انتهت مفاوضات “الهدنة” في قطاع غزة، التي دارت بين أربع عواصم عربية وغربية، هي القاهرة والدوحة وباريس وروما، دون تحقيق تقدم ملموس نحو وقف إطلاق النار أو الإفراج عن المزيد من الرهائن الإسرائيليين والأجانب والذي يُقدر عددهم بنحو 100 رهينة.
استمرار المفاوضات
شهدت المفاوضات في 2024 الكثير من “المماطلات والشروط”، التي كانت أغلبها من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث تراجعت أولويات الإفراج عن الرهائن لديه. وقد دفعت هذه المماطلات نتنياهو لرفض مقترحات بارزة، منها تلك التي قدمها الرئيس الأميركي جو بايدن. ومن المتوقع أن تظهر “انفراجة محدودة” مع تنصيب الرئيس دونالد ترمب في 20 يناير، مع استمرار المفاوضات التي قد تكون شاقة لإنهاء النزاع في ظل عراقيل إسرائيلية متعلقة بوجود “حماس” في المنطقة، وفقًا لخبير عسكري تحدث لـ”الشرق الأوسط”.
تطورات المفاوضات في 2024
بعد أسبوع من الهدنة التي أُبرمت بوساطة في 24 نوفمبر 2023، عاود نتنياهو التراجع عن موقفه، وأشار خلال محادثات في باريس في 28 يناير 2024 إلى “وجود فجوات كبيرة”، معتبرا مطالب “حماس” “وهمية”. تكرر الأمر بعد مفاوضات في القاهرة في 13 فبراير وباريس في أواخر الشهر نفسه.
وفي 18 مارس 2024، لم تسفر المفاوضات التي جرت في الدوحة عن مستجدات، وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن “حماس” لا تقترب مما ترغب إسرائيل بقبوله. وتمسكت “حماس” بشروط لوقف إطلاق نار دائم قبل المضي قدمًا في أي اتفاق.
تعثر المفاوضات المستمرة
في مايو 2024، اجتاح نتنياهو منطقة رفح الفلسطينية، مما أدى إلى فشل مقترح مصري كانت “حماس” قد قبلته. ووجهت الدوحة حينها اتهامات بإدخال المفاوضات في طريق مسدود. في نهاية الشهر نفسه، طرح جو بايدن خارطة طريق جديدة، لكن المحادثات التي جرت في 10 و11 يوليو بالقاهرة و27 من الشهر ذاته في روما لم تحقق أي تقدم.
في أغسطس 2024، اتهمت صحيفة “نيويورك تايمز” نتنياهو بأنه عرقل إبرام صفقة وقف إطلاق النار من خلال فرض شروط جديدة قبل اجتماع روما. لكن مكتبه نفى هذه الاتهامات، وأرسل وفداً للمفاوضات في الدوحة في 16 من الشهر نفسه، حيث قدمت واشنطن مقترحًا جديدًا لسد الفجوات المتبقية، لكن لم تسفر الجولة في القاهرة عن أي تقدم أيضًا.
العودة للمفاوضات
شهدت مفاوضات الهدنة عودة في أواخر أكتوبر 2024، حيث اللقاء الذي عُقد في الدوحة بين رئيس الموساد ديفيد برنياع ورئيس السي آي إيه ويليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، حيث نوقش مقترح لوقف إطلاق النار لمدة 28 يوماً، بالتزامن مع إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مقترح جزئي للهدنة.
كما كُشف في مطلع نوفمبر 2024 عن أفكار هدنة جديدة اقترحتها مصر وقطر، وسط تحفظ من “حماس” التي اعتبرت الاقتراحات غير كافية لتلبية احتياجات الفلسطينيين. وفي نفس الشهر، أعلنت الدوحة تعليق مشاركتها في الوساطة بسبب عدم وجود جدية من الطرفين.
أفكار جديدة في ديسمبر
مع دخول شهر ديسمبر 2024، جاء وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ليعلن خلال مؤتمر صحافي عن وجود “أفكار مصرية” لمناقشتها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار. في الوقت نفسه، أوضح رئيس الوزراء القطري أن بلاده ستعود للوساطة مع تزايد الزخم بعد انتخاب ترمب.
على الجهة الأخرى، جرى اتصال هاتفي بين نتنياهو وترمب بشأن ملف الرهائن، ووصل مستشار الأخير لشؤون الرهائن آدم بوهلر إلى إسرائيل للمشاركة في التحركات الدبلوماسية. ورغم هذا الحراك الدؤوب، لم تسفر زيارة ويليام بيرنز إلى الدوحة التي كانت تهدف لبحث الصفقة عن نتائج جديدة.
الخلافات المستمرة
بينما تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن قرب بلاده لإبرام اتفاق هدنة، أشارت صحيفة “جيروزاليم بوست” إلى تقديم إسرائيل قائمة جديدة تضم 11 رهينة لا تنطبق عليهم معايير “حماس”. وفي أعقاب محادثات في القاهرة، أكدت “حماس” و”الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” أن الاتفاق أصبح قريبًا، شريطة توقف العدو عن فرض شروط جديدة.
في 25 ديسمبر، أعلنت “حماس” أن نتنياهو وضع شروطًا جديدة حول الانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى، مما أجل التوصل للاتفاق الذي كان في متناول اليد. اعتبر نتنياهو التغييرات الجديدة “تراجعًا عن التفاهمات”.
آراء تحليلية
في ظل التعثر الدائم، ناقش رئيس الوزراء القطري مع وفد من “حماس” في الدوحة سبل دفع المفاوضات للأمام. ووفق مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، هناك تحذيرات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل الموعد المحدد لترمب، فإن الاتفاق قد يتأخر لشهور. الأكاديميون يشيرون إلى أن الفصائل تريد كسر الجمود، لكنها لا تريد تقديم تنازلات كبيرة.
يرى اللواء سمير فرج أن نتنياهو قد عمد إلى تعطيل الهدنة عامًا كاملًا لتجاوز الانتخابات الأميركية ولمنح ترمب المكافأة السياسية لإعلان الصفقة، مؤكداً أن الحرص على مواصلة الحرب أصبح أهم من حماية أرواح الرهائن. ورغم ذلك، يتوقع فرج انفراجة محتملة مع تنصيب ترمب.