الأربعاء 9 يوليو 2025
spot_img

أزمة هوليوود تهدد مكانتها في صناعة السينما العالمية

spot_img

يعاني قطاع الترفيه في الولايات المتحدة من أعمق أزماته منذ عقود، مع تحول متزايد لشركات الإنتاج نحو أسواق أكثر مرونة مثل كندا وأستراليا والمملكة المتحدة. فقد سجلت هوليوود خلال الربع الأول من عام 2025 أقل عدد من أيام التصوير منذ 17 عامًا، ما يهدد بفقدان مكانتها الريادية لصالح وجهات تقدم حوافز أكبر وتكاليف أقل وسرعة تنفيذ أعلى.

تراجع ملحوظ في الإنتاج

شهدت منطقة لوس أنجلوس انخفاضًا بنسبة 22.4% في أيام التصوير خلال الربع الأول من 2025، حيث تم تسجيل 5295 يوم تصوير فقط، وفقًا لبيانات مؤسسة FilmLA. جميع فئات الإنتاج تراجعت، باستثناء الإعلانات التي انخفضت بنسبة طفيفة بلغت 2.1%.

إنتاج المسلسلات التلفزيونية تراجع بنسبة 30.5%، في حين انخفض إنتاج الأفلام الروائية بنسبة 28.9%. ويعتبر هذا الأداء الأسوأ للإنتاج في المدينة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

التداعيات المحدودة للحرائق

رغم تأثير حرائق الغابات على مئات من العاملين، إلا أنها لم تكن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع. حيث أفادت بيانات FilmLA أن المناطق المتضررة لم تمثل سوى 1.3% من مجمل النشاط الإنتاجي خلال السنوات الأربع الماضية.

وصرح فيليب سوكولوسكي، نائب رئيس الاتصالات في FilmLA، بأن “خسارة فرص التصوير لا تُقارن بالخسائر البشرية التي خلفتها الحرائق، وتأثيرها كان مؤقتًا”.

انخفاض حاد في الدراما التلفزيونية

تراجعت أعمال الدراما التلفزيونية في لوس أنجلوس بنسبة 58.4% على مدى ثلاث سنوات، إذ انخفضت من 18560 يوم تصوير في 2021 إلى 7716 يومًا فقط في 2024، وفقًا لتقرير صادر عن Variety Intelligence Platform.

في الربع الأول من 2025، شهدت الدراما التلفزيونية تراجعًا إضافيًا بنسبة 38.9%، حيث تم تسجيل 77 يومًا فقط لمشاريع تستفيد من الحوافز الضريبية. بينما تأثرت برامج الواقع، التي شكلت ملاذًا خلال إضرابات 2023، بشكل حاد في 2024.

دعوات لتعزيز الحوافز

مع تزايد الضغوط، تطالب سلطات كاليفورنيا بتوسيع برنامج الحوافز الضريبية إلى 750 مليون دولار سنويًا، وتعديل شروطه لجعله أكثر جاذبية. سبق أن صرح بول أودلي، رئيس FilmLA، بأن “يوم التصوير الواحد يُضيف نحو 670 ألف دولار و1500 فرصة عمل للاقتصاد المحلي”.

منذ عام 2019، انخفضت حصة لوس أنجلوس من المسلسلات الأميركية الكبرى من 39% إلى 21% في 2024، فيما حققت دول أخرى مثل المملكة المتحدة وأستراليا وكندا تقدمًا كبيرًا.

القيمة الاقتصادية تفوق التاريخ

تأثرت خريطة الإنتاج ليس فقط بسبب الإضرابات، بل أيضًا بسبب الحوافز الحكومية في وجهات أخرى. تكلفة إنتاج مسلسل من 8 حلقات في لوس أنجلوس تصل إلى 64 مليون دولار، مقارنة بـ 42 مليون دولار في فانكوفر.

هذا الفارق الكبير يجعل الإنتاج في هوليوود خيارًا صعب التبرير، خاصة بعد أن تجاوزت خسائر الإضرابين عام 2023 3.5 مليار دولار. وغالبًا ما تفقد أجزاء كبيرة من القوة العاملة وظائفها أو تتحول إلى وظائف جزئية.

تغير في مراكز الإنتاج

شركات كبرى مثل Netflix وAmazon Prime لم تعد ترى في لوس أنجلوس مركزاً استراتيجياً للإنتاج. حيث أنفقت Netflix في 2024 نحو 1.2 مليار دولار في كندا وبريطانيا، بينما لم تتجاوز نفقاتها في كاليفورنيا 350 مليون دولار.

على الرغم من تخصيص كاليفورنيا 330 مليون دولار سنويًا كبرنامج حوافز حتى 2030، فإن العوائق النقابية وشروط التنفيذ تجعل تلك الحوافز أقل فعالية مقارنة بأسواق أخرى.

توقعات المستقبل

تتوقع تقارير أن يشهد إنتاج 50% من الأعمال الأميركية خارج الولايات المتحدة بحلول 2026، في ظل بروز أسواق كندا وأستراليا وإيرلندا كوجهات رئيسية.

فرص للمنطقة العربية

تُعتبر الهجرة الإنتاجية فرصة كبيرة للشرق الأوسط، خاصة في دول مثل السعودية والإمارات والأردن، التي استثمرت في بنى تحتية قوية لهذا القطاع. السعودية بدأت بالفعل بجذب إنتاجات عالمية، بينما تواجه الإمارات تحديات تتعلق بتوطين الكوادر الفنية.

أما مصر والمغرب والأردن، فتتمتع بمواقع تصوير فريدة، ولكنها تحتاج إلى مزيد من التسهيلات لجذب المشاريع الدولية.

هل انتهت أسطورة هوليوود؟

لا يعني الوضع الراهن اختفاء هوليوود، بل إنها أصبحت جزءًا من شبكة عالمية متعددة المراكز. باتت المرونة والتكاليف المنخفضة والمعايير الحديثة تمثل عوامل حيوية في تحديد مراكز الإنتاج السينمائية المستقبلية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك