تتزايد المخاوف من تصاعد النفوذ الروسي داخل المؤسسات الأوروبية، حيث يظهر ذلك جليًا من خلال بروز أحزاب وسياسيين موالين لموسكو، مما ينذر بتهديد لوحدة الاتحاد الأوروبي واستراتيجياته. ويعتمد هذا التنامي على استغلال قواعد الاجماع والتي تسمح لدولة واحدة بتعطيل القرارات، كما يتضح من موقف رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الذي هدد باستخدام حق النقض ضد العقوبات المفروضة على روسيا، بحسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.
النفوذ الروسي في البرلمان الأوروبي
أنشأت مجموعة «وطنيون من أجل أوروبا» في البرلمان الأوروبي، والتي تضم أحزاباً قريبة من روسيا مثل حزب «فيدس» المجري، بزعامة أوربان، وحزب «الحرية» النمساوي، و”رابطة ماتيو سالفيني» الإيطالية. هذه المجموعة، التي تعد الثالثة في البرلمان، تتبنى مواقف معارضة لدعم أوكرانيا، حيث وصف بيتر فيالا، رئيس الوزراء التشيكي، المجموعة بأنها تخدم المصالح الروسية بوعي أو بغير وعي.
تستمر الأنشطة السياسية للمجموعة في إثارة قلق العديد من المشرعين، خاصة في ظل احتمال تأثيرها على القرارات المصيرية داخل الاتحاد الأوروبي. يعكس هذا الوضع الانقسام الداخلي الذي بدأ يتسلل إلى العلاقات بين الدول الأعضاء.
تمويل روسي وشبهات فساد
تتزايد الاتهامات ضد بعض أعضاء البرلمان الأوروبي، مثل نواب حزب «البديل من أجل ألمانيا»، بتلقي دعم مالي من الكرملين لنشر الدعاية الروسية. وفي هذا السياق، أبدت ماريا مارتيسيوت، من «مركز السياسة الأوروبية»، قلقها بشأن هذا الوضع، حيث وصفته بأنه يشكل «تهديدًا منهجيًا» للاتحاد، وخصوصًا في وجود «خائن حول الطاولة» يعوق اتخاذ القرارات داخل الهيئات الأوروبية.
تشير هذه الاتهامات إلى تحديات متزايدة تواجهها المؤسسات الأوروبية في مواجهة التدخلات الخارجية، مما يتطلب استجابة الفاعلين السياسيين لتعزيز الشفافية والحفاظ على نزاهة العمليات السياسية.
تصاعد نفوذ روسيا في دول أوروبية
تتجلى ملامح التوجهات المؤيدة لروسيا في بعض الدول الأوروبية، مثل سلوفاكيا، التي شهدت زيارة رئيس وزرائها، روبرت فيكو، إلى الكرملين. وفي النمسا، يتشكل ائتلاف حكومي بقيادة هربرت كيكل، الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع حزب «روسيا الموحدة» برئاسة الرئيس فلاديمير بوتين. كذلك، في جمهورية التشيك، تلوح في الأفق إمكانية عودة الرئيس الشعبوي السابق أندريه بابيس إلى السلطة، مما قد يعزز من النفوذ الروسي في المنطقة.
تعكس هذه التحولات السياسية الحاجة الملحة للاتحاد الأوروبي لتعزيز مساعي الحفاظ على الأمن واستقرار الدول الأعضاء في مواجهة أي تهديدات خارجية.
الحاجة إلى تعزيز الحماية من التدخلات
تتضافر الجهود لتعزيز حماية مؤسسات الاتحاد الأوروبي من التدخلات الخارجية، حيث أكدت ناتالي لوازو، عضوة البرلمان الأوروبي، على ضرورة تحسين شفافية تمويل الأحزاب بالإضافة إلى مراقبة لقاءات النواب مع الجهات الخارجية. كما يتم العمل على ضمان سرية المناقشات في اللجان الحساسة، بهدف الحفاظ على نزاهة العملية السياسية.
تعتبر هذه الخطوات مهمة لضمان عدم التأثر بالضغوط الخارجية وحماية الوحدة الأوروبية من المخاطر التي قد تهدد استقرارها وأمنها في المستقبل.