الخميس 7 أغسطس 2025
spot_img

منظمات الإغاثة بالساحل الأفريقي.. مطرقة العسكر وسندان المتطرفين

spot_img

تواجه المنظمات غير الحكومية العاملة في منطقة الساحل تحديات متزايدة، حيث تجد نفسها في مرمى اتهامات متبادلة بين الحكومات والمجموعات المتطرفة. هذه المنظمات، التي يعتمد عليها نحو 30 مليون شخص لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، مهددة بتقويض قدرتها على العمل في منطقة تعتبر مركزًا للإرهاب العالمي.

تحديات إنسانية متفاقمة

تتركز الاحتياجات الإنسانية الحادة في منطقة الساحل الوسطى، خاصة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث يعتمد نحو 15 مليون شخص على المساعدات الضرورية. المجالس العسكرية الحاكمة، التي تولي الأولوية للسيادة ومكافحة الإرهاب، تزيد الضغوط على المنظمات غير الحكومية الممولة من الخارج.

في بوركينا فاسو، تم سحب تراخيص 21 منظمة غير حكومية في شهر واحد لأسباب إدارية، بينما تم تعليق عمل ثلاث جمعيات أخرى. وفي مالي المجاورة، تم تعليق عمل المنظمات غير الحكومية الممولة أو المدعومة من فرنسا منذ عام 2022، مع خطط لفرض ضريبة بنسبة 10 في المائة على تمويل المنظمات غير الحكومية.

اتهامات بالتخريب والإرهاب

يفرض المجلس العسكري في النيجر على المنظمات غير الحكومية تنسيق أنشطتها مع أولوياته، بما في ذلك تعزيز الأمن وتطوير مراكز الإنتاج. وفي نوفمبر الماضي، تم إلغاء تراخيص مجموعة “أكتيد” الفرنسية وجمعية “أكشن فور ويلبيينغ”.

بعد شهرين، اتهم وزير الداخلية النيجري العديد من المنظمات غير الحكومية بتنفيذ “مهام تخريبية” من خلال “الدعم الذي تقدمه للإرهابيين”. وفي فبراير الماضي، أُمرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمغادرة البلاد بتهمة “التواطؤ مع الإرهابيين”.

تهديدات الجماعات المتطرفة

بالإضافة إلى ضغوط المجالس العسكرية، تواجه المنظمات غير الحكومية هجمات من جماعات متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش، التي تعتبرها تهديدًا لسلطتها. شهدت منطقة الساحل في عام 2024 أكثر من نصف الوفيات الناجمة عن الهجمات الإرهابية في العالم.

“أوتشا” تفيد بمقتل 26 عامل إغاثة على الأقل في منطقة الساحل العام الماضي، وإصابة واختطاف آخرين في 116 حادثًا أمنيًا. هذه التحديات الأمنية تجبر المنظمات على تقليص عملياتها والتركيز على مناطق محدودة.

قيود على العمل الإنساني

يقول عامل إغاثة من بوركينا فاسو إن العمليات تقتصر الآن على عدد قليل من المدن، مع تفضيل النقل الجوي المكلف بسبب المخاطر الأمنية. وفي النيجر، تعتمد العديد من المنظمات على الموظفين المحليين لتقليل المخاطر.

في أكتوبر الماضي، أوقفت منظمة “أطباء بلا حدود” عملياتها في بلدة دجيبو بشمال بوركينا فاسو بعد هجمات على مرافقها. وقبل ذلك، اضطرت المنظمة إلى مغادرة مدينة ماين سوروا في النيجر بسبب هجمات بوكو حرام.

استهداف ممنهج للمنظمات

يؤكد المحللون أن استهداف المنظمات غير الحكومية يأتي في سياق سعي الجماعات المتطرفة لترسيخ نفسها كسلطات بديلة. جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” المرتبطة بالقاعدة أعلنت أنها لن تسمح للمنظمات غير الحكومية بالعمل في المناطق الخاضعة لسيطرتها إلا إذا كانت أنشطتها لا تتعارض مع مبادئها الدينية.

وتفرض المجالس العسكرية على المنظمات غير الحكومية التحرك برفقة مسلحين، وهو إجراء يهدف ظاهريًا إلى تأمين الطواقم، ولكنه يُنظر إليه على أنه وسيلة لمراقبة أنشطتها. يرى عامل إغاثة من بوركينا فاسو أن المرافقة العسكرية يمكن أن تعرقل العمل وتجعلهم عرضة لهجمات الأطراف المتحاربة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك