أردوغان في القاهرة، في زيارة تاريخية.. فبعد أكثر من عقد من الزمان، جاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى القاهرة، ليعلن استسلامه وطي صفحة الخلاف بين البلدين، حيث وصل أردوغان اليوم الأربعاء، في أول زيارة له إلى مصر منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكم.
وكان في استقبال الرئيس التركي وقرينته، عند وصولهما إلى مطار القاهرة الدولي، الرئيس عبد الفتاح السيسي وقرينته السيدة انتصار السيسي.
أردوغان في القاهرة
زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى مصر تمثل تحولًا هامًا في علاقات البلدين، بعد فترة من التوتر والاحتقان وصلت إلى حد القطيعة الكاملة.. وتأتي كنقطة تحول في مسار العلاقات بين البلدين، وتعكس جهودًا مستمرة على مدى فترة طويلة لإعادة بناء الثقة وتجديد التواصل السياسي بين القاهرة وأنقرة.
وعُقِدَ مؤتمر صحفي مشترك بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، استعراض خلاله الرئيسان أهم نقاط الزيارة والجهود المشتركة بين البلدين.
كلمة الرئيس السيسي في المؤتمر:
في كلمته خلال المؤتمر الصحفي المشترك، رحب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارته الأولى لمصر منذ فترة، معربًا عن تطلعهما لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، بهدف تعزيز العلاقات وتوجيهها نحو السلام والاستقرار.
تاريخ وشعب وتجارة
أكد الرئيس السيسي على قيمة الروابط التاريخية بين مصر وتركيا، مشيدًا بالتراث الحضاري والثقافي المشترك الذي يجمع بينهما، لافتا إلى استمرار التواصل الشعبي خلال السنوات الماضية وتطور العلاقات التجارية التي شهدت نموًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية أيضا.
تحديات مشتركة
وأشار السيسي، إلى أن مصر أصبحت الشريك التجاري الأول لتركيا في إفريقيا، مع التطلع إلى رفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى 15 مليار دولار في السنوات القادمة، معربا عن رغبته في تعزيز التنسيق المشترك والاستفادة من موقع الدولتين لتحقيق السلم والاستقرار في المنطقة، لافتا إلى أن الدولتان تواجهان العديد من التحديات المشتركة مثل خطر الإرهاب والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يفرضها الواقع غير المستقر في المنطقة.
التعاون من أجل غزة
في سياق آخر، أكد الرئيس السيسي على أهمية التعاون لتقديم أكبر قدر ممكن من المساعدات لسكان قطاع غزة، مشددًا على أن الوتيرة الحالية لإدخال المساعدات غير كافية لتلبية احتياجات السكان.
دولة فلسطين
وقال السيسي إنه جرى الاتفاق على ضرورة وقف إطلاق النار وتحقيق التهدئة في الضفة الغربية، بهدف استئناف عملية السلام وتحقيق إعلان دولة فلسطين على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
الانتخابات الليبية والمؤسسة العسكرية
وأيضا الاتفاق على ضرورة تعزيز التشاور حول الملف الليبي بهدف تسهيل عقد الانتخابات وتوحيد المؤسسة العسكرية، وقال السيسي إن نجاح البلدين في تحقيق الاستقرار في ليبيا سيكون نموذجًا يحتذى به، وهو ما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
ثروات شرق المتوسط
ورحب السيسي بالتهدئة الحالية في منطقة شرق المتوسط، والتطلع إلى البناء عليها لتحقيق تسوية للخلافات القائمة بين دول المنطقة، وهو ما يمكن التعاون لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية المتاحة، بالإضافة إلى التزام البلدين بالتعاون في إفريقيا ودعم جهودها لتحقيق التنمية والازدهار.
