في ظل المشاورات المصرية والعربية الرامية إلى وضع «خطة عربية متكاملة» لإعادة إعمار قطاع غزة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في مدريد، موقف بلاده الرافض لتهجير الفلسطينيين، مشيداً بالتزام إسبانيا بالقضية الفلسطينية.
مباحثات في مدريد
عقد الرئيس المصري جلسة مباحثات مع سانشيز في العاصمة الإسبانية، حيث تم تناول المستجدات المتعلقة بالحرب في غزة ومستقبل القضية الفلسطينية. وفي مؤتمر صحافي مشترك، أكد السيسي على أهمية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والأسرى، بالإضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية لإنقاذ سكان غزة من الأوضاع المأساوية التي يواجهونها.
كما شدد السيسي على أهمية دعم المجتمع الدولي لتبني خطة إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، مشيراً إلى أهمية الإسراع في عمليات الإغاثة والتعافي مبكراً. وأضاف: «الوطن الذي يتمسك به الفلسطينيون يجب أن يبقى لهم، وتحقيق ذلك يتطلب التنسيق مع المنظمات الدولية، وخاصة وكالة الأونروا التي تلعب دوراً حيوياً في تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية للشعب الفلسطيني».
موقف إسباني داعم
السيسي أعرب عن تقديره للموقف الإسباني الذي اعتبره شجاعاً وتاريخياً من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. وأكد على ضرورة السعي لإحياء عملية السلام سعياً لتأسيس دولة فلسطينية تستند إلى قرارات الشرعية الدولية.
بدوره، أكد رئيس الحكومة الإسبانية موقف بلاده الرافض لتفريغ الفلسطينيين من أراضيهم، مع التزام إسبانيا بدعم القمة العربية المرتقبة في القاهرة حول إعادة إعمار غزة. كما شدد على أهمية تحقيق حل الدولتين وفقاً للمعايير الدولية.
تصور شامل للتعافي
في اتصالات منفصلة، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، وضع تصور شامل لإعادة الإعمار والتعافي المبكر في غزة. وأعرب عن الأمل في توفر دعم دولي للمساعي المصرية. في السياق نفسه، أوضح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن القاهرة تعد خطة لإعادة إعمار القطاع بالتعاون مع مكاتب استشارية متخصصة على أن تستغرق ثلاث سنوات.
وزارة الخارجية المصرية أعلنت عزمها على استضافة قمة عربية طارئة لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية في الرابع من مارس المقبل، بعد تأجيل القمة المقررة في 27 فبراير بسبب التحضيرات اللازمة.
مشاورات مكثفة
تمت الدعوة لعقد القمة الطارئة بعد اقتراح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب بتهجير سكان غزة وتحويل المنطقة إلى ما سماه «ريفييرا الشرق الأوسط»، وهو ما قوبل برفض واسع من العالم العربي والمجتمع الدولي. وفي هذا الإطار، تجري القاهرة مشاورات مع الدول العربية لتحويل مقترحها لإعادة إعمار غزة إلى خطة عربية متكاملة.
المصدر المصري المطلع أشار إلى أن الافكار المصرية ستكون أساساً للخطة العربية، التي ستضع مراحل العمل والتقسيم الزمني لإعادة إعمار القطاع. ومن المتوقع أن يتم اعتماد الخطة في القمة الطارئة بعد مناقشتها في القمة الخماسية المصغرة المقبلة.
الأبعاد المالية للخطة
المقترحات المتعلقة بإعادة الإعمار تتضمن إنشاء مناطق آمنة لتسوية السكان خلال الفترات الأولى من التعافي. وكذلك، أشار خبراء إلى أن حوالي 40% من غزة يمكن أن يتم تجهيزه وإعادة تأهيله. وأكدوا أن خطة إعادة الإعمار ستكون بمثابة رد على الخطط الإسرائيلية والأمريكية التي تروج للإقامة المؤقتة للاجئين.
مصادر أمنية مصرية أفادت بأن تكلفة إعادة الإعمار قد تصل إلى 20 مليار دولار، بمشاركة مالية من دول المنطقة. وعلق سيناتور أمريكي خلال زيارة لإسرائيل بأن زعماء العرب يدركون جيداً الأبعاد الحقيقية لدورهم في هذه الأزمة.
