معضلة سياسية واقتصادية تواجه فرنسا، وسط مخاوف متزايدة بشأن تأثيرها على مستقبل الاتحاد الأوروبي، حيث تتداخل الأزمات الداخلية مع الدور المحوري لباريس في التكتل الأوروبي. الدين العام المتزايد وتراجع الإنتاج يضعان فرنسا أمام تحديات جمة تتطلب حلولاً جذرية.
تراجع الدور الألماني
في ظل تراجع الدور الألماني وتضاؤل تأثير برلين في المشهد السياسي الأوروبي، تبرز أهمية فرنسا كركيزة أساسية للاتحاد، ما يجعل استقرارها السياسي والاقتصادي ضرورة حتمية للحفاظ على قوة التكتل ووحدته.
تداعيات محتملة
تعد فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ما يجعل أي أزمة سياسية مطولة فيها تهديداً لاقتصاد منطقة اليورو ككل. المخاوف تتزايد من تأثير الأزمة الفرنسية على آفاق النمو وموازنة الاتحاد طويلة الأجل.
قد تعجز باريس المثقلة بالديون عن مواكبة الإصلاحات الضرورية للحفاظ على قدرة الاتحاد التنافسية في ظل التحديات الجيوسياسية المتزايدة والمنافسة الشرسة من واشنطن وبكين.
أزمة الدين العام
تتفاقم المخاوف مع تشابه الصعاب التي تواجهها فرنسا مع تلك التي تواجه منطقة اليورو، خصوصاً مع تعاظم الدين العام. أي صدمة اقتصادية في فرنسا ستنعكس سلباً على الدول الأوروبية الأخرى.
مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل تراقب الأزمة السياسية الفرنسية بحيرة، وتتبدد الآمال التي نشأت بعد الانتخابات البرلمانية المبكرة في تبني “ثقافة التسوية”.
قلق أوروبي متصاعد
الإعلام الأوروبي يعكس المخاوف المتزايدة بشأن الوضع في فرنسا، حيث عنونت صحيفة ألمانية: “البلاد تغرق في الفوضى”، بينما يتزايد القلق من اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة الألمانية والفرنسية.
صحيفة بلجيكية وصفت فرنسا بأنها “تبحر كسفينة هائمة”، مشيرة إلى أن ضعف فرنسا يعني ضعف أوروبا، وأن السياسيين الفرنسيين غير جادين في إيجاد حلول مستدامة.
غياب الحلول
صحيفة برتغالية تحدثت عن “أزمة نظام” وغياب ثقافة الحوار، داعية فرنسا إلى اتباع النموذج البرتغالي في تحقيق الاستقرار الحكومي والحيوية الديمقراطية.
أرقام مقلقة
فرنسا تحمل أكبر عبء دين عام في الاتحاد الأوروبي، حيث وصل إلى 3.35 تريليون يورو، أي ما يعادل 113% من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقعات بارتفاع النسبة إلى 125% بحلول عام 2030.
تحديات الموازنة
تعاني فرنسا عجزاً في الموازنة يتراوح بين 5.4% و5.8%، في حين أن قواعد الاتحاد الأوروبي لا تسمح بعجز يتجاوز 3%، ما يفرض على أي حكومة فرنسية تقليص الإنفاق بشكل كبير.
تدخل محتمل
خبير اقتصادي ألماني يعتقد أن الأمل معقود على تدخل البنك المركزي الأوروبي عبر شراء السندات الفرنسية لتحقيق الاستقرار في السوق، محذراً من أن هذا التدخل يجب أن يكون مدروساً لتجنب تقويض مصداقية البنك.
صعاب جيوسياسية
تواجه أوروبا تحديات متعددة، من الحرب الروسية الأوكرانية إلى سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية وصعود اليمين المتطرف والهجرة غير الشرعية.
تأثير القيادة الفرنسية
مسؤولون ودبلوماسيون أوروبيون يعربون عن مخاوفهم من أن تضعف القيادة الفرنسية في قضايا دولية مثل أوكرانيا وغزة، ما يزيد من حالة عدم اليقين في المنطقة.
قوة نووية
فرنسا، القوة النووية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي وعضو دائم في مجلس الأمن، لا يمكن تعويض دورها بقيادة ألمانية منفردة، بالنظر إلى التحديات التاريخية التي تواجهها برلين.
صعود اليمين الشعبوي
تخشى الأوساط العليا في الاتحاد الأوروبي من احتمال وصول زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن إلى قصر الإليزيه، ما قد يعزز قوة المشككين في جدوى الاتحاد الأوروبي.
مستقبل أوروبا
تزايد الأصوات المشككة في جدوى الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى انفراط عقد التكتل، ما يستدعي مراقبة دقيقة للتطورات في فرنسا حتى نهاية ولاية الرئيس ماكرون في 2027. التطورات الجارية في العالم تشير إلى أن الفترة المقبلة ستكون حاسمة على صعيد السلام العالمي.