مساعٍ دولية مكثفة تتصاعد للتوصل إلى “صفقة شاملة” تنهي أزمة قطاع غزة، وذلك بعد جمود مفاوضات الهدنة الجزئية التي تعثرت في أواخر يوليو الماضي، إثر خلافات بين الأطراف المعنية خلال محادثات الدوحة.
عقبات الهدنة الجزئية
الخلافات السابقة التي عرقلت المفاوضات الجزئية، والتي تتضمن رفض حركة “حماس” نزع سلاحها وعدم قبول إسرائيل الانسحاب الكامل من غزة، إضافة إلى غياب ضمانات لوقف نهائي للحرب، لا تزال تمثل تحديات أمام مساعي التوصل إلى صفقة شاملة.
واشنطن تبذل جهودًا مكثفة مع حكومة بنيامين نتنياهو لدفع هذه المفاوضات قدمًا، بهدف الوصول إلى اتفاق ينهي الصراع الدائر في القطاع.
تفاصيل الصفقة الشاملة
أفادت مصادر مطلعة أن الاتصالات جارية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأميركي دونالد ترامب، للتوصل إلى اتفاق يشمل صفقة شاملة تنهي الحرب على قطاع غزة.
تتضمن الصفقة إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين في عملية تبادل واحدة، بالإضافة إلى نزع سلاح حركة “حماس” وفرض سيطرة دولية على القطاع بقيادة الولايات المتحدة.
تهديد أمريكي لحماس
في حال رفضت “حماس” هذا العرض، فإن الولايات المتحدة ستمنح إسرائيل الضوء الأخضر لشن هجوم شامل على قطاع غزة، بحسب ما ورد في التقارير.
تزامن ذلك مع حديث إعلام إسرائيلي عن هذا المسار الجديد، وسط جمود مفاوضات الهدنة الجزئية عقب انسحاب واشنطن وإسرائيل للتشاور.
خطة لإنهاء الحرب
أفادت القناة الإخبارية 14 عن مصدر سياسي أن “إسرائيل والولايات المتحدة بدأتا تدركان حاجتهما إلى تغيير مسارهما، والانتقال إلى خطة تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن ونزع سلاح حماس ونزع سلاح القطاع”.
وأبلغ المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عائلات الرهائن المحتجزين لدى “حماس” بأنه يعمل مع الحكومة الإسرائيلية على خطة من شأنها إنهاء الحرب في غزة فعلياً.
تفاهمات إسرائيلية أمريكية
ذلك التوجه الجديد لـ”صفقة شاملة” يتصاعد منذ وصول ويتكوف لإسرائيل، وعقب اجتماع مع نتنياهو، قال مسؤول إسرائيلي كبير إن “هناك تفاهمًا بين إسرائيل وواشنطن على ضرورة الانتقال من خطة لإطلاق سراح بعض الرهائن إلى خطة لإطلاق سراح جميع الرهائن ونزع سلاح حماس وإخلاء قطاع غزة من السلاح”.
وفي ضوء تلك الشروط، يرى خبراء أن العقبات التي كانت تواجه الهدنة الجزئية ستتكرر مع مساعي أي صفقة شاملة.
مطالب متبادلة
تتمثل أبرز هذه العقبات في مطالبة إسرائيل بنزع سلاح “حماس”، وكذلك مطالبة الحركة بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع وضمانات لوقف نهائي للحرب قبل تسليم الرهائن.
ويؤكد محللون أن هذه العقبات رئيسية وموجودة منذ بداية حرب غزة، ولم تتغير، مشيرين إلى أن إسرائيل تحاول فرض شروط استسلام على طاولة المفاوضات عبر المطالبة بنزع سلاح “حماس” رغم عدم استطاعة فرضها بالحرب، وهذا يعرقل أي اتفاق سواء أكان جزئياً أم شاملاً ويفجر أي مفاوضات.
موقف حماس من السلاح
وذلك التوجه لاتفاق شامل طالما نادت به “حماس” منذ أشهر، غير أن الحركة الفلسطينية أكدت، في بيان صحافي، عدم تنازلها عن سلاحها.
وقالت الحركة: “تعليقاً على ما نشرته بعض وسائل الإعلام، نقلاً عن ويتكوف، من أن الحركة أبدت استعدادها لنزع سلاحها، نؤكد مجدداً أن المقاومة وسلاحها استحقاق وطني وقانوني ما دام الاحتلال قائماً، وقد أقرّته المواثيق والأعراف الدولية، ولا يمكن التخلّي عنهما إلا باستعادة حقوقنا الوطنية كاملة، وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس”.
ضغوط الشارع الإسرائيلي
كما تزامن هذا المسار الجديد مع ضجة بالشارع الإسرائيلي ومطالبة بالتوصل لاتفاق للإفراج عن كل الرهائن في أسرع وقت، عقب ثلاثة فيديوهات بثتها حركتا “حماس” و”الجهاد” لرهائن في حالة صحية متردية، الأمر الذي لاقى ردود فعل غاضبة داخل إسرائيل وخارجها.
ودعت مسؤولة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، إلى الإفراج “الفوري” عن جميع الرهائن في غزة، مضيفة: “على حماس إلقاء السلاح”.
الوضع الإنساني في غزة
ورغم هذه المساعي الجديدة مع جمود مفاوضات الهدنة، قُتل 26 فلسطينياً على الأقل وأصيب العشرات بنيران الجيش الإسرائيلي في القطاع، بينهم 14 قرب مراكز لتوزيع المساعدات.
فيما قال وزير الخارجية المصري إن الوضع الإنساني والطبي في قطاع غزة “كارثي”، مؤكداً أنه على المجتمع الدولي أن يخجل من الوضع على الأرض.
جهود مصرية تركية
بحث وزيرا الخارجية المصري والتركي الكارثة الإنسانية في قطاع غزة وأهمية العمل على مواجهتها في ظل سياسة التجويع الممنهجة الحالية في القطاع.
وأطلع الوزير المصري نظيره التركي على الجهود التي تبذلها مصر، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، لاستئناف وقف إطلاق النار، والجهود المستمرة التي تقوم بها مصر لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية والإيوائية، وأهمية مواصلة الضغط لزيادة عدد الشاحنات.
حاجة لحلول عقلانية
وفي ظل تلك المتغيرات، يرى خبراء أن الحديث عن نزع سلاح “حماس” قبل قيام الدولة الفلسطينية لن يدفع لأي اتفاق ويزيد العقد، ولا بد من معقولية في تناول الحلول لإنجاز مسار واضح وحقيقي.
ويشيرون إلى أن المشهد في وضع مبهم في ظل موقف منحاز من الولايات المتحدة التي لا تمارس أي ضغوط لحلول عقلانية، ووضعت نفسها طرفاً في الأزمة مما يصعب أي محادثات لاحقة.