توفي الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الحائز على جائزة نوبل للسلام، عن عمر ناهز المئة عام، وفقًا لتأكيد صحيفة «أتلانتا جورنال كونستيتيوشن» اليوم (الأحد). يُعد كارتر من الشخصيات البارزة في تاريخ الولايات المتحدة، حيث ترك بصمات واضحة على الساحة السياسية العالمية.
حياة رئاسية مميزة
وُلد جيمي كارتر، الذي شغل منصب الرئيس الـ39 للولايات المتحدة، في الأول من أكتوبر 1924 ببلدة بلينز في ولاية جورجيا، التي تُعرف بـ«الجنوب الأميركي العميق». نشأ كارتر في عائلة زراعية تزرع القطن عبر الأجيال، مما أثرى تجربته في الحياة الريفية.
درس كارتر في الأكاديمية البحرية الأميركية في أنابوليس وتخرج منها عام 1946، لينضم إلى سلاح البحرية. كما أضاف إلى معرفته الأكاديمية دراسة الفيزياء النووية في كلية يونيون الخاصة بولاية نيويورك.
تحديات فترة الرئاسة
قبل وصوله إلى الرئاسة، عمل كارتر مزارعًا في حقول الفول السوداني. خلال فترة رئاسته، التي امتدت من عام 1977 إلى 1981، واجه تحديات عديدة، بما في ذلك مشاكل اقتصادية وأزمة الرهائن في إيران. ومع ذلك، استطاع التوسط في اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر، مما أكسبه جائزة نوبل للسلام لتفانيه في العمل الإنساني.
على الرغم من إنجازاته، لم يتمكن كارتر من الفوز بولاية ثانية. فقد واجه هزيمةً كبيرةً أمام الجمهوري رونالد ريغان، مما أنهى مسيرته كرئيس. ومع ذلك، امتد عمر كارتر بعد مغادرته المكتب الرئاسي ليصبح أطول من أي رئيس أميركي آخر، مما ساهم في تعزيز سمعته كأحد قادة البلاد التاريخيين.
إرثه الإنساني
تميزت فترة رئاسته بالتوقيع على اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 التي أحدثت تأثيرًا إيجابيًا في المنطقة الشرق أوسطية. ومع ذلك، واجه تحديات اقتصادية وسخطًا شعبيًا، خاصة مع أزمة الرهائن في إيران، التي استمرت 444 يومًا من فترة رئاسته.
في مذكراته الصادرة عام 2008، أشار كارتر إلى تأثير والدته الكبير في تشكيل شخصيته وتعليمه قيم حب الناس دون النظر إلى اختلافاتهم. كما اعتاد تعليم الكتاب المقدس في الكنيسة المحلية، ليظل ملتزمًا بهذه التعاليم حتى بعد مغادرته البيت الأبيض.
في عام 2002، تحدث كارتر في مقابلة مع مجلة «تايم» عن علاقة إيمانه باهتمامه بحقوق الإنسان. كما عُرف بأنه الرئيس الأميركي الأول الذي حصل على جائزة نوبل للسلام بعد مغادرته المنصب، حيث نالها تقديرًا لجهوده الإنسانية عالمياً، متجاوزًا الكثير من التحديات التي واجهها أثناء فترة ولايته.
زعماء العالم يودعون كارتر
ونعى زعماء العالم وسياسيون أميركيون الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، واعتبروا إياه قائدًا استثنائياً سعى دون كلل نحو تحقيق السلام عالمياً.
جو بايدن: زعيم استثنائي
أصدر الرئيس الحالي جو بايدن وزوجته جيل بياناً أعلنا فيه: “اليوم، فقدت أميركا والعالم زعيماً استثنائياً ورجل دولة غير عادي. على مدى ستة عقود، تشرفنا بصداقته، وغير العادي هو أن ملايين الناس، الذين لم يقابلوا جيمي كارتر أبداً، اعتبروه صديقاً”.
أضاف بايدن: “إن شغفه بالإنسانية ورغبته العميقة في تحقيق السلام ستبقى خالدة في قلوبنا جميعاً”.
دونالد ترمب: ندين له بالامتنان
أما الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، فقد قال: “تحديات كارتر كرئيس جاءت في وقت محوري، وقد بذل جهوده لتحسين حياة الأميركيين، مما يجعلنا ندين له بالامتنان”.
وأكد أنه في ظل الاختلافات السياسية، كان احترامه وحبه لبلدهم واضحاً. ووجه ترمب وزوجته ميلانيا تعازيهما لعائلة كارتر في هذا الوقت العصيب، داعين الجميع إلى الاحتفاظ بهم في صلواتهم.
جورج بوش: قناعاته راسخة
وفي السياق ذاته، أعرب الرئيس السابق جورج بوش (2001 – 2009) عن عزائه، قائلاً: “كان جيمي كارتر رجلاً ذا قناعات راسخة، ولم تنته جهوده لتحقيق عالم أفضل بعد رئاسته”.
وأشار إلى أن عمله مع منظمة هابيتات للإنسانية ومركز كارتر يجسد نموذجاً يحتذى به للأجيال القادمة.
بيل كلينتون وهيلاري: إخلاص والتزام
بدوره، قدم الرئيس السابق بيل كلينتون وزوجته هيلاري تحياتهم، معبرين عن تقديرهم لالتزام كارتر بالحقوق المدنية والعدالة. وأشادوا بجهوده في توسيع السلام وتعزيز الديمقراطية، من خلال عمله بعد رئاسته في مركز كارتر.
وأكدوا أنه كان يمثل نموذجاً حياً في الإخلاص والدأب من أجل عالم أفضل وأكثر عدلاً.
عبد الفتاح السيسي: حقق السلام
من جهته، قدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تعازيه لعائلة كارتر، مشيراً إلى أن الرئيس الأسبق كان رمزاً للجهود الإنسانية والدبلوماسية الملهمة. واعتبره أحد أبرز قادة العالم الذي ساهم في تحقيق السلام.
وتطرق السيسي إلى أثر كارتر في إلهام ملايين الناس حول العالم من خلال إيمانه بالعدالة والسلام، خاصةً في ما يتعلق باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.
إيمانويل ماكرون: جهود مستمرة
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضاً أعرب عن أسفه لوفاة كارتر، مشيداً بدفاعه المستمر عن حقوق الفئات الضعيفة وسعيه الدؤوب من أجل السلام. وأرسل تعازيه إلى عائلته والشعب الأميركي.
كير ستارمر
أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فقد أعرب عن حزنه لوفاة كارتر، مثنياً على جهود خدمته العامة على مدى عقود. وأكد أن فترة رئاسته، وخاصةً دوره في اتفاقية كامب ديفيد، ستظل محفورة في ذاكرة التاريخ.
وأشاد ستارمر بالتزام كارتر العميق بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، الذي أعاد تعريف مرحلة ما بعد الرئاسة.