين، مما يجعل التواجد الحالي (45 طائرة) مؤشرًا على تصعيد محتمل يفوق كل التحركات السابقة.
تحديات لوجستية وأبعاد جيوسياسية
رغم بعد القاعدة 1800 كم عن الحدود الأوكرانية – مما يحميها من الهجمات – فإن قربها من فنلندا (عضو الناتو منذ 2023) والنرويج يعقد أي خطط هجومية. أنظمة الرادار الناتوية ترصد تحركات الطائرات الروسية بدقة، مع إمكانية اعتراضها خلال دقائق.
في سياق متصل، يلفت وجود طائرات الشحن “أن-12” وطائرات التدريب “تو-134” إلى احتمال وجود عمليات صيانة أو تدريب مكثف، خاصة مع إبلاغ مصادر عن إجهاد الأسطول الجوي الروسي بعد 3 سنوات من العمليات الحربية.
تفسيرات متضاربة وتحذيرات غربية
يشير المحلل الأمني مايكل كلارك إلى أن التمركز الحالي قد يمهد لهجوم صاروخي مكثف، بينما ترجح البروفيسورة كاتارزينا زيسك أن تكون التحركات إعادة انتشار روتينية. من جهتها، حذرت مصادر أوكرانية من احتمال استغلال موسكو لهذا التجمع لاختراق الدفاعات الجوية.
تبقى أولينيا – ذات الإرث العسكري الممتد منذ الحرب الباردة – بؤرة اهتمام عالمي، حيث يُعاد تعريف دورها الاستراتيجي وسط تحولات جيوسياسية تطال حدود الناتو الشمالية الشرقية.
لا تزال نوايا الكرملين غامضة: هل يستعد لضربة استباقية، أم يدير لعبة قوى لإرباك الخصوم؟ تشير المعطيات الحالية إلى أن إجابات هذه الأسئلة قد تحدد مسار الصراع الأوكراني في الأسابيع المقبلة.