زيارة السيسي لتركيا
وأختتم الرئيس السيسي كلمته بالتأكيد على استعداده لزيارة تركيا في إبريل المقبل، استجابةً لدعوة الرئيس أردوغان، بهدف مواصلة تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
كلمة رجب أردوغان الرئيس التركي خلال المؤتمر:
من جانبه، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمته خلال المؤتمر، عن سعادته بزيارة القاهرة مرة أخرى بعد فترة طويلة، مشيدًا باستقبال الرئيس عبدالفتاح السيسي والشعب المصري.
مستوى جديد للعلاقات
وأكد أردوغان على وجود تاريخ مشترك يمتد لأكثر من 1000 سنة بين تركيا ومصر، معربا عن رغبته في رفع العلاقات إلى مستوى يليق بهذا التاريخ المشترك، وأن هناك إرادة مشتركة بين البلدين لتحقيق ذلك، حيث تم رفع مستوى التعاون بين القاهرة وأنقرة إلى مستوى مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى.
زيادة حجم التبادل التجاري
وأعرب عن ترقبه لزيارة الرئيس المصري إلى أنقرة لعقد الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي، والذي يمثل مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، وأكد التزام البلدين بزيادة حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار في أقرب وقت، معربا عزم بلاده على زيادة حجم الاستثمارات في مصر، والتي تقدر حالياً بحوالي 3 مليارات دولار.
وأشار أردوغان، إلى أنه تم تبادل الآراء حول اتخاذ تدابير إضافية لزيادة التعاون التجاري والاقتصادي، وأكد أردوغان على استعداد تركيا لتعزيز الروابط في كافة المجالات، مع التأكيد على بذل قصارى جهدهم لتحقيق ذلك.
رفض سياسة الاحتلال والقمع
وفي ظل المأساة الإنسانية التي تعيشها غزة، والتي كانت أحد أبرز أولويات لقاء اردوغان مع الرئيس السيسي اليوم، قال الرئيس التركي: ندين بشدة الهجمات الإسرائيلية التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 28 ألف فلسطيني وإصابة حوالي 70 ألف آخرين من المدنيين الأبرياء، واستهداف المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات، حيث أدت سياسة الاحتلال والقمع إلى مجازر بشعة.
وقال إن إدارة نتنياهو استمرت في تنفيذ سياسة الاحتلال والقتل، رغم ردود الفعل الدولية والمحلية التي تدين هذا التصعيد العنيف.
إيصال المساعدات.. شكرا لمصر
وأضاف أن إيصال المساعدات إلى غزة هو أحد أولويات مصر وتركيا، قائلا: نقدر دور الجهات المصرية، وأشكر الهلال الأحمر المصري ووزارة الصحة المصرية، في دعم هذه الجهود الإنسانية.
وتابع: نجحنا في نقل أكثر من 700 مصاب فلسطيني مع المرافقين إلى تركيا، ونعمل على إقامة مستشفى ميداني في غزة، ونتطلع إلى تعاون أخوي مع الشعب المصري لبناء هذا المستشفى لتقديم الرعاية الطبية اللازمة.
رفض التهجير.. وتأييد موقف القاهرة
وأكد رفض أنقرة الشديد لمحاولات الاحتلال لتهجير سكان غزة، وتقدير بلاده لموقف مصر الرافض لهذا الإجراء، إذ يجب أن تتوقف إدارة نتنياهو عن مجازرها في غزة والامتناع عن نقلها إلى رفح أيضا.
إعادة الإعمار
وأنه على المجتمع الدولي أن لا يسمح بمواصلة هذا التصعيد العنيف، ونحن مستعدون للتعاون مع مصر والمجتمع الدولي لإيقاف إراقة الدماء في غزة، ونؤكد التزامنا بالتعاون المستمر مع مصر، على المدى القصير والمتوسط، ونعتبر إعادة إعمار غزة وتضميد الجروح مهمة تتطلب التعاون المشترك، ونحن جاهزون للمشاركة في هذا العمل المشترك لتحقيق الاستقرار وتحسين ظروف الحياة للسكان في غزة.
